جزء من النص مفقود


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

جـزء مـن النّـص مـفـقـود...

جـمـلة قـد نـقـرأهـا فـي بـعـض الـرسـائـل الـتي تـأتـيـنـا عـلى الـجـوّال،

وهـي تـعـنـي أن هـنـاك جُـزءاً مـن الـرسـالـة مـفـقـود، ومـن خـلال ذلك

نـعـلم أن الـرسـالـة غـير مُـكـتـمـلـة....

وأحـيـانـاً تـكـتـمـل بـعـض الـرسـائـل بـالـتـحـديـث الـتـلـقـائـي!!

وهـنـاك كـثـيـرُ مـن الـنـّـاس يـوجـد لـديـهـم (* جـزء من النـص مـفـقـود *) في حياتهم!!

ومـن يُـشـاهـد مـا عـلـيه كـثـيـر مـنهم وأحـوالهم في هـذه الأيـام، يـرى بالـفـعـل أن هـنـاك

جُـزءاً مـن النـص مـفـقـوداً لـديـهـم!!

وأقـصـد بـذلك الجــزء المفـقـود (الاسـتــقــامــة)،

نـعـم... إن هـذا الجــزء هـو مـن أهـم الأمـور الـتي يـنـبـغـي عـلى كل أحد مـنّـا العـنـاية بـهـا،

بـل هـو أصـل، لأن الأصـل فـي المـسـلم الاسـتـقـامـة عـلـى ديـن الله،

الاستقامة تعني الثبات على الحق والوقوف عند حدود الله والإبتعاد عن ما حرّم الله والسير

في الطريق إلى الأمام، وعدم التوقف فإن المتوقف لا يسمى مستقيماً، ولا تنحرف يميناً ولا يسارا،

فالاستقامة ضد الانحراف.

قال - تعالى - في مـحكـم التـّـنزيـل: (فَاستَقِم كَمَا أُمِرتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطغَوا إِنَّهُ بِمَا تَعمَلُونَ بَصِير ٌ) سورة هود

وإليكم ما ذكره ابن كثير في تفسير هذه الآية: يَأمُر - تعالى -رَسُوله وَعِبَاده المُؤمِنِينَ بِالثَّبَاتِ وَالدَّوَام عَلَى الِاستِقَامَة وَذَلِكَ مِن أَكبَر العَون عَلَى النَّصر عَلَى الأَعدَاء وَمُخَالَفَة الأَضدَاد وَنَهَى عَن الطٌّغيَان، وَهُوَ البَغي إِنَّهُ مَصرَعَةٌ حَتَّى وَلَو كَانَ عَلَى مُشرِك وَأَعلَمَ تَعَالَى أَنَّهُ بَصِير بِأَعمَالِ العِبَاد فَلَا يَغفُل عَن شَيء وَلَا يَخفَى عَلَيهِ شَيء.

وأيضاً قال - تعالى -: (فَلِذَلِكَ فَادعُ وَاستَقِم كَمَا أُمِرتَ وَلَا تَتَّبِع أَهوَاءَهُم وَقُل آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ,)

الآية... في سورة الشورى. وذكر ابن كثير تفسير ذلك وَقَوله \" فَلِذَلِكَ فَادعُ \" أَي فَلِلَّذِي أَوحَينَا إِلَيك مِن الدِّين الَّذِي وَصَّينَا بِهِ جَمِيع المُرسَلِينَ قَبلك أَصحَاب الشَّرَائِع الكِبَار المُتَّبَعَة كَأُولِي العَزم وَغَيرهم فَادعُ النَّاس إِلَيهِ. وَقَوله - عز وجل - \" وَاستَقِم كَمَا أُمِرت \" أَي وَاستَقِم أَنتَ وَمَن اِتَّبَعَك عَلَى عِبَادَة اللَّه - تعالى -كَمَا أَمَرَكُم اللَّه - عز وجل -.

وفي صحيح مسلم عَن سُفيَانَ بنِ عَبدِ اللَّهِ الثَّقَفِيِّ قَالَ: قُلتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قُل لِي فِي الإِسلَامِ قَولًا لَا أَسأَلُ عَنهُ أَحَدًا بَعدَكَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ غَيرَكَ قَالَ قُل آمَنتُ بِاللَّهِ ثُمَّ اِستَقِم.

قَالَ القَاضِي عِيَاض - رحمه الله - : هَذَا مِن جَوَامِع كَلِمه - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ مُطَابِق لِقَولِهِ - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبٌّنَا اللَّهُ ثُمَّ اِستَقَامُوا} أَي وَحَّدُوا اللَّه، وَآمَنُوا بِهِ، ثُمَّ اِستَقَامُوا فَلَم يَحِيدُوا عَن التَّوحِيد، وَالتَزَمُوا

طَاعَته - سبحانه وتعالى - إِلَى أَن تُوُفٌّوا عَلَى ذَلِكَ. وَعَلَى مَا ذَكَرنَاهُ أَكثَر المُفَسِّرِينَ مِن الصَّحَابَة فَمَن بَعدهم وَهُوَ

مَعنَى الحَدِيث إِن شَاءَ اللَّه - تعالى -. هَذَا آخَر كَلَام القَاضِي - رحمه الله -. وَقَالَ اِبن عَبَّاس - رضي الله عنهما – فِي قَول اللَّه - تعالى -: {فَاستَقِم كَمَا أُمِرتَ} مَا نَزَلَت عَلَى رَسُول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فِي جَمِيع القُرآن آيَة أَشَدّ وَلَا أَشَقٌّ عَلَيهِ مِن هَذِهِ الآيَة. قَالَ: وَقِيلَ: الِاستِقَامَة لَا يُطِيقهَا إِلَّا الأَكَابِر لِأَنَّهَا الخُرُوج عَن المَعهُودَات

وَمُفَارَقَة الرٌّسُوم وَالعَادَات، وَالقِيَام بَين يَدِي اللَّه - تعالى -عَلَى حَقِيقَة الصِّدق.

بتصرف من صحيح مسلم بشرح النووي.

الـنّـاس ولله الـحـمـد والمِـنّـة فـيـهـم الخـير الكـثـيـر ولـكـن يـنـقـص الكـثـيـريـن منـهـم هـذا الجـزء!!

ولابُـد على كل أحـد مـنّـا الـقـيـام بـعـمـل (تحـديـث) لهـذا الجـزء المـفـقـود، وذلك بـ (الاسـتـقـامـة)

عـلى ديـن الله..

فلـنـبـادر أيـهـا الإخـوة، ولـتُـبـادرن أيتـهـا الأخـوات، مـن هذه اللحـظــات بالاستـقـامـة،

فإنهـا خـير طـريق سـار علـيـه من قبلـنـا من الأنبيـاء والصـالحين..

وفـقـنـا الله وإيــاكــم لـكـل خـــــير وللاستـقـامـة عـلى ديـنـه وثبـّـتـنـا وإيـاكم على الحـق..

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply