الكتب والمؤلفات التي تحدثت عن دعوة الشيخ بإنصاف أو دافعت عنها ( 6 )


بسم الله الرحمن الرحيم

 

41- اسم الكتاب: اعتماد دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة

المؤلف: مناع القطان

المولد: مصر

 

الشيخ مناع القطان - رحمه الله - تعالى - العالم المصري المعروف، والذي عُرف بكتابه القيم (مباحث في علوم القرآن) وكتابنا هذا، وله مؤلفات أخرى لم تشتهر ككتابه المباحث.

وكان من العلماء المؤثرين بمصر، له صولاته وجولاته، وكان من رؤوس الإخوان المسلمين، ومن حواري حسن البنا - رحمه الله تعالى -.

وقد آوته المملكة العربية السعودية بعد التصفيات لرؤوس الإخوان من قبل الطاغية جمال عبد الناصر عليه من الله ما يستحق-، وأسندت إليه عدد من الوظائف العالية، ومنها أنه كان مدير إدارة الدراسات العليا بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

 

أما عن كتابه، فيتجلى فيه بضاعته العلمية، في اختيارته لتبيان منهجية الشيخ واعتماده واعتماد دعوته على أصل معروف (الكتاب والسنة)..

 

كانت المحاور الرئيسية لكتاب الشيخ:

نبذة مختصرة عن بيئة الشيخ وعصره.

اعتماد دعوة الشيخ على القرآن والسنة:

أولاً: تأكيد على الرجوع إلى الكتاب والسنة.

ثانياً: منهجه في الدعوة إلى العقيدة يرتكز على الأدلة من الكتاب والسنة.

ثالثاً: منهجه في الفقه يعتمد على اختيار ما يدعمه الدليل وإن خالف المذهب.

 

وقد أجاد وأفاد وكان كثيراً ما يستدل بأمثلة كثيرة من كتبه ورسائله تدلل على ذلك، فرحم الله الشيخ مناع القطان وأعلى درجته بالجنان.

 

42- اسم الكتاب: اعتماد فقه دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب على الكتاب والسنة

المؤلف: صالح بن عبد الرحمن الأطرم

المولد: نجد

 

فضيلة الشيخ صالح الأطرم وهبه الله العافية- الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية وعضو هيئة كبار العلماء سابقاً.

 

وكانت المحاور التي تحدث تحتها:

- مقدمة

- نبذة عن حياة الشيخ

- ما قيل عن اعتماد فقه الشيخ على الكتاب والسنة

- في مؤلفاته الشيخ فيما عدا العقيدة

- خاتمة

 

قد أطال الشيخ النفس والنقاش، وأثبت بالأمثلة من كلام الشيخ ومؤلفاته فهي أقوى رد على أهل الكذب والباطل، فنفع الله به أجاد وأفاد وأتمنى لو تحرك أبناء الشيخ بنشره كراريس الشيخ المحبوسة، وكتابته التي نشرت ونسخه اليوم قد نفدت.

 

43- اسم الكتاب: الشبهات التي أثيرت حول دعوة الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب

المؤلف: الدكتور عبد الرحمن بن راتب عميرة

المولد: مصر

 

الدكتور عبد الرحمن عميرة عُرف باهتمامه بتحقيق الكتب السلفية، فهو محقق كتاب تفسير (فتح القدير) للشوكاني - رحمه الله - تعالى - والكتاب الأساس (الرد على الجهمية والزنادقة) للإمام أحمد - رحمه الله - تعالى - ومؤلف هذه الكتاب والبحث النفيس.

 

أما عن كتابه فقد أبرز كتابه بآية ثم حديث ثم قول لمستشرق وهي كالآتي:

 

قال - تعالى -:

{قُل يَا أَهلَ الكِتَابِ تَعَالَوا إِلَى كَلَمَةٍ, سَوَاء بَينَنَا وَبَينَكُم أَلاَّ نَعبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشرِكَ بِهِ شَيئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعضُنَا بَعضاً أَربَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوا فَقُولُوا اشهَدُوا بِأَنَّا مُسلِمُونَ}.

 

قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله يبعث على رأس كل قرن من يجدد لهذه الأمة أمر دينها))

 

(ما من مرة هوجم الإسلام سياسياً أو عسكرياً إلا اتجه نحو المذهب الحنبلي الذي ينادي في قوة وحماس بالرجوع إلى السنة)

المستشرق لاوست

 

وبعد هذا شرع المؤلف في مقدمته فقال بعد الثناء على الله وحمده، والصلاة على نبيه:

(فهذه كلمات حول الشبهات التي أثيرت حول الدعوة السلفية، دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب - رحمه الله -.

أردنا بها وجه الله - سبحانه وتعالى- والحق أقول- لقد عشت فترة طويلة من الزمن أبتعد عن هذه الشبهات، وأحاذر التعرف عليها أو قراءة أفكارها حتى أعانني الله - سبحانه وتعالى- بالاقتراب منها ومعايشتها.

فلم تكن في الحقيقة إلا بناء من ورق، وزينة جوفاء، وسراباً خادعاً لا ماء فيه ولا ري، وإكليلاً من الخزي والعار وضعه الشيطان كبير المضلين على رؤوس هؤلاء العتاة الذين وقفوا للدعوة ينالون منها بالكلمة مرة، ويصدون عنها الأتباع والأنصار مرات.

ولكن إرادة الله غالبة وجنده هم المنصورون، فارتقت في جنبات أرض نجد كلمة التوحيد الخالصة لله - تعالى -، وكان هذا إيذاناً بتدمير دولة الطاغوت التي تمثلها قباب الموتى وأضرحة الأولياء، وما يغري به الشيطان أتباعه من الاستعانة والاستغاثة بالشجر والحجر والأصنام.

 

ولقد وقفت أمام هذه الدعوة كل قوى الشر مجتمعة ممثلة تارة في رجال لا يعرفون من الإسلام إلا اسمه، وعاشوا حياتهم سدنة للأصنام وعبادة للبهتان، وأوصياء على بعض الأفراد، يزينون لهم المنكر، ويغرقونهم في مباءة الشرك إغراقاً.

 

وتارة أخرى في الاستعمار ورجاله، والطامعين وأذنابهم، والتبشير وأعوانه وقوى أخرى تكره الإسلام وأبناءهº وتعمل جاهدة في كل ميدان حتى لا يقام لأتباع هذا الدين قائمة.

 

{يُرِيدُونَ أن يُطفِئُوا نُورَ اللهِ بأَفوَاهِهِم وَيَأبَى اللهُ إلا أن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَو كَرِهَ الكَافِرُونَ}.

لقد نجحت هذه الدعوة نجاحاً منقطع النظير، نجحت في رد المسلمين إلى ربهم وخالقهم.

ونجحت في جعل العبادة خالصة لوجه الله.

ونجحت في إبطال فرية الأدعياء والمبطلين القائلين بأن الإسلام استنفذ أغراضه ولم تقم له بعد قائمة.

 

فإذا بجيوشِ الدعوة السلفية -دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب- تزلزل العروش وتقوض التيجان، وتزيل الممالك وترهب أعداء الله وأعداء دينه- وتنداح جيوشها في الجزيرة العربية كل الجزيرة العربية وتتخطى مبادئها التي هي مبادئ الإسلام- الحدود والسدود وتصبح كالبؤرة المشعة من قرص الشمس).

 

بعدها أنطلق المؤلف مع الدعوة وأصولها، بين بأن هذه الأصول لا تأخذ من الأعداء أهل الافتراءº ولكن تأخذ من كتب أهل الدعوة فيقول:

(إننا والحق يقال- لا نستطيع أن نطلق حكماً عاماً على هذه الدعوة، قبل أن نستقرئ سوياً أفكار رجالها، ونستوضح مبدئياً قواعدها، ونتعرف من خلال ذلك على منهجها الذي قامت تدعوا الناس إليه).

 

ثم بين أنها تعرضت لسيل جارف من الاتهامات والافتراءات حيث يقول:

(ومن قبل نحب أن نقرر أن هذه الدعوة في إبان قيامها تعرضت ككل الدعوات- لسيل جارف من الاتهامات الباطلة، ورمي صاحبها وأتباعه بأشياء كثيرة مسفة يعف القلم عن تسطيرها، أو الخوض فيها، لأنها من الضلال المبين.

 

ومن أجل ذلك انبرى الإمام لهؤلاء الأدعياء يرد كيدهم في نحورهم، ويبين للأمة الإسلامية حقيقة ما يدعوا إليه).

 

ثم بدء المؤلف يقرأ يعلق على كلام الإمام، ويستخلص منها أصول دعوته، واستخرج أصولاً عديدة لعقيدته تندرج تحت أربع أغراض للدعوة رئيسية، وهي:

(أولاً: الدعوة إلى القرآن الكريم.

ثانياً: التزام السنة النبوية في كل ما تأتي وما تدع.

ثالثاً: اتباع مذهب أهل السنة والجماعة.

رابعاً: محاربة البدع وأنواع الشرك الذي يتمثل في عبادة القبور والاستغاثة بغير الله - تعالى -، وإنقاذ الناس من أساليب الجاهلية الأولى التي أخذت تتفشى في المجتمع الإسلامي من بداية القرن الثامن الهجري، وشجب أنواع التصوف الفلسفي وترهات الدراويش والمشعوذين وسدنة القبور)

 

وحين تتضح حقيقة الدعوة، وتكشف الافتراءات، فيكون للعلماء موقف آخر، خذ هذا المثال:

(وقال العالم الأزهري الكبير الشيخ \"أبو الهدى الصعيدي\" عام 1815م بعد أن انتهى من مناظرة قامت بينه وبين بعض علماء الوهابيين بأمر محمد علي والي مصر في ذلك الحين: \" إذا كانت الوهابية كما سمعنا وطالعنا فنحن أيضاً وهابيون\".

 

نطق هذا العالم بكلمة الحق، ولم يخش بطش الوالي المتسلط الذي كمم الأفواه وسلط على أتباع هذه الدعوة جنوده وفتكه ونارهº لأن قوة هذا الوالي مبتوتة الصلة عن القوة العليا قوة الله - سبحانه وتعالى-، فهي لا تخيف ولا ترهب.

 

وأيضاً فإن هذا العالم تأدب بأدب الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتربى في رحاب سنته التي ترى: ((أن أفضل الجهاد كلمة الحق عند سلطان جائر)).

 

وكأن الوجود كله قد أخذ يردد في تلك اللحظة كلمة هذا الشيخ المؤمن لصادق الإيمان.

 

إذا كانت الوهابية كما سمعنا- دعوة الإسلام، دعوة التوحيد الخالص، ثورة على الشرك والوثنية، وإعصار على الضلال والبهتان، فكلنا مسلمون، كلنا مؤمنون، كلنا خلف دعوة محمد بن عبدالوهاب، التي هي دعوة الإسلام، دعوة محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم -.

 

ونقول:

إذا كان ذلك كذلك.. فلماذا قامت الدنيا ولم تقعد؟ ولماذا تقولوا على الدعوة الأقاويل؟ ورموا صاحبها بالمروق عن الإسلام؟ وأعلنت الحرب الضروس التي لا تبقي ولا تذر؟

 

للإجابة على ذلك: علينـــا أن نقطع شوطاً آخر في البحث)

 

ثم عقد باباً كاملاً لـ[الشبهات والافتراءات التي أثيرت حول دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب] وقد ذكر عدد منها، وناقشها مناقشة تفضح أكاذيب المناوئين للدعوة السلفية، وحاول أن ينفي الشبه بأقوى حجة، وهي من كلام الإمام - رحمه الله - تعالى -.. وكما قال المؤلف (للإجابة على ذلك: علينا أن نقطع شوطاً آخر في البحث) وهذا ما قام به في هذا الباب ومن أراد التفصيل فليعد للكتاب.

 

ثم ختم المؤلف بهذه القصة التي توضح أن عدد من العلماء قد صدقوا هذه الافتراءات والشبهات الكاذبة، فذموا الدعوة وإمامها وأهلها، فما دام أنها راجت على العلماء فكيف بالعوام؟! ولكن حين يبين له الحق يكون موقفه كموقف العالم الأزهري \"أبو الهدى الصعيدي\" - رحمه الله -.. يقول المؤلف:

(يطيب لي أن أختم هذا البحث بقصة عجيبة في الهند تتصل بالشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته، وملخص القصة كالآتي:

 

كان أحد العلماء الفضلاء في الهند يستقبل أبناءه الطلاب ويلقي عليهم دروس التفسير والحديث.

 

وكان هذا الشيخ يبدأ درسه بعد الحمد لله والصلاة والتسليم على رسوله بالدعاءِ على الشيخِ محمد بن عبدالوهاب وجماعته، يطلب من الله - سبحانه وتعالى- أن يطهر الأرض من شرورهم وآثامهم في رأيه- وأن يخلص الحرمين الشريفين من تلك العصابة..!!

 

وكان أحد أبناء نجد تلميذاً لهذا الشيخ، وكان من المستحيل عليه أن يرد الشيخ إلى الصواب، وسط هذه الأجواء من الادعاءات والافتراءات التي يشنها الأعداء وتحرص دولة كبرى كدولة الخلافة العثمانية، ومن ورائها الاستعمار وأذنابه، وكل أصحاب المذاهب والنحل الباطلة على النيل من هذه الجماعة وصاحبها.

 

وفي يوم من الأيام.. فكر الطالب في أمر يرد به الشيخ إلى جادة الصواب، ويعرفه بحقيقة الشيخ محمد بن عبدالوهاب ودعوته السلفية، فما أن كان منه إلا أن نزع غلاف كتاب \"التوحيد\" للشيخ وقدمه لأستاذه طالباً منه قراءته وإبداء حكمه عليه.

 

واستجاب الأستاذ لأمر الطالب وقرأ الكتاب فأثنى عليه ثناء منقطع النظيرº بل وأضاف أنه من أحسن الكتب التي قرأها في هذا الباب ومن أكثرها فائدة.

وهنــــــــا كشـــف الطالــب لأستــاذه عن مؤلفه الذي يتقرب الشيخ إلى ربه بالنيــل منه كل الصباح.

 

فاستغفر الشيخ عما بدر منه في حق هذه الجماعة وصاحبها، وصار من أكثر المدافعين عنها الداعين لها، وبقيت الدعوة عملاقة ترشد المسلمين إلى الخير وتبصرهم بأمورِ دينهم، وأخذ الله أعدائها أخذ عزيز مقتدر فلم تبق لهم باقية.

 

راحوا فما بكت الدنيا لفرقتهم *** ولا تعطلت الأعياد والجمع

 

جزى الله الدكتور عبد الرحمن عميرة خير الجزاء فقد أجاد وأفاد، وإن كنت أطالبه بتنقيح رسالته الشافية والإضافة عليها بما يفيد وطبعها مجدداً، فأهل التوحيد يسعدون بمثلها، ورحم الله من ختم بقصته وهو العلامة الشيخ عبدالله القرعاوي الذي هدى أحد أعلام الهند، من إتباع الافتراءات إلى كشف الحقيقة بنفسه من كلام الإمام وكتبه.

 

44- اسم الكتاب: سيرة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب

المؤلف: أمين سعيد

المولد: سوريا

 

هو أحد الكتاب والمؤرخين السوريين.

 

ولعلنا ندلف سريعاً إلى مقاطع من كتابه، يقول المؤلف:

(أما بعد، فسيرة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي من أحفل السير بالعظات، وأغناها بالفضائل، وأحقها بالبحث والفحص، والتفسير والتعليل، في سيرة مصلح من كرام المصلحين، ومجاهد من كبار المجاهدين، وعالم من خيرة العلماء، أنار الله بصيرته، وهداه سبله، وألهمه التقوى فدعا أمته للرجوع إلى الله، والعمل بكتابه، وسنة رسوله، ونبذ الشرك وعبادة القبور، فانقادت إليه واقتدت به، واستجابت له، فأخرجها الله به من الظلمات إلى النور فنجت وفازت، وجنت أطيب الثمار، وسمت إلى مرتبة الأخيار)

 

وقال المؤلف:

(وحققت الدعوة لنجد آمالها، وقد بدأت في محيطها، أول ما بدأت فأنشأت لها مجتمعاً إسلامياً سليماً، يؤمن بالتوحيد ويعظم شأنه ويسير على هداه، ولا يدعو مع الله أحداً ولا يزال هذا حاله، لم يتبدل ولم يتغير منذ عهد الشيخ حتى يومنا هذا، فهو يصدع بالحق ويؤمن به)

 

وقال المؤلف:

(وسيجد دارس هذه الدعوة دراسة علم وتدبر، ورغبة صــادقة في الوقوف على حقيقتها وبلوغ أعماقها، والإحاطة بتطورها وتحولها أن الإخــــلاص الكامل والرغبـة الصــادقة في تطهير الدين من البدع والخرافات والعودة إلى الإسلام الصحيح، والأخذ بمذهب الإمام أحمد مذهب السلف الصالح هو الحافز الحقيقي الذي حفز صاحبها إلى دعوتها والمناداة بها)

 

إلى أن قال:

(الشيخ لم يبتدع بدعة، ولم يحدث حدثاً، ولم يأت بجديد من عنده وإنما هو رأي ارتآه، يمكن أن يلخص بهذه الجملة [الرجوع إلى الله والعمل بما جاء في كتاب الله والاقتداء بالرسول والسير على سنته])

 

وقال المؤلف:

(فإن المنصفين من علماء الشرق والغرب، ولا سيما أولئك الذين جاءوا في الأزمنة المتأخرة، وفوها حقها من التعظيم والتبجيل، بعد أن درسوها حق دراستها وغاصوا إلى أعماقها، وأحاطوا بما أنتجه من نتائج عظيمة وما أثمرته من ثمار طيبة للإسلام والعروبة، ولم يكتف بعضهم بُجملٍ, عابرةº بل حبّر في وصفها الفصول الطوال ويمكن القول بدون تردد أن تقدير الناس لها، وإعجابها بسمو مقاصدها، يزداد كلما ازدادوا دراسة لها، وإحاطة بسيرة مؤسسها باعتبارها أعظم حركة إصلاح واجتماعي ظهرت في الشرق العربي بالعصور المتأخرة.

 

وهناك حقيقة أخرى، نرى أن نسجلها في هذه المناسبة وهي أن معظم العلماء الغربيين الذين كتبوا عنها بالغوا كثيراً في تعظيمها وأسهبوا وأطالوا في وصف نتائجها، لا فرق في ذلك بين العلماء والإنكليز والألمان والأمريكان من الباحثين في شؤون الشرق والإسلام فقد اتفقوا في وصفها بأنها حركة البعث الإسلامي وطليعة هذه النهضة الكبرى، التي تنير آفاق الشرق والعربي والإسلامي).

 

ويقول المؤلف أمين سعيد في وصف الأثر الطيب للدعوة:

(وحققت الدعوة لنجد آمالها، وقد بدأت في محيطها، أول ما بدأت، فأنشأت لها مجتمعاً إسلامياً سليماً، يؤمن بالتوحيد ويعظم شأنه ويسير على هداه، ولا يدعو مع الله أحداًº ولا يزال هذا حاله، لم يتبدل ولم يتغير منذ عهد الشيخ حتى يومنا هذا، فهو يصدع بالحق ويؤمن به.

 

وانبثق عن هذا المجتمع دولة عربية كريمة، نشأت في ظل الدعوة وآمنت بها، فكانت أول دولة عربية كبرى يؤسسها العرب في داخل جزيرتهم بعد دولة الخفاء الراشدين، فاتبعت طريقهم، وترسمت خطاهم فسادت وشادت ووسعت حدودها، وضمت إليها قطر الحجاز وبلاد عسير وتهامة، ودقت أبواب العراق، واكتسحت حدوده، وبلغت مشارف الشام وامتلكت بعض أجزائه، ووضعت يدها على الضفة الغربية للخليج \"الخليج العربي\" وتمتد من المحيط الهندي جنوباً إلى شط العرب شمالاً، ولا يقل طولها عن ألف ميل، فزينت راية التوحيد شطآنها، ورفرفت على ربوعها.

 

وانتشرت الدعوة في بلاد العرب وبلاد الشام وسرى نورها في أرجائها، فأقبل عليها الكثيرون وأخذوا بها، وتفاعلوا معها، واستجابوا لها فكانت الأم الكبرى لهذه النهضات التي تعم بلاد العرب، وبلاد المسلمين، وتعم الشعوب العربية، والشعوب الإسلامية، فأحيت ميت الهمم، وأيقظت خامد النفوس.

 

وضرب الشيخ صاحب الدعوة الوهابية الأمثال على تجرده ونزاهته، وعلى أنه لم يرد من دعوته سوى وجه الله وحده، وإصلاح حال أمته والنهوض بها، وإنقاذها من ظلمات الجهالة التي كانت تغمرها، وتقيمها وتقعدها، فاعتزل السياسة سنة 1187 بعدما استقرت الدعوة واستقام عودها، وزال كل خطر يهددها، وتضاعف عدد أنصارها المؤمنين بها، وعكف على عبادة ربه، يشكره على نصره وتأييده، وابتعد عن الدنيا وزخرفها، لا يبغي حكماً ولا سلطاناً، ولا مالاً، ولا نسباً، وظل هذا شأنه يصوم النهار ويقوم الليل عابداً متهجداً، خالصاً لله مخلصاً، حتى وافته منيته سنة 1206، فذهب إلى لقاء ربه راضياً مرضياً، بما قدم وأسلف.

 

على أن هذا لا يمنعنا من القول بأن الدعوة الوهابية نفسها، لم تلق من عناية علماء نجد وكتابها، ما كان يجب أن تلقاه، ولعل مصدر تلك انزواء نجد في قلب الجزيرة سحابة القرنين الماضيين، وصعوبة الاتصال بها، وقلة وسائل النشر لديها، على أن هذا كله زال الآن، فتيسرت الأسباب، وفتحت الأبواب، وازدهرت رياض العلم، مما نرجو أن يضاعف اهتمامهم، ويشحذ عزائمهم فسيرة الشيخ محمد من أحفل السير بالعظات، ومن أجدرها بالدرس، لها جوانبها المحددة، ومصادرها الكثيرة، يضاف إلى ذلك كله أن الشيخ خلف ثروة عظيمة وكنوزاً حافلة من الكتب والمؤلفات، في حاجة إلى إعادة الطبع والترجمة على اللغات، الأجنبية ليعم نفعها، ويستفيد الناس، ويغترفوا من بحر فضلها)

 

ثم قال مبيناً:

(أثر التمسك بالشريعة الإسلامية في الحياة العامة، وأثر الانصراف عنها:

إن العقيدة الراسخة عند النجديين أمرائهم وعلمائهم- أن الله مكنهم في جزيرة العرب، وأن سلطانهم في تلك الجزيرة لإحياء معالم الشريعة، وإظهار دين الله، وجعل سلطان التوحيد في الجزيرة هو السلطان الأول، وإزالة كل أثرٍ, من آثار الشرك.

 

ولقد قال الإمام سعود في خطبته بعد دخول مكة سنة 1218هـ \"إنا كنا من أضعف العرب، ولما أراد الله ظهور هذا الدين دعونا إليه، وكل يهزأ بنا ويقاتلنا\"

 

وكان الملك عبد العزيز - رحمه الله - في كل مناسبة يشير إلى هذا، ذاكراً فضل الله عليه وعلى أجداده من قبل، وأن ما وقع على آل سعود في أيامهم الأولى لم يكن إلا عقوبة لهم من الله لتهاونهم في أمر المحافظة على الدين والانصراف إلى أمور الدنيا، وكذلك جلالة الملك سعود مد الله في عمره.

 

ولذا فإن المشايخ من وقت لآخر- ما زالوا يقدمون النصيحة لإمامهم ويوصونه بالمحافظة على الدين، والأخذ على أيدي المتهاونين به، إذا رأوا شيئاً من التراخي والتهاون من ذوي النفوذ والسلطان.

 

ففي أيام الملك فيصل كان الشيخ عبد الرحمن بن حسن وولده الشيخ عبد اللطيف لا يتوانيان عن النصيحة ولفت نظر الإمام إلى عماله ورعاياه، وتذكيره بعاقبة التفريط، وأن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)

 

45- اسم الكتاب: حقيقة دعوة الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية

المؤلف: عبد الله بن سعد الرويشد

المولد:

 

الشيخ المؤرخ عبد الله الرويشد جزاه الله خيراً- عُرف بتصانيف عديدة في التأريخ والسير والتراجم والرحلات، فمن كتبه: أيام في تونس، قادة الفكر الإسلامي عبر القرون، الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب في التأريخ، وكتابنا هذا المنشور عن رابطة الأدب الحديث بالقاهرة..

 

وقد أثنى على كتبه الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو هيئة كبار العلماء ورئيس المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة سابقاً-، فقد أنتقل إلى الدار الآخرة - رحمه الله - تعالى -، حيث قال: (فلقد أهداني الشيخ عبدالله بن يعد الرويشد عام 1394 هجرية مؤلفاته الثلاثة …. ولقد سررت بها جداً، وشكرته على جهده العلمي الإسلامي الجليل هذا، وطلبت منه المواصلة في التأليف والمثابرة على ذلك … وقد أطلعت على مؤلفاته الثلاثة فوجدتها كتباً قيمة ونافعة مفيدة إن شاء الله - تعالى -، وخاصة في هذا الوقت الذي يجب على المسلمين أن يتزودوا بالعلوم والمعارف والثقافة الإسلامية، حيث كثرت أخيراً المبادئ الهدامة الضالة المضلة \"كالشيوعية والعلمانية والبهائية والقادينية وغيرها\")

وكان هذا من مقدمة تقريظه لكتاب الرويشد الرابع.. وقال عن هذا الكتاب الرابع: (فقد قرأ المؤلفُ كتابه هذا من أوله إلى آخره … فوجدت هذا الكتاب سفراً نفيساً قيماً قد بذل فيه المؤلف الفاضل جهداً مبروراً ومشكوراً إن شاء الله - تعالى -) وقد كان هذا في 15/ربيع الأول/1401هـ

 

وقد بين المؤلف سبب تأليفه هذا الكتاب، حيث قال: (ولقد طلب مني أستاذنا وشيخنا ووالدنا صاحب الفضيلة والسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشادات أن أقوم بتأليف كتاب عن الإمام المصلح شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبدالوهاب، وأن يكون كتاباً مختصراً ومفيداً إن شاء الله - تعالى -، وذلك بمنزلة بحي البديعة بالرياض، ولقد قال سماحته: إني أُريد منك أن تؤلف كتاباً آخر مختصراً …. لذا لبيت طلب سماحته.. )

 

وقد تحدث في الكتاب بإيجاز عن الشيخ نسبه ومولده ونشأته ورحلاته العلمية داخل وخارج الجزيرة، وتنفيذه للدعوة ومراحلها، ثم مناوأة الدعوة والتآمر عليها، ثم احتضان آل سعود للشيخ ونصرتهم له وللدعوة، ثم الخطر الخارجي الذي كان

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply