شـقـقـتَ الـصدور بالرحيل ولم تزل *** تـشـقّ فـؤادا قـد أحـبّـكـمو حقا
ومـاذا عـسـاه الـقلب يفعل لو بكت *** عـيـونـي وقـد حـنت لرؤيتكم شوقا
سـوى أن يـفيض الوجد وجد صبابتي *** فـيـخـفـقُ بـالتحنان للطاهر الأتقى
ومـا كـنـتُ أدري حين لفكمو الردى *** بـأنـي سـألـقـى كلّ هذا الذي ألقى
كـآبـات قـلـب واهـتـياجا لأضلعٍ, *** و لـوعـة وجـدان ودمـعا همى دفقا
فـكـلّ زفـير شبّ في الصّدر باللظى *** وكـلّ خـيـال هـبّ يـسحقني سحقا
يـقـولـون قد مات \" الأميريّ ُ\" يافتى *** وقـد سـمـقـت أزهـار دمـنته سمقا
فـكـفـكـف دراريك الحزينة واعلمن *** بـأنّ بـكـاك الـمـرّ لم يعرف السبقا
تـأخـر فـي حـق \"الأميريّ \" رثوكم *** ومثل \" الأميري \" بئس من يهضم الحقا
فـقـلـتُ لـذاكـم قـد لـقـيتُ أسنة *** لـهـا فـي حنايا الجسم خلساتها خرقا
سـيـعـذرنـي قـومي ولستُ بطالب *** سوى من \" أميري \" العذرَ أجلي به الربقا
ولـو يـعـلـم الـشهمُ الكبيرُ براءتي *** مـن الـشعر قرضا قبل أن يعرج الأفقا
و إنـي حـديـث الـعهد بالنظم ليتني *** نـظـمـتُ قـبيل الموت حلّ بكم برقا
و قـالـوا \" الأمـيري \" أبدع َالنظمَ حلة *** كـسـت أدب الإسـلام من نورها ألقا
فـلـمـا تـلـوتُ مـن نـظـيم بيانهِ *** سُـحـرتُ بشعرٍ, فاض من نبعه الأنقى
و ألـفـيت في الديوان ما أبهج الورى *** مـشـاعـرَ إنـسـانٍ, أصيلٍ, سما فوقا
نـدمـتُ و أمسى الذنب يُوخزُ مهجتي *** عـلـى كـلّ يـوم قـد جهلتكمو حمقا
ومـمـا يـزيـد الـقـلب نارا وحرقة *** ويَـضـرمُ فـي الوجدان ما فاتني حرقا
تجاورُني في العيش في أرض \" مغربٍ, \" *** سـنـيـنـا ولم أدر الجوار الذي أبقى
فـضـيـلـتـكـم خمسا وعشرة حجّةٍ, *** تـنـال عـطاء الجود من خيرها رزقا
عـفـا الله عـنـي مـا عـرفتُ بذلكم *** فـلـما عرفتُ صرتُ من موتكم أشقى
ولـو كـان لـي عـلـمٌ قـبيل مماتكم *** شـددتُ الـرّحال كي أرى شخصكم حقا
أجـالـسـكـم والـسّـعـد يَألق بهجة *** وأقـتـبـسُ الأنـوار من عروةٍ, وثقى
تـقـولُ وقـد أفـضى لك القلبُ سرّه *** بـنـيَّ سُـررتُ بـالـذي رمته نطقا
أحـبّـكَ ربّـي ذو الجلال وذو الرضى *** ومـن أجـلـه ذا الـحـبّ ننشقه نشقا
أتـرغـب في نصحي؟..فثمة ناصح *** يقول: اعملوا من بعد..ذاك الذي يبقى
هـو الأدب الـورديّ يـقـطر بالندى *** يـزّيـنـه الإسـلام مـن طهره يُسقى
ومـا دونـه عـكـر الـمـياه مشوبة *** مـروقـا وهـجـنـا لا يساغُ لها ذوقا
ضـلالٌ وزيـغٌ و اتـبـاعٌ لأنـفـسٍ, *** تـدبـق أجـفـانـا بـرمّـتـهـا دبقا
وفـي أدب الإسـلام حـصـنُ استقامةٍ, *** وعـزّة إيـمـانٍ, نـغـوص بـها عمقا
فـلا تـنـظـمـنّ الـشعرَ إلاّ سبرته *** أيـرضـاه مولانا؟ وهل يجلب العتقا؟
وكـن مـثـل حـسّـانٍ, يـصدّ بشعره *** نـبـالا ويـرمـي بـالـنظيم الذي دقا
تـزوّد بـأشـعـار الـقـدامى فنظمهم *** بـديـعُ الـمـتون في فضائهمو ترقى
وثـابـر بـنـيّ أن تـكـون مجاهدا *** ومـا اسـطعتَ من جهدٍ, فأنفق له الطوقا
جـهـاد الـيـراع لا يـقـلّ حـماسة *** عـن الـخـيل في الهيجا يسابقها سبقا
ومـن قـلـبـك الـفيّاض دُرّ عواطفا *** مـن الـحبّ و الإخلاص للناس ما تلقى
فـلـسـنـا عـداة لـلأنـام على الذي *** يراه ضعاف اللبّ من قصرهم غدقا!!!
ولـكـن حـمـاة لـلـشريعة مذ بدت *** تـحـاط أحـابـيـلا تـروم لها شنقا
و لـو عـلـم الأعـداءُ شـرعة ربّنا *** و أخـلاقـهـا غـيـثا لقلّ العدى خنقا
مـروءة ُإنـسـان وعـطـفُ سـماحةٍ, *** وحِـلـمٌ جـمـيـلٌ زاد عفوا فما أبقى
مـحـضتُ بنيّ النصحَ و الحبّ سائقي *** يـسـوق إلـيـكـم ما ذكرت لكم سوقا
فـهـل قد وعيت القول يا ابن عروبتي *** لـتـرجـمـة الأقـوال فعلا تلا نطقا
فـلـم أتـمـالـك أن أبـوس جـبينه *** و أسـكب من شكري دموعا جرت هرقا
وقـلـت: يـمـين الله هذي عزيمتي *** سـتـبـحـرُ فـي يمّ الذي قلته صدقا
أخـوض غـمـار الفكر و الدين رائدي *** أذود بـه عـمّـن يـكـيـد لـنا فرقا
فـلا تـخـش مـنّي رَدّ نصحٍ, محضته *** إلـيّ فـلـسـتُ بـالـذي لـك قد عقا
تـهـلـل بـالإشـراق وجه \" أميرنا \" *** وضـمّ ضـلـوعـي في حنوّ حلا رفقا
وغـاب إلـى الأرواح فـي عالم الردى *** وأصـبـح حـزنـي لا يـفارقني رتقا
خـذونـي إلـى قـبر\" الأميريِّ \" ساعة *** عـسـاه سـلامي كفكف المقلة الغرقى
فـأدعـو رحـيـمـا كم تضرّع عبده *** (مـع الله) يـرجـو مـن شآبيبه ودقا
و أرفـع فـي كـبـد الـسـماء أناملا *** أسـائـل ربـي أن يـجـود لـه عتقا
مـن الـنـار يـوم الـحـرّ إنّ عذابه *** شـديـدٌ ألـيـمٌ أفـزعَ الـكون والخلقا
و أن يـهـب الـفـنان في الشعر جنة *** إلـى ذروة الفردوس في المنتهى الأرقى