لغة الروح … و أبواب الدخول اليعقوبية ...


 

بسم الله الرحمن الرحيم

لا تحدثني عنها فإني أعرفها العيون...

بصَمتها تتكلم...

و تصنع باقة الصفاء..

و خلجان اليواقيت الجميلة …

بصمتها تبتسم و تستعطف، و بصمتها تفصح....

مرايا الروح...

حين لا بد لضوء الروح أن يتدفق منعكسا على مرآة…

اختصارات أصحابها حين يصير فرضا اختصار المرء في عينين...

البحيرات الهادئة التي يتصور فيها الكون برمته....

تنبت فيها الزهور حين يتنفس الربيع...

و تتلألأ فيها النجوم حين يبسط ليل الصيف الهادئ جناحيه على الأرض...

و تتمايل فيها ذبالات الشموع حين لا بد من شمعة تؤنس...

و الروح؟!

أحدثكم عن الروح …

الجوهر المكنون …

و نفحة السر الإلهي...

من أمر ربي الروح...

السابحة فوق رؤوس أصحابها كغمامات شفافة..

الأرواح الألوان الشفافة المتباينة...

الخضراء و الزرقاء و البنفسجية...

الغمامات المرفرفة التي تتشام في الهواء..

 تأتلف و تختلف...

و للأرواح أحدثكم صادقا مثل العيون همسها...

لها عالمها الرومانسي الجميل..

تخاطب الروح الروح و تعبران معا لبرزخ واحد كحمامتين …

تخاطبها....

إي و الله …

و عبر نظرة تعاتبها...

عبر نظرة تحتضنها...

عبر نظرة تدفئها...

 و بنظرتين تفتح لها أبواب المدى الذي يعانق الأفق...

و هذا الجسم مجرد قنديل من طين...

تأوي إليه الروح...

و تظل تدفئه كما تفعل أم بابنها...

فإذا تركته ذات نهاية...

تسربت إليه كل مواسم الصقيع...

و قهقهت فيه الشقوق كإناء فخار …

و عاد التراب إلى التراب …

نحن الأرواح العجيبة التي تملأ الأكوان...

الأرواح التي تحب و تحزن و تتألم و تحترق...

نحن الأرواح المتحابة رغم المسافات...

و أخبرني نابض الصدر أن الأرواح تأتي بابه...

ترسم عليه حروفا عسجدية...

أخبرني أو هكذا ظننت أن نسائم قلوب تأتيه فتهز نخله...

أخبرني حين ازدهى النسرين في مروج الشمال أن أسراب الحمام وفاء...

وأن الدرب وفاء...

و أن الحب في القلب صهيل الروح وقت الانعتاق...

 لصبايا الحي ثرثراتهن...

 

و للساقية حين يجيء المساء قصتها التي تحكيها لدالية العنب...

و الفراش حين يطوف بالنار لا تحرقه النار بل حبه...

لماذا تهترئ قدم المسافر في دروب الملح و لا يرجع؟

لماذا تنتحر في عيون الغزلان نجمات السحر و يعبر القمر صامتا واضعا يديه خلف ظهره.... ؟!

نحن الأرواح العجيبة التي تملأ الأكوان...

سليني يا بيوت الحي عن بعض حروف خبأتها كف طفل كان في البدء حزينا و صمد...

حدثيني عن معاني الروح...

عن سلال الحبر حين أنسجها و أهديها لأكف في السطور....

عن سطور حدثيني …

عن سطور كنت أهديها لعيون الحاملين قاماتهم في الريح مثلي...

 

ثم أوصانا فقال: يا بني ّ لا تدخلوا من باب واحد و ادخلوا من أبواب متفرقة...

كان في النفس كلام لا يقال...

أترانا قد فهمنا؟! حكمة الباب ليعقوب رؤى كان رآها...

 

فلماذا ندخل الباب سويا؟!

و لماذا نترك الأبواب للريح...

و للباب كلام كان يحكيه عن فتية دخلوا بابا جميعا...

قد يموتون جميعا...

قد يلاقون نساء العزيز خلف ذاك الباب و يغلقنه...

قد يصير الباب نارا و دمارا...

 

فلماذا يخرج الفتية من قول يعقوب لماذا ؟!

ثم ما أحلانا داخلين الآن من كل الزوايا و المرايا و القضايا و الحكايا..

ثم ما أحلى الأبواب حين الضوء فيها يتجدد...

هذه الأبواب هل هي ثغور؟ كلنا في ثغر عمرو...

و لزيد ثغره المهجور...

يا أسفى...

الخنساء ما زالت تحمل في عنق نعلا و في العين الدموع...

أسفى ليلى تجيء اليوم من غير حناء و لا بعض شموع...

أسفى و الموج في كل أعين كل بحّار غريق يتدفق..

ثم يعوي ثم يعوي و يعود للبحر نشيدا لليتامى صبية البحار...

هذه الأرض بكم تصنع لي وردا لعيني...

و أسراب سنونو ليدي...

هذه الأرواح مثلي قولها....

ثم مثلي سيرها....

لكنها حزني تريد بابا واحدا.

ليت يعقوب يراها...

عله يمسح عن تلك العيون الشوق ثم يهديها كلاما من زبرجد...

لا تدخلوا من باب واحد...

هذا باب الخيل...

و للأقلام باب..

ثم هذا الباب للحبر...

 و ذا باب المحاريب...

و هناك بابان لأغراض أخر....

ليت يعقوب أعاد النصح آه لكفاني...

هل ترى الأحباب يفهمون اليوم قولي....

حين تشرخ في الوجه المرايا...

 فتقول العين للعين سلاما....

و تقول الروح للروح احضنيني...

كي يعود الزهر للحقل ربيعا...

و أحبك كي يمد الزرع لرذاذ الماء كفيه قليلا..

و أحبك كون روحي مثل روحك حدثتني عن يمامات الغروب...

ثم قامت تقرأ القرآن …

في جلد عتيق …

ثم ماذا؟ هذه أصابعي أحرقوها شموعا لدربكم …

و لا تدخلوا من باب واحد ….

لكي لا تبيض عين يعقوب النبي.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply