بسم الله الرحمن الرحيم
من سنَّةِ الله - تعالى - أنَّ المقاصدَ لا تحصلُ إلاَّ بالوسائل، لذلك أمَرَ - تعالى - عباده بمباشرةِ الوسائلِ واتِّخاذِ الأسبابِ الموصلةِ إلى مقاصدها، فقال - سبحانه -:[ وَأَعِدٌّوا لَهُم مَّا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ, وَمِن رِبَاطِ الخَيلِ ]. [سورة الأنفال، الآية 60].
وقد استقرَّ هذا الأمرُ في الفطر، وَرَسَخَ في العقول، وَثَبَتَ في المداركِ السويّة، وقامت عليه شؤونُ الدينِ والدٌّنيا، وأصبح من لا يباشرُ الأسبابَ الموصلةَ إلى مراداتِه يُنسبُ إلى ضروبِ العبثِ وَقِلَّةِ الإدراك، كما قال الشاعر:
ترجو النَّجاةَ ولم تسلك مسالكها *** إنَّ السفينةَ لا تجري على اليبسِ
وعلينا أن نعلم أنَّ جميعَ ما في الكونِ من أشياء لا تنفكٌّ عن ثلاثةِ أمور:
1 - مقاصدº وهي الأمور التي يُهدَفُ إليها من وراء الأفعال.
2 - ووسائلº وهي الأمور التي يُتَوَصَّلُ بها إلى المقاصد.
3 - وتوابعº وهي الوسائل التابعة للمقاصد المتممة لها.
قال الشيخ عبدُ الرحمن بنُ سعدي - رحمه الله - تعالى -:
الأشياء ثلاثة: مقاصدُº كالصلاةِ مثلاً، ووسائلُ إليهاº كالوضوءِ والمشي، ومتمماتٌ لهاº كرجوعه إلى مَحَلِّهِ الذي خرج منه، وقد ذكرنا أنَّ الوسائلَ تُعطى أحكامَ المقاصدِ فكذلك المتمماتِ للأعمالِ تُعطى أحكامَهاº كالرجوعِ من الصلاةِ، والجهادِ، والحجِّ، واتّباعِ الجنازة، وعيادةِ المريض، ونحوِ ذلك، فإنّه من حين يخرجُ من مَحَلِّهِ للعبادةِ فهو في عبادةٍ, حتّى يرجع. [ابن سعدي: المجموعة الكاملة 4/145].
مثالُ ذلك: الجهادُ في سبيلِ اللهِ - تعالى - مقصدٌ شرعيّ، تقرر ذلك في الكتاب والسنة والإجماع، والخروجُ إليه وسيلة إلى تحقيقه، والقفولُ منه فعلٌ متممٌ، أو زائدٌ، أو تابع له.
وهكذا نجدُ أنَّ الحاجةَ إلى الوسائلِ تستلزمُ معرفةَ أصولِها وأحكامِها الفقهيَّة.
وأشدٌّ النَّاسِ حاجةً إلى معرفةِ هذه الأصولِ والأحكامِ العلماءُ والدٌّعاة، لأنَّهم بحاجةٍ, إلى معرفةِ ما يُوصِلُ إلى المقاصدِ الشرعيَّةِ التي يعملون من أجل بيانها للنَّاسِ وتسهيلِ الوصولِ إليها، مجتنبين ما يمكن أن يكون سبباً لارتكابِ محرم، لذلك تَجِدُهُم لا يحكمون على وسيلةٍ, إلاَّ بعد النَّظرِ في نتائجها وآثارِها.
وبهذا كان لزاماً على كلِّ من يتصدَّى لقضايا هدايةِ الأمَّةِ – من العلماءِ والدٌّعاة – أن يضع الوسائلَ مواضِعَها الشرعيَّةَ الصحيحةº من قبولٍ, ورفضٍ,، وضبطٍ, بالضوابطِ التي يكون التزامُها سبباً في منع الوقوعِ في المحرم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد