أهمية التنظيم في حياتنا


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

تعاني الكثير من دول العالم الثالث من سوء التنظيم في أمورها العامة أو من عدم تطبيق التعليمات والأنظمة بالشكل الصحيح ويعود ذلك غالباً إلى سوء الأنظمة أو عدم وضوحها أو عدم الجدية في التقيد والالتزام بها ويؤثر هذا سلباً على تعامل الأفراد فيما بينهم وبين مؤسسات الدولة أو في أمورهم الخاصة وعادة ما ينتج عن سوء التنظيم اختلاط في الأمور وعدم وضوح للرؤية لدى المسؤولين وموظفيهم لا سيما عند تعاطيهم مع التعليمات التي وضعتها الدولة من اجل تقنين التعامل السليم مع هذه الأنظمة فتتعطل بسبب ذلك المصالح ويبدأ التذمر من المواطن وقد يصل الأمر إلى فوضى عارمة تسود مؤسسات الدولة وتشل حركتها وتؤخر نمو الدولة وتقدمها. ويلمس المراجع لبعض الدوائر والمؤسسات لدينا أنها تعيش حالة غاية من سوء التنظيم وعدم انضباط سواء فيما يتعلق بتعامل الموظف مع المراجع أو في تعامل الموظف مع الأمور المتعلقة بمعاملات مراجعيه وينعكس نوع التعامل الفردي والجماعي مع التنظيم على أعمال هذه المؤسسة فيحدث مثلا أن يسأل مراجع عن مسألة تخص قضية متعلقة به فلا يجد من يجيبه عليها لان التعليمات الخاصة بهذه القضية ليست بالوضوح الكافي لأن يفهمها الموظف حتى ينقلها بشكل صحيح للمراجع ويصادف كذلك أن يتابع شخص معاملة خاصة به فلا يجدها بسهولة لأن الموظف المعني بها لم يحسن وضعها في مكان واضح أو بشكل يمكنه من استرجاعها متى ما دعت الحاجة لذلك ولا نجانب الحقيقة حين نقول أن البعض من المسؤولين يقف عاجزاً عن معالجة وضع كهذا ربما لأنه لا يهتم شخصيا بحالة الفوضى التي يجد عليها نفسه أو موظفي إدارته أو لكونه مشغولا بأمور أخرى أو ليس لديه الوقت الكافي لمتابعة هؤلاء ومعرفة أدائهم وطريقة التنظيم المتبعة في التعامل مع معاملاتهم ولا شك أن سوء التنظيم بشكل عام يحدث إرباكا للموظف ويفسر بعض حالات العصبية التي تلاحظ على بعض الموظفين عند تعاملهم مع مراجعيهم كما يسبب مضيعة للوقت للموظف والمراجع معا ويضعف الأداء العام للمؤسسة ككل مما قد ينعكس سلبا على المجتمع ككل. ومع أن الأنظمة لم توضع إلا لتنظيم الأمور الحياتية للفرد، وسوء تطبيقها يؤدي إلى ظهور مساوئ كثيرة إلا أن هذا لوحده لا يكفي فهناك حقيقة لا يمكن أن نغفلها وتمثل عاملاً مهما في غرس حب التنظيم في الفرد وهي أن التعود على التنظيم سلوك عادة ما يبدأ اكتسابه من المنزل فإذا ما اعتاد الطفل من بداية حياته على حسن الترتيب في أشيائه الخاصة سواء فيما يتعلق بكتبه ودفاتره أو ألعابه وغرفة نومه فان ذلك سينعكس على أدائه في مستقبل عمره سواء في عمله أو تعامله مع الغير. وفي رأيي إن تأثير الوالدين وكذلك المدرسين والمحيط الذي يعيش فيه الطفل على الأبناء بالقدوة والمثال الجيد وتعليمهم الأسلوب الأمثل لترتيب أمور حياتهم مثل وضع لوازمهم وأشيائهم الخاصة في مكانها المعد يفوق دور التعليمات التي تضعها القيادة العليا في المؤسسات العامة والتي يقصد بها التسيير الجيد لهذه المؤسسات إذ ما لم يكن هناك وعي داخلي لدى المواطن بأهمية التنظيم كنظام يتبعه في جميع شؤونه وقناعته بتأثير ذلك على زيادة الإنتاج فضلا عن تعوده الطبيعي على ذلك فان الالتزام به مهما وضعت الدولة من جهات رقابية لن يكون بأفضل حال من وضعه السابق وهذا لا يعني أن حب التنظيم لا يكون فطرياً عند البعض فكثيرا ما نجد ميلا لدى طفل ما نحو ترتيب أشيائه بينما لا يملك أخوه الذي يعيش نفس الظروف البيئية نفس الميل غير أن هذا لا يمنع من القول أن العامل التربوي والتعليمي مهم في هذا الجانب حتى ولو كان في مرحلة متقدمة والدليل على ذلك أن البعض ممن كان يعيش حياة فوضى في أسرة لا تهتم بالجانب التنظيمي كثيرا تغير حاله إلى الأحسن حينما تعرض لظروف بيئية معينة أو لتدريب عسكري يدعو للانضباط والتنظيم. ونختم بالقول أن الأسرة والمدرسة والأجهزة الإعلامية المختلفة مطالبة بإعطاء الجانب التعليمي للتنظيم في حياتنا العناية الكافية فبالتنظيم الجيد تنجح الأمم وتتقدم وعادة ما يصاحب حسن التنظيم النجاح فالطالب المنظم ناجح في دراسته وربما العكس صحيح ولعل أهم ما يميز الأمم المتقدمة عن غيرها من الأمم اقتناعها بالتنظيم وتطبيقه في جميع شؤونها حتى الصغيرة منها فهل نسعى للعمل على غرس حب التنظيم والبعد عن الفوضى في نفوس أبنائنا في حياتنا اليومية لتختفي الظواهر الشاذة التي نلاحظها هذه الأيام في المجتمع ليس هذا فحسب بل لنلمس رقياً حقيقياً لمجتمعنا وبلدنا.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply