كيف نتداوى بطعامنا؟


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

الطعام غذاء يومي، ضرورة حياتية للصغار والكبار، وإذا كانت صحة الأبدان مقدمة على صحة الأديان، وإذا كانت المعدة بيت الداء، فإن صحة الأسرة مرتبطة بثقافة المرأة دينيا وصحيا وغذائيا. ومن خلال حواري مع د. عزيزة فراج خبيرة التصنيع الغذائي بالمركز القومي للبحوث وصاحبة العديد من البحوث العلمية في مجال التغذية، أقدم هذه النصائح والإرشادات للمرأة المسلمة.

 

العلاج بالغذاء:

المعدة بيت الداء لأنها أول الأعضاء الحيوية والهامة التي تستقبل الطعام، وهذا الطعام ونوعيته هو المؤثر الأول على الصحة، ولأن الوقاية خير من العلاج فإنه يجب دائما توجيه أفراد الأسرة إلى اختيار الطعام الذي يحافظ على الصحة ويؤدي وظيفته الحيوية لدفع مقاومة الجسم للأمراض. وهناك أغذية لها وظيفة علاجية وتساعد في سرعة الشفاء والتغلب على الأمراض. والأمر الهام في هذا الموضوع هو ضرورة اختيار الأغذية والمشروبات الطازجة والابتعاد ما أمكن عن كل ما هو مصنع ومحفوظ نظرا لإضافة المواد الكيماوية التي تضر بأجهزة الجسم، كما يجب أن نتناول النباتات في موسمها الطبيعي، وحبذا لو كانت من نفس الأرض التي يعيش فيها الإنسان. فنباتات الشتاء مثلا تعطي المناعة الدفاعية لجسم الإنسان في هذا الفصل من العام، مثل الموالح بأنواعها التي تقاوم وتحمي من نزلات البرد، بينما نباتات فصل الصيف تتلاءم مع ارتفاع درجات الحرارة، وعند تناولها تعمل على تحسين المزاج وتلطيف درجة حرارة الجسم، مثل البطيخ والشمام والخيار.

كما ينبغي العناية باختيار الطعام والشراب المناسب كما ونوعا، فإن هذا يعتبر تطبيقاً لأهم أفرع الطب التكميلي، وهو العلاج بالغذاء، فمن حيث الكم يقول الله - عز وجل -: [وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين]، وهذه الآية هي الأساس في الطب الوقائي والعلاجي. فالإسراف في الطعام يؤدي إلى السمنة وأمراض القلب والبول السكري والشيخوخة المبكرة.

والطعام أيضا مرتبط بفترة صلاحية: [فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه]، فيجب علينا أن نتناول أطيب وأزكى الطعام من ناحية النظافة والشكل واللون والرائحة والملمس والطعم والنكهة، والابتعاد عن كل ما هو ملوث وخبيث ومنفر مثل الدم والميتة ولحم الخنزير والخمر.

ومن ناحية أخرى فإن كل طعام من خلال تركيبه الكيميائي له دور فعال في الصحة والوقاية من الأمراض، فهناك أطعمة خاصة للمحافظة على الجلد ونضارة البشرة ومقاومة الأمراض الجلدية بكافة أنواعها، وأخرى للمحافظة على الأسنان، وثالثة للوقاية من فقر الدم ورفع المناعة والوقاية من هشاشة العظام، وغيرها للوقاية من داء النقرس وأمراض الكلى والجهاز البولي، وأطعمة للوقاية من الإمساك واضطرابات الجهاز الهضمي، وغيرها للوقاية من الروماتيزم وضغط الدم، وكذلك أطعمة للوقاية من الزهايمر والشيخوخة، ومثلها للوقاية من أمراض الكبد والمرارة والقولون والبول السكري والسرطان..الخ.

 

أخطاء تقع فيها كثير من النساء:

هناك العديد من الأخطاء، لكن نتناول بعض من هذه الأخطاء الصارخة والواضحة ومنها استعمال الزيت للقلي عدة مرات، وهنا تتم أكسدته وتكوين بوليمرات تشبه القار، وهي ذات لزوجة عالية، وامتصاص مثل هذه المواد يؤدي إلى التسمم. 

وقد أوضحت الدراسات أن مثل هذه البوليمرات مشجعة لأمراض الكبد والكلى والأمراض الخبيثة. هذا إلى جانب أن استخدام الماء الساخن من السخان في الشرب أو عمل الشاي أو الطهي له أضرار لأنه محمل بالصدأ والتفاعلات الكيمائية الضارة. أما استعمال أكياس البولي إيثيلين في تعبئة المواد الغذائية الساخنة فإنها تعمل على انفصال جزيئات المادة المصنوع منها الكيس بالطعام وتلويثه. أما ورق الألمونيوم مع الملح والليمون ودرجة الحرارة العالية فإنه يحدث تفاعلات كيمائية ضارة بالطعام. بينما استخدام أطعمة محفوظة أو مشروبات علب معدنية فإنها تعمل على انتقال الرصاص والقصدير والحديد من المادة المصنوع منها العلب، وكذلك مادة اللحام إلى الطعام. كما أن إخراج اللحوم المجمدة أو فكها من الثلج ثم إعادة تجميدها مرة أخرى يؤدي إلى تكاثر أنواع من البكتيريا وإفراز سمومها، والتجميد مرة أخرى لا يؤثر على هذه السموم فيؤدي إلى تسمم من يتناولها بعد طهيها.

 

أخطر السموم الموجودة في طعامنا:

هناك مادة سامة توجد في جميع اللحوم المصنعة مثل البسطرمة والسجق واللانشون، وتلك الأطعمة يقبل عليها الأطفال وتستجيب بعض الأمهات لرغبات الأطفال، وتلك المادة هي النتروزامين والتي قد تسبب أمراض خبيثة، وهي تتكون نتيجة ارتباط مادة دي ميثيل أمين مع نتريت الصوديوم، وتعد من أخطر الإضافات الكيميائية لتلك الأطعمة. هذا إلى جانب خطورة المواد الملونة والحافظة ومضادات الأكسدة ومكسبات الطعم والنكهة والقوام الصناعية. كما أن هناك الكثير من الخضروات والفواكه والأطعمة عموما الملوثة بالمبيدات الحشرية أو الفطرية. والسموم الفطرية مثلا يفرزها فطر الإسبرجلس وينمو على بذور البقوليات أو الحبوب المخزنة في ظروف غير مناسبة، وعلى المرأة الواعية أن تدرك تلك الأشياء وتتجنبها حفاظا على صحة أسرتها.

 

أمور يجب أن تعرفها المرأة:

يجب أن تتابع المرأة دائما المجلات والمطبوعات التي تتسم بطابع علمي، وتتناول الثقافة الصحية والتغذية السليمة، هذا إلى جانب ضرورة أن تتلقى الفتيات في مراحل التعليم المختلفة جانباً من هذه الثقافة لكي يكون لديهن وعي غذائي وصحي ويستطعن أن يقمن بواجباتهن تجاه أسرهن ومجتمعهن. 

وهناك بعض السلوكيات الحيوية التي يجب أن تهتم بها ربة البيت، وهي المحافظة على مواعيد الوجبات الغذائية، وضرورة تقديم طبق السلطة، والتأكيد على تناول الأطفال لمجموعة الخضروات الهامة في هذا الطعام، والتي تحفظ حيوية الجسم وتساعد في نموهم. وإعداد هذا الطبق الحيوي يجب أن يكون قبل تناول الطعام مباشرة حتى لا تفقد الخضروات الكثير من الفيتامينات. ويجب أن تغسل الخضروات جيدا ويضاف إليها الخل وعصير الليمون ويستحسن زيت الزيتون أيضاً. هذا إلى جانب عدم التسرع في تناول الأطعمة، وأن يكون الطعام متوازنا ويحتوي على النسب المناسبة من الكربوهيدرات والبروتينات والدهون والأملاح المعدنية، وأن لا يطغى أي نوع على الآخر. إلى جانب العناية بوجبة الإفطار وعدم الاعتماد على الوجبات السريعة والمحفوظة أو تناولها خارج المنزل من الباعة الجائلين، للتأكد من نظافتها. ويجب أيضاً عدم شراء الخضروات الذابلة ذات الأوراق الصفراء، وكذلك استبعاد الفواكه والخضروات غير الناضجة والتي يظهر فيها بعض أنواع العفن الأبيض أو الأزرق، لأنها فطريات تفرز سموماً ضارة بالصحة. كما يجب عدم الاعتماد على العصائر المحفوظة، ولكن يجب أن يتعود كل أفراد الأسرة على تناول المشروبات والعصائر الطبيعية المعدة بالمنزل وهي كثيرة ومتنوعة مثل العرقسوس والكركدية والحلبة وغيرها من المشروبات التي لا تمثل غذاء فقط بل وقاية وعلاج.

 

الهدى النبوي في تناول الطعام: 

يقول الله - تعالى -في قرأنه الكريم: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين}، وهذه الآية هي أساس الطب الوقائي والعلاجي، وما من مرجع طبي إلا فيه التأكيد على ضرورة التوسط وعدم الإسراف في تناول الطعام. هذا إلى جانب ضرورة التسمية "باسم الله" والأكل باليد اليمنى لأن الشيطان يأكل ويشرب بشماله، وهناك أيضاً نهي عن التنفس في الإناء أثناء الشرب، وحض على الشرب على ثلاث دفعات. وكل هذه التعليمات لها فوائد صحية. 

كذلك أثبت العلم الحديث أن إجهاد المعدة بالطعام والشراب يؤدي إلى التخمة والرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول: «ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه». 

وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يؤكل الطعام حارا، أي شديد السخونة، والآن ثبت علمياً ضرورة تجنب تناول الأطعمة شديدة السخونة أو شديدة البرودة حتى لا تضر الأغشية الموجودة بالحلق والمريء والأسنان أيضا.

 

معلومات هامة: 

هناك العديد من الممارسات التي يستحب أن تعرفها المرأة ومنها على سبيل المثال أن طرد البعوض خارج المسكن يستحسن أن يتم بإحراق بعض ثمار الكمون ثم غلق النوافذ والأسلاك بعد عملية التبخير. كما يجب عدم التوسع في استخدام المبيدات الحشرية وإن كانت هناك ضرورة يجب ارتداء كمامة وترك المنزل أو الحجرة من 2 ـ 3 ساعات ثم التهوية قبل الدخول. 

ويستحسن عدم استعمال النفتالين للمحافظة على الملابس الصوفية، بل يستعمل المسحوق الجاف لأوراق الكافور أو ثمار الريحان أو مسحوق القشور الجافة للبرتقال لطرد العفن، لأن النفتالين يتسامى، أي يتحول من الحالة الصلبة إلى الجافة إلى الغازية فيستنشق عن طريق التنفس ويضر بالكبد والكلى.

 

ولإعطاء رائحة ذكية للمسكن أو السيارة يوضع في قطعة شاش بعض أوراق جافة من الريحان أو الورد البلدي أو براعم القرنفل بدلا من استعمال الاسبراي للروائح الصناعية التي قد تسبب حساسية للجهاز التنفسي. كما يستحب وضع قطعة من الفحم في الثلاجة لكي تقوم بامتصاص الروائح، ويجب تجفيفها جيدا لتلافي نمو فطريات سامة على الأغذية والتي قد تصيبها الرطوبة.

 

خطورة الوجبات السريعة:

خطورة هذا النمط الغذائي مؤكدة من النواحي الصحية والاجتماعية والاقتصادية.

فمن الناحية الصحية يدفع مرتادو تلك المطاعم ضريبة باهظة غير مرئية، فالسرعة لها ضريبة، لأن تحضير الطعام بشكل سريع يستدعي استخدام مواد مضافة، وكيماويات ما يعلم كنهها إلا الله - تعالى -، ومع السرعة، فليس هناك وقت كاف لمراقبة الجودة ومتابعة السلامة في المواد المستخدمة وطريقة الطهي.

ومن الناحية الاجتماعية ساهم هذا النمط الغذائي في تفكيك الأسرة، حيث تجد الأم مع صاحباتها في مطعم، والأب مع الشلة في آخر، والأبناء وأقرانهم في ثالث، ولا تجتمع الأسرة إلا عند النوم. 

ومن الناحية الاقتصادية أدخلت هذه الوجبات السريعة على ميزانيات الأسرة بنودًا جديدة، وحملتها بأعباء إضافية، الأسرة في غنى عنها.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply