بسم الله الرحمن الرحيم
يصر العقل الأمريكي اليوم على الاستمرار في تغيير المنطقة العربية وفق ما يتماشى مع أهوائه، فكل يوم يخرج علينا العم سام بتقليعة جديدة ليحاربنا فيها، ومنها اليوم \"مجلة أهلاً الأمريكية\" وهي من النوع ذات الورق الفاخر المصقول ملونة بالكامل, وموجهة تحديداً للعرب في مناطق تواجدهم.
لقد انتشرت هذه المجلة في بعض الأقطار العربية المسلمةº كونها توزع بالمجان على الشباب من الجنسين، وتتناول موضوعات شبابية متحررة، تطعم ببعض الوجوه العربية من جوقة المطربين والمطربات العرب، وتعمد إلى تصوير سينمائيِّ هوليود في حياتهم الخاصة وتنشر لهم العديد من القصص والحكايات عن أخر أعمالهم وفنهم الذي أقل ما يوصف به هو \"الهابط\"! كما يبرز خطابها الواضح في التعبير في أغلب الأحوال بالأجساد العارية والغرائز الشهوانية.
إن صدور \"مجلة أهلاً العربية الأمريكية\" اليوم، ونحن في مثل هذا التردي، يدفعنا للتساؤل حول المغزى الأمريكي من الإصرار على اقتحام حياتنا بعد أن تسلط علينا في أغلب مقاليد حياتنا اليومية الخاصة بنا؟! وفي خضم هذا الزخم الإعلامي يُطرح السؤال الذي يفر العديدون من الإجابة عنه: ألا وهو:
أين الإعلام الإسلامي اليوم من كل ما يوجد حولنا من تسطيح؟ وأين مساهمات المجلات والمواقع الإسلامية وسط هذا الصخب الإعلامي المضاد لديننا، ثم لقيمنا، ولتراثنا الثقافي والأدبي؟! وما هو عدد النسخ التي توزع من الصحف أو المجلات الملتزمة، وعدد متصفحي صفحات الإنترنت من المواقع الهادفة البناءة وسط هذا السواد الحالك؟!
هل يعي رواد الإعلام الإسلامي أن دولة مثل ألمانيا بها حوالي 380 جريدة ما بين يومية وأسبوعية والآلاف من دور الطباعة العالمية، وأن مجلة التايم الأمريكية ـ على سبيل المثال ـ تطبع كل أسبوع 12.000.000 نسخة وتوزع تقريباً بالكامل، وحسب بعض الإحصاءات فإن أفضل مجلة ذات نهج إسلامي لا يزيد توزيعها عن 40 إلى 50 ألف نسخة، فأين نحن من الأرقام آنفة الذكر؟!
لا شك أن من أسباب ضعف الإعلام الإسلامي: ضعف الإمكانات المادية، حيث إن جل المؤسسات الإعلامية التي لها شأنها في العالم تقوم على كتف مؤسسات مالية ضخمة توفر لها الدعم اللامحدود، في حين أن أغلب المؤسسات الإعلامية الإسلامية تقوم على عاتق أفراد يقدمون لها الدعم، ويغلب أيضاً النقص الواضح في الكوادر الإسلامية الإعلامية المدربة، وخصوصاً النسائية منها، التي تستطيع أن تقوم بكافة أشكال العمل الإعلامي المعروفة في كافة الوسائل المتاحة.
إننا بحاجة اليوم كإعلاميين مسلمين إلى العمل بكل السبل والوسائل المتاحة لمواجهة مثل هذه المجلات ودورها المشبوه في مجتمعاتنا، ومحاربة مراميها الثقافية والاجتماعية والسياسية، والعمل على إنشاء كليات متخصصة لتخريج جيل إعلامي مسلم ملتزم قادر على خوض المواجهة بالقلم والفكر.
كما ينبغي التأكيد على أن مثل هذه الأهداف البناءة لا تتحقق لنا إلا من خلال أنفسنا، وبشحذها بالهمم العالية، وأن نعد نفسنا للتغيير لما فيه صالح الأمةº لنكون مسلمين حقيقيين قلباً وقالباً، وتوفير سبل الدعم, لدمج الشركات الإعلامية المسلمة للوقوف أمام مثل هذه الإصدارات المسفهة لكل قيمنا الدينية،حيث لم تنجح في عالم اليوم، الذي يميل إلى التكتل والتوحد، إلا المجلات والمؤسسات الإعلامية التي تقوم على ميزانيات ضخمة, وإعلاميين متمرسين في عملهم.
إننا كوننا مسلمين وأصحاب رسالة.. فهذا شرف أسبغه الله علينا إلى يوم الدين، يحتم علينا أن نبادر دائماً إلى استخدام كل الوسائل العصرية في الدفاع, والذود عن الدين والبلاد والعباد، فهل أعددنا أنفسنا إعلامياً لمواجهة مثل هذه المجلات الهدامة التي توزع بالمجانº ليسهل وصولها إلى الجميع؟!
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد