ألم بلا سريرٍ,


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يتألمُ الجسدُ فيشفى بالحياةِ أو بالموت!

أو يُزمِنُ ليعتادَ الإنسانُ هذا الألم..

والعادةُ تُضعِف الشعورَ إن لم تطمس على موضعه في النفس..

أما ألمُ الروحِ التي تتمزّق كلّ يومٍ, مرتين:

تَمزٌّقَ الأرضِِ الظمأى للمطر،

ثم تُمزّقُ الأرضَ بنبتة تحملُ مواعيدَ الثمر..

أما ألمُ الروحِ التي حسبت أنها ستختصرُ الأعمارَ في عمر،

ثم علمت أنها كانت في أمنياتها على غرر!

أما ألمُ الروحِ التي لم تشفق من حمل الأمانة، ومسؤولية التكليف، فحملتها..

أما ألمُ الروحِ التي تعلم أنّ العقلَ هو أشرفُ أركانِ الإنسان،

وأنّ الوعيَ هو أشرفُ أعمالِ العقل..

وأنّ الحزنَ بعضُ ثمراتِ هذا الوعي..

أما ألمُ الروحِ التي هالها انكفاءُ العقلِ المسلم، وخموُد توهّجه،

وإصابتُه بالجمود الذي يقودُ إلى الجحود..

أما ألمُ الروحِ التي عجَزت عن إقناع الناس بأن (اقرأ) هي الأمرُ الإلهيٌّ الأولُ، وبأن القلمَ هو الأداةُ القرآنيةُ الأولى..

وبأنّ ما بين الأمر والأداة حياةً في الدنيا، ونجاةً في الآخرة..

 

أما ألمُ الروحِ التي لا تزالُ تصرخُ في وديان الصمت: أين المسلم!

ثم لا يأتي جوابُ الوديان إلا هكذا: أين المسلم!

أما ألمُ الروحِ التي تنظرُ فلا ترى مخيماتِ العالم تُقام إلا للمسلمين

فيلفحُها بعضٌ من حرّ الخيام، وبردِ الخيام..

أما ألمُ الروحِ التي عجَزت عن السفر في أزقّة المساكين،

لتدخلَ أكواخَهم، فتطعمَ صغارَهم كلَّهم باليدِ اليمنى..

أما ألمُ الروحِ الغريبةِ التي كلّما حاولت هتكَ أستارِ الغربة،

أقعدها عجزُها عن البيان..

أما ألمُ الروحِ عندما تعجِز حتى عن آهةٍ, وأنين.. وعن دواءٍ, وطبيب..

وعن وجوهٍ, مؤانسة، وحروفٍ, مواسية!

أما ألمُ الروحِ الذي يمتدّ كلما امتدّ الزمن!..

أما هذا الألمُ.. فلا سريرَ له!

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply