أول عيدٍ, .. بلا أمي !

7k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

قـلـبـي ينادي.. والنداءُ وجيبُ *** يـا عـيـدُ مالك ما تكادُ تُجيب؟!

يا عيدُ! أين العيدُ يؤنسُ وحشَتي؟ *** عـهـدي بـه بالمفرحاتِ نجيبُ

قـالوا: أتى، ورأى الجميع هلالهُ *** وأطـلّ وجـهٌ لـلأنـامِ حـبيبُ

فصرختُ: أين العيدُ؟ عندي ما بدا! *** إن كـان قـد وافى فكيفَ يغيب؟

الـعـيـد هذا؟؟ ليس هذا عيدنا! *** الـعـيـدُ هـذا- يائس وكئيبُ

عـيـدي سـرورٌ كـلـه وسعادةٌ *** وبـشـاشـةٌ قد صاغها الترحيبُ

عـيـدي الذي بجوار أمي.. ما لَنا *** عـيـدٌ سـواهُ، فـوحدهُ المطلوب

عـيـدي الـذي بجوار أمي دائمٌ *** فـهـلالُ عـيدي لا يليه غروبُ

كـم هَـلَّ من آفاق بسمتها.. فلي *** فـي كـل حـين حظوة ونصيبُ

حـتـى وقـد فارقتها دهراً.. فلم *** يُـحـرم من العيد السعيدِ غريبُ:

أخـبارُها.. دعواتها.. وهُتافُها الـ *** ـمسموع روضٌ بالسرور خصيبُ

وإذا أحـاطتني الهمومُ هنا- فلي *** فـي عـيـد أمـي بلسمٌ وطبيبُ

إنـي رضـيتُ مع الفراق.. بأنها *** تـحـيـا وتـسلم والزمانُ يطيبُ

وبـصـيص آمال يلوحُ يقولُ لي: *** اصـبـر قليلاً.. فالغريبُ يؤوبُ!

قـد يـجـمـعُ الله الأحـبةَ بعدما *** قـد بـعـثرتهم في الحياة دروبُ

اصـبر.. فقد تجني المسرة والمنى *** بـعـد الـفراق كما جنى يعقوبُ

وصـبـرت أتـخذُ الدعاء وسيلةً *** مـا كـان مـن لزم الدعاءَ يَخيبُ

وازدان فـي أفـق الرجاء تفاؤلي *** دهـراً.. وشـوقي في الفؤاد لهيبُ

وأصـخت علّ السعد يعزف شدوه *** فـهـوى عـلى أدني أذىً ونحيبُ

واسّـود وجهُ الصبحِ بعد نصاعةٍ, *** وكـأنـما طمس الشروقَ غروبُ

ومَـضَـت إلى دار الخلودِ كنجمةٍ, *** ومَـضَت فأطفأها الردى المنكوبُ

مـاتت فمات العيدُ.. ماتت فرحتي *** في غربتي.. مات الشذى والطيبُ

قـد كان لي أمل اللقاء.. فكيف لي *** أن ألـتـقي من بالثرى محجوبُ

أو كـيـفَ أحتملُ الفراق وإن لي *** قـلـبـاً عـلى نار الحنين يذوبُ

فـي زحـمةِ الأعياد أعياٍ, الورى *** مـا بـانَ لـي إلا أسىً وكروبُ!

فـأنا الحزين.. أنا اليتيم وإن طغى *** فـي هـامـتي بعد السنين مشيبُ

وأنـا الـضعيفُ بفكرتي وبقدرتي *** مـا لـي إذا حُـمَّ القضاءُ هروبُ

إلا إلـى ربّ الـقـضـاء فـإنما *** لـه يـفـزعُ المحزون والمغلوبُ

يـا ربّ حـلّت في جوارك ضيفةٌ *** وسـبـيـلُ عـفوك للأنام رحيبُ

إن نـالـها منك السخاءُ فذاكَ لي *** نـعـمَ العزاءُ.. فقد نجا المحبوبُ!

أدعـو ويـغلبني الحياءُ فليس لي *** حـق الـدعاء وفي الكتاب ذنوبُ

أنّـى لـمـثـلـي أن يقود سفينة *** نـحـو الـدعاء وقَعرُها مثقوبُ؟

لـكـنّ آثـامـي تـدقّ وتنزوي *** بـجـوار جـودٍ, لا يـليه نُضوبُ

فـسـطاطُ عفوك أشرعت أبوابهُ *** لـلـخـاطئين.. لمن كبا ويتوبُ

تـمـضي الحياةُ بخيرها وبشرّها *** نـحـو الردى وإلى حماك نثوبُ

فـاشـمـل إلـهي والديَّ برحمةٍ, *** وأخـي وأختي.. والرضاءُ قريبُ

واجـمـع بـفضلك شملنا في جنةٍ, *** فـيـهـا لـقاءُ الصالحين يطيبُ

لا حـبـذا الـدنـيا.. ونعم نهاية *** فـيـهـا حـبـيبٌ يلتقيه حبيبُ

فـهـنـاك عـيدي دائمٌ ومحبّبٌ *** وهـنـاكَ عـيدي رائعٌ وعجيبُ!


أضف تعليق