ظِلالٌ رماديّةٌ تستبيحُ المدى المستكين
وبحرٌ عَبوسٌ يدُسٌّ الأذى في زوايا السفين
ولا شيءَ في الأفقِ إلا نشيجُ نوارسَ
عندَ المغيب
هنالك خلف الحواجزِ..يؤنس وَحدتنا في خِضمِّ المحيطِ..
ووَسطَ الجليد
وقوفاً نؤبٌّ إلى لحظة المنتهى علّها إن بدت
يبتدي عُمرنا من جديد
وقوفاً، وما ثَمَّ من حولنا غير هذا الضباب البليد
وعيد يمرّ على غفلةٍ, من عيون الخفيرِ..
يهيّجُ في القلبِ جرحاً عميقاً.. يَنِـزٌّ أسىً.. ولظىً
وصديد
فنرنو إليهِ، ونرجو: أيا عيدُ لو مرة لا تجيءُ
فما عاد في الجسم لو قيدَ شبرٍ, لحزن جديد
يغيبُ.. فنرجوه كيما يعود..
ويأتي ونرجوهُ أن لا يعود..
ونذرو إليهِ بكل اعتبارٍ,.. وكل اعتذارٍ,
نموءُ:
حنانيكَ يا عيدُ..
لا تعتبنََّ.. فإنا نحبكَ..
نعشق أهدابَ صبحِكَ..
نعشق رجعَكَ بين اليمامِ..
يغازلُكَ النورُ فوق المآذنِ.. الله أكبر..
ونعشق أنفاسكَ المترَعاتِ بشهد التَّسابيحِِ
نعشق وردك لما تقَـطـَّرُ بين الأكفِّ، وحَرِّ العناقِ..
عطوراً تميسُ مع الريحِ..
نعشقُ ضحكك بين المراجيحِ..
تعلو.. فتعلو.. فينهلٌّ بِشرُكَ غيثاً على شفَة القلبِ..
تُحيي مغانيهِ
الله أكبر
ولكننا ها هنا.. أو هناكَ.. علينا تَشَابهُ كلٌّ الجهاتِ
فلا شرقَ لا غربَ.. لا إلفَ لا صدرَ نأوي إليهِ..
وهذا المحيطُ عديم الملامحِ.. أقسى من الصمتِ.. أبلى من الجوعِ.. أردى من الموتِ
يغصِبُنا رفّةَ الحلمِ في قبضةِ المستبدِّ العَنيد
فنصرخُ من دون صوتٍ,..
ومن قحف قلب يفيض احتراقاً على يبس العمرِ..
نصرخُ: الله أكبرُ من ربقَةِ القهرِ..
من كلّ ليل علينا يسود..
ورغم السدود
نشدٌّ بذيل السنين طويلاً.. بما قد تبقّى من الذكرياتِ وعَزم الحياةِ
نشدٌّ.. نشدٌّ ولكن كما البرق تمضي سريعاً بلا رَمقَةٍ, للوراء الغريب
فنرخي الأماني.. تطيرُ بأثقالها المُدمِياتِ،
ونصف جناحٍ,،
إلى مرفأ اللازورد البعيد
يعاندها الموجُ... آهٍ, من الموجِ.. آهٍ, من الملحِ
أنّى تلفَّتَ وجهُ الشراع تَقطّعَ من صفعةِ الغدرِ،
من طعنةِ الساخرين
عيون تمرّ على جرحنا.. تزدريهِ
وتسلب إنسانهُ ثم تُسلمُه للشقاء المديد..
عذابٌ يكال لنا دون ذنب، بلا رحمة من قريبٍ,..
ولا رأفةٍ, من بعيد
كأن الذي بيننا لم يكن رَحمَ دينٍ, مجيد
خذي روحنا يا نوارسُ..
لا تتركيها وحيدةَ ليلٍ,.. سجينةَ أضلاعنا الناحلاتِ
برغم الذي يعتريها من الضعفِ..
والكسرِ
رغم الهَنَاتِ
خذيها مطوّقةً بالأغاني وملفوفةً بشغاف الهوى
ورفيفٍ, من السوسناتِ
توسّطُ غمراً من الشوقِ.. حفلاً من القُبَلِ العاطراتِ
خذيها إلى ساكنيها.. فهم وحدهم يفهمون المعاني وبيت القصيد
خذيها وهاتي لنا من هواهم..
هواءً.. وصبحاً.. وأحلى بريد
وتلتجٌّ في الأفق أصواتُنا تصدَعُ الصمتَ.. تعبر فيه بكل الحنينِ..
إليها
إلى عشقنا السَّرمديّ العميد
ننادي..
نرجٌّ الأديمَ.. بحلو الغرامِ.. وعذبِ النشيد..
ننادي بملء الفؤادِ الشريد
أغزةُ.. يا عمرنا
يا حبيبتنا..
هل ترى تسمعين.. ؟
وعنّا برغمِ المساوفِ هل أخبروكِ
وهل تعرفين..
بأنك كَينُونةُ النور في كُوّةِ الروحِ، تملؤنا بالجواب اليقين
وأنَّ لقاءَكِ أصلُ اعتقادٍ,، وذكركِ فينا محاريبُ دين
سقى الله قلبكِ يا ربَّةَ الحبِّ..
يا غُرّةَ الشمسِ.. يا مبسمَ الطيبين..
ويا كل شيء تبقّى لنا في الزمان الضَّنين
عِدِينا بأن تذكرينا.. ولو مرّةً كلَّ عيد
عِدينا إذا ما استحلّ المحيطُ بقيَّةَ أجسادنا في بُرود
بأن تحتوينا
هوىً.. ورُفاتاً.. وطيفاً يَرُود
فليس على البحر أرضٌ سِواكِ
وليس على الأرض بعدكِ جود
أجل سنعود
على أي شكلٍ,.. على هيئةِ الحبّ نأتيكِ كي تحضنينا
وكي تمنحينا وشاحَ الخلود
نقبّلُ كفَّيكِ عند الصباحِ وقبل الهُجود
نعيش كما ينبغي لصغار العصافيرِ.. في فَيحِ قلبِكِ
يملؤنا بالغناء الفريد
نُمرّغُنا في رَهَافةِ عينيكِ..
نغفو، فينسدلُ الهُدبُ ليلاً وَدُود
وغابةَ شِعرٍ, ورَندٍ, وعود
كذا أنت فينا: جِنانٌ وكوثر
كذا أنت يا حُلمنا.. بل وأكثر
فسِحِّي على نار غربتنا وَدقَ تلك الوعود
إلى أن نعود
إلى أن نعود
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد