معضلة الإدارة


بسم الله الرحمن الرحيم

 

من خلال الدراسة والممارسة أكاد أجزم أن أكبر معضلة إدارية تواجه المديرين ورجال الأعمال هي مسألة الاختيار، ولا نعني هنا اختيار سلعة أو بضاعة ولكن اختيار الآلية الإدارية المناسبة سواء لمواجهة مشكلة معينة أو لخلق أسلوب إداري دائم ومستمر.

 

مسألة أخرى: كيف يتم الاختيار؟ الإجابة على هذا السؤال الذي يبدو بسيطاً، لن تكون إجابة ميكانيكية أو إجرائية بمعنى شرح إجراءات وخطوات وتقنيات الاختيار ولكنها إجابة فلسفية ترتكز على \"النظرية النسبية\" عند النظر للأشياء والسلوكيات والتصرفات. نسبياً ليس هناك صح دائم أو خطأ أكيد لأي اختيار إداري وليس هناك مزايا تامة أو عيوب كاملة لأية آلية إدارية ولكن المسألة كلها تعتمد على مواقف واحتمالات وتقديرات شخصية متفاوتة.

ولأن الفلسفة عرضة للجدل فان السؤال الجدلي الذي يثار هنا يكون ما الفرق إذن بين المدير الجيد والمتزن والمدير المتخبط؟ خاصة وأن كل واحد منهما قد يبدي وجهة نظر مدافعة عن اختياره ومقنعة بتوجهاته الإدارية؟ الجواب سيكون فلسفي هو الآخر فنقول: أن تقييم الآلية نفسها سيكون بلا نتيجة ولن يتضح الفرق بين المدير الجيد والآخر إلا بتقييم النتائج، وتلك معضلة أخرى سندخل إلى متاهاتها بحذر.

 

النتيجة هي الأخرى مسألة نسبية فليس هناك نجاح كامل ولا فشل تام و لا رقابة ناجحة أو مطلقة. و للاستزادة في موضوع الرقابة نتوقف قليلاً. هناك عنصران أنصهر لغوياً في المصطلح (رقابة) الموضح بعالية وهما القياس والتحكم، فالرقابة تعني في أحد تعريفاتها قياس ومتابعة الأداء الفعلي للتأكد من توافقه مع الأداء المتوقع أو المخطط له أو المطلوب.. الخ. وهنالك تعريف آخر يأتي ليعنى التحكم والضبط في أداء ظاهرة أو نظام معين للتأكد من توافقه مع الأداء المتوقع.. الخ. إذن عندما نركب هذين العنصرين مع بعضهما تكون الرقابة بمعنى المتابعة بهدف الضبط والتحكم أو القياس بهدف التعديل.

القياس كمرحلة مبدئية ومعنى صارخ للرقابة الإدارية لا ينبني من فراغ ولكن يلزمه وجود معايير. التحكم من جهة أخرى هي مرحلة أخرى ومختلفة كلياً عن ما تم الحديث عنه، فالتحكم بمعنى التوجيه المقصود لأداء ظاهرة معينة يتطلب مهارات وقدرات من نوع خاص يطغى عليها معاني القوة والسيطرة والحاجة إلى استخدام قوى الضغط وآليات وذلك أكثر من معاني التقييم و …….. والحاجة إلى التقدير.

والتحكم كمرحلة نهائية وغاية قصوى للرقابة يلزمها أولاً التعرف على طبيعية وحجم وأسباب الانحراف (الفرق بين المعيار والفعلي).

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply