محمد داود وقصائد لم تر النور !


 

بسم الله الرحمن الرحيم

في 18 من مايو 1998م رحل عن دنيانا الدكتور \"محمد علي سيد أحمد داود\" المولود في مارس سنة 1944 في \"لقانة\" من أعمال محافظة البحيرة، وقد مات والده وهو صغير، فوجّهته أمه إلى التعليم بالأزهر الشريف، حتى حصل على الدكتوراه عام 1981م من قسم الأدب والنقد عن رسالته \"الاتجاهات الفنية في شعر إيليا أبي ماضي\".

وقد عمل بعد حصوله على الدكتوراه مدرساً بكلية اللغة العربية بالزقازيق، ثم انتقل إلى كلية اللغة العربية بدمنهور، وقد حصل على درجة الأستاذية عام 1993م. وفي العام نفسه أعير إلى كلية اللغة العربية بالرياض (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية) وظل يعمل فيها إلى أن اشتد عليه المرض، فعاد إلى مصر في مارس 1998م، وظل يُعالج في القصر العيني بالقاهرة حتى وافته المنية.

 

وللدكتور محمد علي داود شعر قليل، لم ينشر منه شيئا على الإطلاق، ومنه هذان النصّان اللذان كتبهما، وهو يعاني من وطأة المرض الذي أودى به.

 

القصيدة الأولى بعنوان \"ثورة التراب\"، وقد كتبها في 13/7/1416هـ -5/12/1995) ويقول في مطلعها:

 

تُزمجرُ مثلَ الرياح

 

تخُطٌّ الأقاويلَ ثرثارَةً

 

تُصوِّرُ كيف الحياةُ اللئيمه

 

تروحُ، وتغدو.. إليك

 

تظلٌّ الأفاعي تلوحُ

 

وتكثُرُ في ناظريك

 

ويقول في القصيدة الثانية، وهي آخر ما كتبه في الرياض بعنوان \"رحلة النهاية\"، (وكتبها في 25/2/1998م)، وهذا نصٌّها:

 

أضيقُ مرَّةً برحلةِ الجفاف

 

هل تذبلُ النضارةُ التي جنيتُها

 

في روضةِ العفاف؟

 

هل يذهبُ الرواءُ والنَّضاره؟

 

هل تصدحُ الورودُ والزهورُ؟ يا لحسرتي

 

هل تنتهي الأرياحُ والأرواحُ فوقَ قمتي؟

 

وتعبثُ الرياحُ عندها شديدةً بذرّتي.. بجثتي

 

يا حسرتي

 

 ***

بالأمسِ كنتُ أقرأُ الحنانَ في الجنان

 

وكانت الضلوعُ حانِيَه

 

يُزاحِمُ الحياةَ فيضُ عطرها الشَّهيّ

 

وكان كلٌّ الأهلِ يهتفون صائحين

 

يُهللون

 

ويهتفون صائحينَ: جاءنا الربيع

 

يُباركونَ رجعتي

 

يُردِّدون عودتي

 

أمَّا أنا فكُنتُ مثلَ زهرةٍ, في كأسِها

 

تُشاركُ الربيعَ، تحتفي بِعِطرِها

 

والآنَ يرحَلُ الربيعُ قبلَ عُرسِنا

 

وبَغتَةً يذوبُ كلٌّ شيءٍ,.. والخريف

 

يُصَوِّحُ الزهور

 

يُقَوِّضُ البِناء

 

وينزلُ الخريف

 

يدقٌّ بابَنا

 

 ***

هل تكشِفُ الأيامُ زيفَ حُبِّنا؟

 

وتنثرُ العُذَّالُ كلَّ قصَّتي؟

 

يا حسرتي

 

ويذهبُ الجميعُ نَحوَ بيتِيَ الأخير

 

فيقرَأونَ الفاتِحَه

 

 ***

بالأمسِ كان قولُكُم: عُد مُسرِعاً

 

مَزِّق حِبالَ الأسرِ، وانتَظِم هُنا

 

الجمعُ يرجو أن تكونَ بيننا

 

يا حُبَّنا

 

تُحبٌّهُم.. تُعِزٌّهم.. تعيشُ عندنا

 

واليومَ يهتفُ الكبيرُ عندهم مُجاهِراً

 

أنَّ الطبيبَ لم يَقُل ولم يُشِر

 

برجعةٍ,.. يا سيدي!

 

وهي قصيدة مُترعة بالأسى، تُشبه قصائد \"بدر شاكر السيّاب\" الأخيرة التي كتبها على سرير المرض، ونشَرَها في ديوان \"منزل الأقنان\". وقد شهِدتُ مولد القصيدتين الأخيرتين حيثُ كنتُ قريباً منه، وكان رغم استشراء الداء اللعين في جسدِه المتهالك حالماً بتجاوزه، والعودة إلى حياته وأسرته وأصدقائه وطلابه. وقد كتب القصيدتين الأخيرتين ـ مع بعض القصص القصيرة جدا ـ في الأيّام الأخيرة من إقامته بالرياض.

 

وقد عاد إلى دمنهور بمصر بعد كتابة هذه القصيدة بأيام، حينما آثر أن يُعالج في مستشفى القصر العيني بمصر، وقدَّر الله له أن يقضي الشهرين الأخيرين بين أسرته قبل أن يودِّعها الوداع الأخير.

 

ومن كتبه:

1- اتجاهات فنية في شعر النابغة الذبياني، مطبعة الأمانة، القاهرة 1405هـ ـ 1985م (154 صفحة من القطع المتوسط).

 

2- الشكل والمضمون في شعر الشيخ إبراهيم بديوي، مطبعة الأمانة، 1411هـ ـ 1991م (238 صفحة من القطع المتوسط).

 

3- المفاخر العربية بين مُذهبتين، مطبعة الأمانة، 1411هـ ـ 1991م (64 صفحة من القطع المتوسط).

 

4- الشاعر هاشم الرفاعي: اغتراب وألم، مطبعة الأمانة، 1411هـ ـ 1991م (128 صفحة من القطع المتوسط).

 

ومن مقالاته المنشورة

1- الملامح العامة لنظرية الأدب الإسلامي، للطاهر محمد علي ـ مجلة \"الأدب الإسلامي ـ العدد 15، ص59.

 

2- من قضايا \"الأدب الإسلامي لصالح آدم بيلو، مجلة \"الأدب الإسلامي\" ـ العدد 13، ص49.

 

3- قضايا في الأدب الإسلامي ـ لمحمد بن سعد بن حسين ـ مجلة \"الأدب الإسلامي\" ـ العدد 12، ص77.

 

4ـ في \"الأدب الإسلامي: قضاياه وفنونه ونماذج منه ـ لمحمد صالح الشنطي ـ مجلة \"الأدب الإسلامي، العدد 8، ص61.

 

5ـ أدب الرسائل في صدر الإسلام ـ لجابر قميحة، مجلة \"الأدب الإسلامي ـ العدد 11، ص94.

 

وقد كتب هذه المقالات بطلب مني حيث كنت مشرفاً على باب المكتبة في مجلة \"الأدب الإسلامي\"، وقد طلبت منه مقالين آخرين، فاستجاب. كما كتب مقالة للعدد الخاص الذي أصدرته مجلة \"الأدب الإسلامي\" عن \"نجيب الكيلاني\" عن رواية \"قاتل حمزة\"، ودراسة عن رواية لعلي أحمد باكثير نُشِرت في العدد الخاص من ملحق \"الأربعاء\".

 

وكان ينوي أن يُصدر ثلاثة كتب، ولكن الأجل لم يمهله: الأول \"دراسة نصية في نصوص حديثة\" ويضم قراءات نصية للشعراء: عدنان مردم بك، وأحمد شوقي، وحافظ إبراهيم، ومعروف الرصافي، وطاهر زمخشري، وصابر عبد الدايم، وحسين علي محمد، وعبدالله الفيصل، وغازي القصيبي... وغيرهم. والثاني بعنوان \"النقد الأدبي\" وهو خلاصة تدريسه لهذه المادة قرابة خمسة أعوام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. والثالث تحقيق كتاب الصفدي \"تشنيف السمع بانسكاب الدمع\" (والأخير بمشاركة الدكتور \"محمد بن عبد الرحمن الربيع\").

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply