الارتقاء بمستوى اجتماعات مجلس الإدارة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

إن أسلوب استخدام عامل الوقت في الاجتماعات هو الفيصل الذي يحدد مستوى اجتماعات مجالس إدارة المنظمات غير الربحية، حيث يتم استغلال الوقت بالكفاءة الضرورية خلال الاجتماعات، بالإضافة إلى اعتباره عنصراً هاماً لضمان تحقيق الإنتاجية والنجاح التنظيمي. إن نجاح اجتماعات مجلس الإدارة يتوقف على مدى التركيز على القضايا الهامة وإغفال النقاط غير المرتبطة بجدول الأعمال. أتذكر هنا وجهة نظر (إبراهم لنكولن) التي تقول (يمكن تركيز الكلمات المطولة إلى كم محدود مهما كان كم الأفكار) ومما يؤسف له أن هذه الفكرة لا تنطبق فقط على اجتماعات مجالس الإدارة، وإنما كذلك على معظم المنشورات الخاصة بالإدارة. ولذلك فنحن هنا بصدد تركيز بعض المعلومات المتعلقة بعملية عقد اجتماعات مجالس إدارة المنظمات غير الربحية حتى نستخلص منها أهم السمات التي تميز أسلوب انعقاد تلك الاجتماعات، والمشاركة فيها.

 

أسلوب الترتيب

يجب أن تركز الاجتماعات على القضايا الإدارية العامة و ليست المسائل المتعلقة بالإدارة التنفيذية، حيث يعد التميز بين مجالي الإدارة العامة والإدارة التنفيذية من أكثر الأمور التي تسيء مجالس الإدارة فهمها.

كما يجب أن تميز الاجتماعات بحسن استغلال وقت أعضاء مجلس الإدارة خلال فترة انعقادها حتى تصل إلى المستوى المطلوب، نظراً للمنافسة القائمة للاستفادة من الوقت المحدود، وفكر الأفراد الذين يقدمون الخدمات الخيرية. هذا وتعتبر الاجتماعات فرصة يظهر فيها أعضاء مجلس الإدارة دعمهم لرسالة المنظمة، والأنشطة التي تقوم بها، كما أنها فرصة يمكنهم من خلالها تحقيق أغراضها الطيبة، وممارسة الأعمال الخيرية.

وسنحاول فيما يلي استعراض أسلوب وخطوات عقد الاجتماع الفعال لمجالس الإدارات.

 

أولاً: تحديد المهام

أ -. تشكيل وواجبات مجلس إدارة المنظمة غير الربحية.

نبدأ بالنظر إلى دور المحدد الخاص بمجلس الإدارة، أو مجلس الأوصياء الخاص بأي من المنظمات غير الربحية حيث ينتمي أعضاؤها إلى خلفيات متنوعة: فمنهم المسؤولون التنفيذيون في الشركات، والمحامون، والأطباء، والمحاسبون، ومسئولو الخدمات التنفيذيون، والأكاديميون، والعاملون في مجال الإنشاء وغيرها من الوظائف.

يجتمع هؤلاء بصورة دورية بغرض تدبير التمويل للمنظمة، وإنفاقه في الأغراض الخاصة بها، وليس بغرض تحقيق الربح لأنفسهم. على أن يتصف الإنفاق بالحكمة والفعالية طبقاً لأهدافهم.

ويتعذر على الأعضاء الحكم على النجاح والفشل باستخدام بيان الأرباح و الخسائر الذي يصدر عن الإدارة المالية، ولكن عليهم قياس النجاح بأساليب مختلفة، منها حصر عدد الشباب الذي تمكن من الحصول على السكن، وعدد الوجبات التي قدمت للمسنين في منازلهم، وهكذا. ومن هنا يتضح ضرورة الحصول على التمويل عن طريق تقديم صور تحفز النوايا الخيرية لدى الآخرين كما تقع على عاتق أعضاء مجلس الإدارة أيضاً مسؤوليات قانونية بالإضافة إلى مهمة كسب ثقة الجمهور، حيث أنهم مسؤولون قانوناً عن حماية المنظمة من الأضرار، وضمان شرعية جميع أعمالهم، والتأكد من وضع الإطار القانوني الخاص بمجموعة الموظفين والمسؤولين بما يحقق مصالح المؤسسة، كما يمكن أن يتعرض الأعضاء منفردين أو مجتمعين للمسألة القانونية في حالة الإخلال بإحدى مسؤولياتهم.

وهكذا، فإن اجتماعات المنظمات غير الربحية تبدأ عادة بروح عالية، وتنتهي بشعور بالإنجاز الفعلي والجدية في العمل يدركه كل الأعضاء، ويعد ذلك من المهام الهامة. و يعرفها أعضاء مجلس الإدارة. هذا الكتيب موجة إلى العديد من السيدات والرجال على السواء، الذين يكرسون وقتهم للعمل بلا مقابل كأعضاء في مجالس الإدارة بالمنظمات غير الربحية، وذلك لمساعدة رؤساء مجالس الإدارة، أو العاملين بها، أو معها، لزيادة فعالية العمل وكفاءته، وبالتالي الحصول على العائد من الإنجاز.

 

ب -. مسار اجتماعات مجالس الإدارة

الاجتماعات هي الأوقات التي يستقطعها أعضاء مجالس الإدارة من حياتهم اليومية ويكرسونها للقيام بمسؤولياتهم تجاه المنظمات غير الربحية، يقوم مجلس الإدارة عادة بالموافقة على الاستراتيجيات طويلة المدى، ووضع السياسات الخاصة بمجلس الإدارة. وتتضمن وظائف مجلس الإدارة الرئيسية تخصيص الموارد، سواء البشرية أو النقدية، بغرض تحقيق أهداف المنظمة. يجب أن يقوم أعضاء مجلس الإدارة بتقييم مقترحات الإدارة بشأن الفرص والمخاطر بالإضافة إلى اتخاذ القرارات الاستراتيجية التي يمكن من خلالها استخدام تلك الموارد على أفضل وجه.

ينحصر دور مجلس إدارة المنظمة غير الربحية واجتماعاته في ثلاثة مجالات:

1) الفلسفة والمبادئ والسياسات 2) اتخاذ القرارات 3) التحكم، والمعوقات، والحرية

 

أولاً: تتمثل الفلسفة والمبادئ و السياسات في رسالة المنظمة في المسؤولية عن التوجه الاستراتيجي للمنضمة، والتأكد من تحقيق واستقامة الأغراض المؤسسية. والحفاظ على الهوية، وقيادة أعمال المنظمة، بالإضافة إلى التأكد من الالتزام بنص وروح القوانين والنضم، وقبول المسؤولية فيما يتعلق بالجوانب المالية.

ثانياً: يختص اتخاذ القرار بالمخاطر الإدارية التي تواجهها المؤسسة. بحيث تقوم الإدارة في العادة بتنظيم الموارد وإعداد القضايا لعرضها على مجلس الإدارة، إلا أن مجلس الإدارة يظل مسؤولاً عن التأكد من أنة على دراية وافية بجميع الأمور، حتى و إن تطلب ذلك تطوير مصادر جديدة للمعلومات ومنظورات و أساليب جديدة للتعامل مع الجوانب غير المؤكدة.

 

ثالثاً: تغطى الأمور المتعلقة بالتحكم والسيطرة نطاقاً واسعاً يتضمن الوعي الاجتماعي، والتكنولوجي، والاقتصادي، والسياسي، الذي تعمل من خلاله المؤسسات وتتطلب الاتجاهات الخاصة بمستقبل المنظمة والقضايا الهامة التي تعمل بها أسلوباً جديداً في العمل، و موقفاً متطوراً تجاه دور مجلس الإدارة الذي يجب أن يسعى للتقدم المستمر حتى يصل إلى الفعالية المطلوبة في عملية إدارة المنظمة. يعتبر مجلس الأوصياء فعالاً عندما يتمكن من وضع أعماله في إطار المذكور سابقاً.

تسبب بعض الخواص الشائعة بين المنظمات غير الربحية ومجالس الإدارة إدارتها مشاكل عند عقد الاجتماعات. إحداها كيفية التعامل مع التفاعلات البشرية، وخاصة عندما يكون معظم المشاركين من المتطوعين. أما بالنسبة للموظفين في المنظمات الغير الربحية، فهناك شعور متأصل لديهم بالاسترخاء، أو عدم الشعور بضرورة اتخاذ خطوات عاجلة لإنجاز المهام المختلفة، ذلك لعدم وجود الأسلوب الصحيح، الذي يمكن من خلاله أن يصبح التقييم جزأً من خطوات العمل، حيث أن الأسلوب الذي يتبع في المحاسبة والمساءلة أسلوبا ًغير مباشر.

يعتبر الفاقد بصفة عامة هو المعيار الاقتصادي الشائع بين الشركات في مجال الأعمال التجارية، إلا أن هذه النقطة غير واضحة بالنسبة للمنظمات غير الربحية، ويمكن أن يسود القلق تجاه عدم انضباط اجتماعات مجالس الإدارة، سواء في حالة المنظمات غير الربحية. وأشير هنا إلى الوضع النفسي، والشخصيات، والمناورات الخاصة بحب الذات، وجداول الاجتماعات غير المعلنة، والسياسات، وتدخل الأغراض الشخصية والأهواء والعواطف، وتعارض المصالح، والسعي وراء الاعتراف بالمنظمة، وتحقيق الوضع المناسب لها.

وهناك من يقول إن عملية التعاطف تتطلب وقتاً طويلاً. وينطبق ذلك فعلاً عندما يكون الغرض من الاجتماع مساعدة المحرومين، وتحقيق منفعة عامة. حيث أن الوقت في المجالات العامة يساوي النقود، ويقضي الكثيرون وقتاً طويلاً لا ينتهي في اجتماعات ليتمكنوا من سداد ديونهم تجاه المجتمع.

طبقاً لما سبق ذكره تصبح الاجتماعات التطوعية الخاصة بمجالس إدارة المنظمات غير الربحية مناسبات يفي خلالها الشخص بالتزامه تجاه الخدمات التطوعية، بل و تعتبر غالباً عنصراً هاماً من العناصر المكونة لمسار المشاركين العملي وتحقيق الذات. يمكن أن تصبح الاجتماعات فرصاً لاكتساب الخبرات والتعلم، ومناسبات للالتقاء بأشخاص آخرين من المهتمين بنفس الأمور. وتعد الاجتماعات التطوعية أسساً لتنمية العلاقات الشخصية، خاصة بالنسبة للذين يفتقرون إلى الفرصة للالتقاء بالآخرين، أو تقديم الخدمات لهم من خلال نطاق العمل العادي أو الوظيفة أو المهنة التي يعملون بها.

وفي إيجاز فإن \"تحديد المهام\" بالنسبة لمجلس إدارة المنظمات غير الربحية يعني التخطيط والإدارة العامة بغرض استمرار المنظمة وتنمية الموارد، بما في ذلك العنصر الهام جداً وهو الوقت. وبالتالي يمكن أين يقدم المشاركون المستعدون للاضطلاع بتلك المسؤوليات مساهمات إيجابية بالإضافة إلى قبول الالتزامات القانونية برضى وأمانة تامة.

 

ثانياً: الاستعداد

أ -. الاجتماعات الهادفة

يمكن أن يؤدي اجتماع مجلس الإدارة الذي يعد جيداً بهدف الوصول إلى غرض واضح إلى تحريك الأمور على مسار الإنجاز. وهكذا يجب أن يتسم الاجتماع بالوضوح والجدية بحيث:

يوفر للأعضاء المعلومات، والتعليم، والإقناع، بل والحافز.

يعالج المشاكل التي تطرأ بين الأفراد أو الأطراف المختلفة المعنية، وأن يؤدي إلى اتخاذ القرارات الصحيحة.

يتضمن دراسة الاتجاهات الاستراتيجية.

يحفز ويدعم المناقشات حول القضايا الهامة.

يجب أن يراعي عند الإعداد أن اجتماعات مجلس الإدارة تستغرق وقتاً طويلاً من الكثير من الناس، سواء القائمين على الإعداد، أو المشاركين، ومجموعة الدعم، حيث يمكن أن تتسبب الاجتماعات المطولة التي تعقد للوصول إلى الاتفاق والقرارات في تأخير تنفيذ البرامج والمشروعات والمبادرات، بل وإجراء التغييرات الضرورية واتفاقيات التعاون. ويتضح من ذلك ضرورة مراعاة عملية تخصيص الوقت ومراعاة عملية تخصيص الوقت مراعاته عند الإعداد للاجتماعات وعقدها بالأسلوب الذي يضمن صحة إدارة تلك الموارد.

 

ب. نظم المعلومات

تعتبر نظم المعلومات الخاصة بمجلس الإدارة من أهم الأمور الخاصة بوضع برامج الاجتماعات الفعّالة، ويجب أن يتميز نظام المعلومات بما يلي:

أن يكون ملائماً وسهل الاستخدام قبل وخلال الاجتماع حتى يعطي مضموناً للاجتماع. ويتطلب ذلك توفير التقارير المالية، والخاصة بالسياسات، والتقارير الأخرى المرتبطة بموضوع المناقشة، بالإضافة إلى جدول الأعمال المفصّل، وذلك قبل تاريخ عقد الاجتماع، كما يجب أن يتولى كل من رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي وضع جدول الأعمال.

يسمح لمجلس الإدارة باستخدام المعلومات المطلوبة بكفاءة عند القيام بأعماله. ويتطلب ذلك القيادة الصحيحة، التي تتمكن من الاحتفاظ بالمسار الصحيح للمناقشة، وتخصيص الوقت الكافي للأمور الهامة.

يلغى التفاصيل غير الجوهرية حتى تتوافر أمام المشاركين الحقائق والملاحظات الهامة، ويفضل توفير المعلومات قبل الاجتماع بفترة كافية، بحيث يمكن إعداد دراسة متأنية، على أن تتضمن ملخصاً جيداً و واضحاً للأمور المتعلقة بسياسة المنظمة، والنقاط الهامة، والتوصيات المقدمة من المدير التنفيذي ورؤساء اللجان.

أن يكون مرتبطاً بغرض وأهداف المناقشات المدرجة في برنامج الاجتماع. ويتطلب ذلك من رئيس مجلس الإدارة توجيه مسار الاجتماع بدقة، بحيث يسمح بطرح جميع وجهات النظر.

أن يمكن مجلس الإدارة من تحقيق أغراضه، حيث يجب أن يسعى رئيس مجلس الإدارة إلى أن يغطي الاجتماع أكبر قدر ممكن من بنود جدول الأعمال، ويتطلب ذلك خبرة خاصة وبعض التدريب حتى يمكن، بالاشتراك مع المدير التنفيذي وأعضاء مجلس الإدارة البارزين، وضع استراتيجية للاجتماع، والخطط التي تساعد الأعضاء على تغطية الجوانب الهامة، والوصول إلى النتائج المرجوة بشأن السياسة التي يلزم انتهاجها.

 

ج. التخطيط لجدول الأعمال

يساعد التخطيط لجدول الأعمال على استفادة مجلس الإدارة من المعلومات التي يتلقاها بصورة منتظمة حتى يتمكن الأعضاء من الوصول إلى قرارات جماعية، أو اتخاذ موقف معين تجاه السياسة التي يجب اتباعها في الوقت المناسب. كما يمكن وضع البنود التي يتكرر ظهورها في جدول الأعمال على أساس تواريخ الاجتماعات التي تعقد بانتظام حتى يمكن أن تخضع خلالها للبحث.

كنت عضواً بمجلس أوصياء إحدى الكليات لفترة من الزمن، وخلال تلك الفترة كان التخطيط لجدول الأعمال من المهام الأساسية، حتى صار يعتبر فناً في حد ذاته. استمر مجلس الإدارة الأوصياء ولعدة أعوام يقضى ساعات مطولة في الاجتماعات التي تتسم بالخلافات الشديدة حول الكثير من المشاكل الخاصة بكلية صغيرة الحجم، مع السماح لكل الأطراف المعنية أو مؤسس من مؤسسي الكلية (أو المدينة) بفرصة لمخاطبة مجلس الإدارة.

بدأنا بوضع هيكل النظام الجديد للمعلومات، وذلك بعد الاتفاق عليه مع رئيس مجلس الإدارة، وتمثيل الهيكل في برنامج للتخطيط لجدول الأعمال الخاص بلجان مجلس الإدارة واجتماعات مجلس الإدارة نفسه. استغرقت عملية إعادة صياغة الأسلوب المتبع في انعقاد الاجتماعات تدريجياً خمسة أعوام، تميزت خلالها اجتماعات مجلس الإدارة واللجان بالفاعلية والكفاءة، نظراً لاتباع الإرشادات الخمسة سابقة الذكر، والخاصة بنظم المعلومات. وبعد مقاومة طبيعية للتغير، شعر جميع الأوصياء وهيئة التدريس والعاملين بالرضا تجاه أسلوب الإعداد الجديد المتبع. وأصبحت أهداف كل اجتماع من الاجتماعات واضحة مقدماً، مما يحقق المزيد من التقدم المستمر.

وقد نجح تحديد الأولويات، ووضع الخطوط العريضة بشكل مفصل، في تمكين مجلس إدارة الكلية خلال اجتماعاته من التركيز على البنود الهامة، ومع ذلك أتاح سماع المؤسسين. ويرجع ذلك إلى الجهود التي بذلت للاحتفاظ بالمناقشات في الإطار والمسار المطلوب. وحتى يتحقق ذلك كان رئيس مجلس الإدارة لا يسمح بقراءة التقارير أثناء انعقاد الاجتماع، بل ويقاطع الشخص الذي يقدم عرضاً مشتتاً يفتقر إلى الموضوعية، ويخصص وقت الاجتماع للمناقشات، وليس لتبادل المعلومات. وفي بعض الأحيان، كانت تعقد جلسات منفصلة تخصص للمعلومات، حيث يتم خلالها التحدث باستفاضة عن الخطط والمشاكل على أن تعقد إما قبل أو بعد اجتماعات مجلس الإدارة الرسمية، ويكون حضور هذه الجلسات اختيارياً، إلا أن مجلس الإدارة كان يشجع الجميع على حضورها.

يتميز جدول الأعمال المخطط لاجتماعات مجلس الإدارة بتحديد الوقت، حيث ي

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply