بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وبعد:
إن كثيراً من الطيبين يتحرق لحال الأمة وما ألم بها، ثم هم بعد ذلك مذاهب، فمنهم من يكتفي بموقف المتفرج، وينظر ماذا فعل غيره وماذا لم يفعل، ومن فعل ومن لم يفعل، ثم يعمد إلى فتح جراب اللائمة الذي ناء به كاهله، ليقوم بتوزيعها يميناً وشمالاًº على الحكام تارة، وعلى العلماء أخرى، وعلى الدعاة ثالثة، وعلى التجار رابعة،...حتى يخلو وفاضه، ثم يحمل جراب اللائمة على ظهره خفيفاً فارغاً متأسفاً على حال الأمة محوقلاً! ولم يفكر يوماً أن يحسب نفسه مع الملومين، أو أن يجعل لها قسطاً من أرتال اللوم. شأنه شأن جحا ينسى حماره من العد دائماً! حاله حال ذلك المتفرج على مباراة بين فريقين، ينتقد من أخطأ، ويشجع من أصاب، وربما تحمس وتفاعل بصدق حقاً، إلاّ أنه متفرج ليس من الفريق المسلم وليس من الفريق الكافر، وإن كان يشجع فريق المسلمين، الذي لا يعد في الحقيقة نفسه واحداً من أعضائه!
فهذا قسم وقسم آخر خير من هذا القسم يعلم أن عليه أن يشارك وأن يفعل شيئاً، ولكنه ينتظر من الآخرين التوجيه، أو التحريك والدفع، وربما استدعاه منادياً بأعلى صوته قائلاً: ماذا أفعل.. إنني على استعداد لبذل كل قطرة من دمي؟
وليست تلك مبالغة بل نص سؤال ورد إلي.
وهنالك أقسام أخرى، وما يهمني الوقوف يسيراً مع هذين، أما القسم الأول فحسبنا أن نقول له:
يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كيما يصح به وأنت سقيم
ونراك تصلح بالرشاد عقولنا *** أبداً وأنت من الرشاد عديم
فابدأ بنفسك فانهها عن غيها *** فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
فهناك يقبل ما تقول ويهتدى *** بالقول منك وينفع التعليم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم
رجاء ادخل الحلبة، أو انزل للميدان، وقف في صف المسلمين إن كنت من أهل الإسلام فإن الأمر يخصك أنت أنت!
أما الآخر الذي يسأل ماذا أفعل فجوابه باختصار أنت من تحدد ذلك!
أحبتي الكرام: إن الأمة تحتاج أبناءها العاملين في كافة مجالات الحياة، فلو حاول كل إنسان نفع الإسلام والمسلمين في تخصصه وما يتقنه لارتفع أمر الأمة.
الأمة تحتاج إلى من يصلحها ويربيها ويجعلها مهيأة لمواجهة الأعداء فضلاً عن رفض العملاء والمندسين والعلمانيين وعدم السماع لهم أو إعانتهم فما أتي المسلمون في أصقاع كثيرة من قبل من يحسبون على الإسلام ويعدون من أهل الوطن.
الأمة تحتاج الإعلام الإسلامي الذي يبين قضاياها ويدعو الغير إليه ويجلي الحقائق كما هي عليه في أرض الواقع.
الأمة تحتاج السياسي الذي يطرح قضايها ويحاور وينافح عنها وفقاً لمنهج الله وشرعه.
الأمة تحتاج المؤسسات الاقتصادية والمالية التي تمثل عصب الحياة الدنيا وزينتها.
الأمة تحتاج المهندس والطبيب، تحتاج الإداري والمحاسب، تحتاج التاجر والعامل.
الأمة تحتاج المجاهد المرابط الذي يتتبع الثغور ويحمي البيضة.
بل يكاد يكون ما من مجال من مجالات العمارة والخير إلاّ والأمة تحتاج إلى الحادبين من أبنائها فيه.
فانظر أخي الكريم- ماذا تحسن وأي شيء تتقن فأنت أعلم بنفسك وقدّر ما يناسبك، ثم شاور أهل العلم والعقل والتجربة والنظر، ثم استعن بالله ولا تعجز ولا تتأخر فالأمة تنتظرك لتنهض بها في مجالك.
نفع الله بي وبك، وعظم الأجر لي ولك، وجعلني وإياك من العاملين الباذلين الذين يرفع الله بهم الدين ويعلي شأن المسلمين.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد