بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فالعمل التطوعي مزروع في صدور أفراد الأمة المسلمة منذ ولادتهم ونعومة أظفارهم، ولا يزال أكثر أعمال الأمة عبر تاريخها تطوعيًا ابتغاء الأجر من الله - تعالى -. ولا أعلم أن مسلمًا في الأرض إلا وعنده استعداد في التطوع في الخيرات، لكن كيف تستطيع الجهات الخيرية تنظم تطوعهم وتكسبهم لصفها، هذا ما أردت أن أعالجه في هذه الورقة.
إن مما يتحتم على الجمعيات الخيرية السعي في تفعيل العمل الخيري في الوسط الذي تنشط فيه، وبرمجة التعاون الجزئي وسعة الأفق في فهم وإدراك أسلوب الاستفادة من جميع طاقات المجتمع، ومشاركة الجميع فيه، والعمل على استقطاب أكبر عدد ممكن من المتطوعينº إذ إن مقياس رقي الجمعيات برصيدها البشري من المتطوعين.
والإسلام جاء بتشغيل جميع طاقات المجتمع في العمل الخيري، الغني والفقير، القوي والضعيف، فبين رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - أن فعل الخير ليست وسيلته المال فحسب، بل كل ما ينفع الناس في أمر دينهم ودنياهم من عمل الخير.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلّم -: «كُلٌّ سُلَامَى مِنَ النَّاسِ عَلَيهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَومٍ, تَطلُعُ فِيهِ الشَّمسُ يَعدِلُ بَينَ الِاثنَينِ صَدَقَةٌ وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحمِلُ عَلَيهَا أَو يَرفَعُ عَلَيهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ وَكُلٌّ خُطوَةٍ, يَخطُوهَا إِلَى الصَّلَاةِ صَدَقَةٌ وَيُمِيطُ الأَذَى عَن الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ».
وعَن أَبِي ذَرٍّ, - رضي الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلّى الله عليه وسلّم -: «تَبَسٌّمُكَ فِي وَجهِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ وَأَمرُكَ بِالمَعرُوفِ وَنَهيُكَ عَن المُنكَرِ صَدَقَةٌ وَإِرشَادُكَ الرَّجُلَ فِي أَرضِ الضَّلَالِ لَكَ صَدَقَةٌ وَبَصَرُكَ لِلرَّجُلِ الرَّدِيءِ البَصَرِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِمَاطَتُكَ الحَجَرَ وَالشَّوكَةَ وَالعَظمَ عَن الطَّرِيقِ لَكَ صَدَقَةٌ وَإِفرَاغُكَ مِن دَلوِكَ فِي دَلوِ أَخِيكَ لَكَ صَدَقَةٌ».
ووجه القرآن الكريم المسلمين إلى فعل الخير بوجه عام، ووصف المسلمين بالسبق والمسارعة إليه، فقال - تعالى -:{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اركَعُوا وَاسجُدُوا وَاعبُدُوا رَبَّكُم وَافعَلُوا الخَيرَ لَعَلَّكُم تُفلِحُونَ} (الحج:77).
{وَلِكُلٍّ, وِجهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ أَينَ مَا تَكُونُوا يَأتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ} (البقرة:148).
{يُؤمِنُونَ بِاللَّهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَيَأمُرُونَ بِالمَعرُوفِ وَيَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الخَيرَاتِ وَأُولَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} (آل عمران:114).
{فَاستَبِقُوا الخَيرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرجِعُكُم جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُم فِيهِ تَختَلِفُونَ} (المائدة: من الآية48).
{وَجَعَلنَاهُم أَئِمَّةً يَهدُونَ بِأَمرِنَا وَأَوحَينَا إِلَيهِم فِعلَ الخَيرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ} (الأنبياء:73).
{فَاستَجَبنَا لَهُ وَوَهَبنَا لَهُ يَحيَى وَأَصلَحنَا لَهُ زَوجَهُ إِنَّهُم كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الخَيرَاتِ وَيَدعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (الأنبياء:90).
{أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الخَيرَاتِ وَهُم لَهَا سَابِقُونَ} (المؤمنون:61).
وقد أخذ الغرب بالمسارعة إلى التطوع أكثر من المسلمين في هذا العصر حيث بلغ المنتمون إلى الجمعيات بالملايين، ففي إحصائيات سنة 1994م جاء عدد المتطوعين في أمريكا في الأعمال الخيرية كالتالي:
- تطوع 94.2 مليون شخص، وهو يمثل 33% من عدد السكان تقريبًا.
- معدل ما تطوع به الفرد 4.2 ساعة أسبوعيًا.
- مجموع عدد ساعات التطوع: 20.5 بليون ساعة.
- معدل ساعات التطوع توازي عمل 9 ملايين موظف.
- قيمة الوقت المتطوع به 176 بليون دولار أمريكي …
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد