سأكون الرابحة بإذن الله


  

بسم الله الرحمن الرحيم

في إحدى دوراتي التدريبية حول التغيير، قاطعتني إحدى المشاركات قائلة:

 

- أستاذة.. لو سمحت.. ممكن سؤال؟

 

- تفضلي

 

- عفواً قد لا يكون له علاقة مباشرة بالموضوع.. لكني أحتاج لحل.. عندي ولد وحيد وله صديق يسرق أغراضه.. ولا أعرف كيف أتصرف معه؟

 

- كم عمر ولدك؟

 

- خمس سنوات وصديقه ثماني سنوات

 

- ألا ترين الفارق بينهما كبير؟

 

- إنه ابن جارتي، وهو يأتي إلينا عقب المدرسة يومياً ليلعب مع ولدي.. وبعد ذهابه نكتشف فقد الأغراض، لقد جربتُ أن أسأله يوماً عنها فكذب وأنكر أنه أخذها، وهو مستمر في ذلك.. مع أن مستوى عائلته ممتاز مادياً ومعنوياً.. بصراحة أنا لا تهمني الأغراض فهي لا تعدو لعبة أو قلماً أو حتى مسطرة، ولكني قلقة لوضعه، وقد فكرتُ أن أخبر والدته، لكني مترددة في ذلك وأخشى أن تسيء فهمي.

 

- وأمه.. ألم تلاحظ مطلقاً هذا الأمر؟ يعني إحضاره هذه الأشياء إلى البيت؟

 

- الحقيقة لا أعرف فأنا لا أراها إلا نادراً، هي موظفة تعمل صباحاً وبعد الظهر..

 

- وأين تترك ابنها؟

 

- صباحاً في المدرسة، وبعد الظهر مع الخادمة، وغالباً ما يأتي إلينا حتى ترجع من عملها.

 

- ألا تلاحظين أمراً ما هنا؟

 

- طبعاً.. لاشك أنه يفتقد إلى أمه ويعاني من ابتعادها الطويل عنه، ولهذا أنا أحتمل وجوده مع ولدي.. ولكني لا أعرف كيف أتعامل معه وأخشى أن يزداد الأمر سوءاً.

 

- تحليلك صحيح، هو يفتقد لأمه ولعله يغار دون أن يدري من طفلك لأنك معه طيلة الوقت.. ولعله يعاني من الحرمان وعدم الاهتمام به أيضاً، جربي أن تقنعي طفلك بأن يمنحه ما يعجبه من ألعابه كهدية أو حتى على سبيل الإعارة حتى لا يضطر إلى سرقتها.

- قد لا يقبل ولدي بذلك.. فأنت تعلمين حرص الأطفال وحبهم لألعابهم.

- إذن اشتري لعبتين متماثلتين وقدميهما هدية له ولولدك معاً.. وبالتأكيد سيفرح بالهدية ولأنه لم يسرقها لن يكون مضطراً إلى إخفائها، بل سيطلع أمه عليها بفخر، فتنتبه إلى تقصيرها تجاهه.

 

- وإذا لم تنتبه؟

 

- أعيدي الكرة مرة واثنتين وثلاث..

 

- لا مانع لدي ولكني لم أفهم.. كيف سيحل هذا المشكلة؟

 

- لا بد أن تنتبه الأم مع كثرة إلحاح ولدها عليها لترى الأشياء التي حصل عليها منك، وستشعر بصدق اهتمامك بولدها، وبالتالي ستبادر إلى شكرك، وتتوطد معرفتكما فيسهل عليك إطلاعها فيما بعد على الأمر.. وأغلب الظن أنك لن تحتاجي إلى ذلك.

 

- ولم؟

- لأن الولد لن يكرر السرقة التي تجعله يعيش في خوف وقلق من انكشاف أمره.. ما دام ينال ما يشتهي دون تأنيب ضمير أو خوف، ثم إن أمه لابد أن تنتبه وترد جميلك بالمثل، فيتمتع ولدها وولدك بالاهتمام والحب واللعب معاً، وتزرعين في نفس طفلك حب المشاركة والإيثار ومعنى الصداقة الحقة، وتنقذين طفلاً بريئاً من عواقب الإهمال التي لا يعلم مداها إلا الله.

 

- سأجرب ذلك..وأنا واثقة أني لن أخسر شيئاً، بل سأكون الرابحة بإذن الله في كل الأحوال

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply