بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.. أما بعد
فإن وظيفة الدعوة إلى الله في كل وقت من الأوقات تنقسم إلى قسمين:
قسم يهدف إلى دعوة المسلمين وتعليمهم دين الله وشرعه وهدى نبيه وترغيبهم ومساعدتهم للسير على الصراط المستقيم في حياتهم الدنيا ويوم يقوم الأشهاد.
والقسم الآخر دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وفق ما أمر الله بقوله: \"ادع إلى بسيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن\" صدق الله العظيم لمساعدة من قدرت له الهداية للسير مع المسلمين على صراط الله وإقامة الحجة على من كتبت لهم الشقاوة.
ولا يحض أن مضمون الدعوة مأخوذ من الكتاب والسنة أما وسائل الدعوة وأساليبها فمنها أمور جدت وتقتضي الحكمة الأخذ بها خاصة أنها مستخدمة في تقديم الباطل والضلال، واستخدام الوسائل الجديدة يحصل منه خير كثير، بشغلها بالحق وتبليغه عن طريقها، وبمضايقة الباطل ومزاحمته وعدم إتاحة الفرصة له بقدر الإمكان.
ولا شك أن التعرف على العصر والمؤثرات التي تشغل الناس وـاخذ أوقاتهم وتوجههم أمر ضروري لمن يريد أن يقوم بالدعوة بأسلوب فعَال ومؤثر إن شاء الله.
ويحسن أن يتبع في أسلوب الدعوة في الوقت الحاضر ما يلي:
أولاً: الأساليب المعروفة والمعمول بها قديماً وحديثاً منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - من الخطابة والتعليم والكتابة وإرسال الرسائل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحوها مما هو معلوم مع مراعاة ما يلي:
1- الحرص على إتقان تلك الأساليب والإكثار منها ورفع مستواها واختيار الأوقات المناسبة لها وحث طلبة العلم على المشاركة الدائمة فيها والتواصي بها.
2- تسجيل ما يصلح منها للتسجيل للاستفادة منه في أماكن أخرى وتوزيعه وتداوله.
3- طباعة ما يمكن طباعته والتعديل فيما يحتاج إلى تعديل أو إعادة صياغة ليتناسب مع أسلوب التأليف.
4- دعوة مندوب من الإذاعة والتلفزيون للاستفادة منه في ذلك.
ثانياً: حيث أن الإذاعة والتلفزيون في الوقت الحاضر تمثل أكثر الوسائل انتشاراً وأقدرها على الوصول إلى الناس في مختلف الأوقات والأماكن ولها من الجاذبية ما يشد الجماهير من الناس إليها وبالتالي التأثير فيهم، فإن إهدار هذه الوسائل وعدم الاستفادة منها يتنافى مع الحكمة بل وقد يصل إلى التعاون على الإثم والعدوان لان البعد عنها وعدم الاستفادة منها واجب لأنه قمع للباطل وتضييق عليه ونصر للحق ونشر له، لكن هذا التعامل يحتاج إلى فهم لطبيعة تلك الوسائل وأسباب قوة تأثيرها وكيفية الاستفادة منها ومن فضل الله أن من بين لبناء المسلمين عدد من القادرين على التعامل معها وتحديد الأسلوب الذي يمكنه أن يحكم ذلك التعامل وفق القواعد الشرعية وبرفقه قائمة بأسماء عدد من المشايخ الذين أحسب أنهم قادرون على وضع تصور عملي لإصلاح الكثير من وضع البرامج الإذاعية والتلفازية.
وأرى أن تشكل منهم لجنة تجتمع كل أسبوعين في الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد. وعرض ما يصلون إليه عليكم للتوجيه بما ترونه حياله ثم الأمر باعتماده والعمل هب وأعرض لكم تصوري الخاص لهذا العمل ويمكن أن يطلع عليه أعضاء اللجنة المقترحة في جلستهم الأولى والإضافة إليه أو الحذف منه أو إقراراه والمقترح كما يلي:
حيث أن التأثير الكبير الذي يصل إلى الناس من البرامج الإذاعية والتلفازية يأتي من خلال المضمون والمحتوى بالدرجة الأولى، ثم الشكل والقالب الفني الذي تصاغ فيه تلك المضامين حيث أنه وسيلة مكملة تجعل المضمون أقدر على جذب الجمهور ومن ثم التأثير فيه.
لذا فإن العناية ينبغي أن تشمل المضمون والشكل مع الاهتمام بالمضمون أولاً لأهميته ولأنه الغاية ولأن العناية به أسهل من قضايا فنون الإنتاج المعقدة على أن لا تقف عند المضمون بل لا بد من الوصول إلى المشكلات الفنية مهما كانت معقدة أو صعبة لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب والمضمون الجيد الذي يقَدم في قالب رديء يضعف تأثيره وقد ينعدم بسبب ضعف الجانب الفني ويمكن أن نتعامل مع البرامج الإذاعية والتلفازية في الوقت الحاضر وفق الترتيب التالي:
أولاً: البرامج الدينية والثقافية:
البدء بإنتاج البرامج الدينية والثقافية السهلة برامج الحوار وبرامج الندوات واستخدام فنون الإنتاج بمستوى رفيع جداً لأنها وسيلة للجذب والتفاعل والتأثير وينبغي أن تستغل كافة الإمكانات في هذا للوصول إلى نوعية جيدة من البرامج الثقافية القادرة على التأثير والمنافسة والإقناع والتبادل البرامجي مع محطات الإذاعة والتلفزيون في العالم لتحقيق البلاغ وإيصال رسالة الإسلام إلى العالمين.
ثانياً: البرامج الترفيهية:
محطات الإذاعة والتلفزيون لا تقدم البرامج الثقافية والدينية فقط بل تقدم أنواعاً أخرى من البرامج الإخبارية والترفيهية وغيرها لكن البرامج الترفيهية تمثل النوع الذي يغلب عليه عدم الالتزام بثقافة الأمة وقيمها وأخلاقها فيأتي فيها الكثير من المضامين الوافدة التي تخالف ما نحن عليه ولا بد من النظر في هذه القضية\"البرامج الترفيهية\" لأن تركها بحجة أنها ليست من البرامج الدينية والثقافية يؤثر على الجوانب الإيجابية في البرامج الأخرى. وأرى أن يكون علاج هذه القضية متدرجاً وواقعياً فلسنا نضع مواصفات لبرامج محطة يراد إنشاؤها لنرسمه وفق ما نراه نحن، بل نتعامل مع أمر قائم وواقع وإذا لم نستطع إزالة كل ما فيه من الخطأ فالحكمة تقتضي تنمية وتكميل ما فيه من المصالح وتقليل ما فيه من المفاسد والاستمرار على ذلك إلى أن يصل إلى الكمال الذي نريده بإذن الله.
وتكون البداية الآن باختيار البرامج بواسطة لجنة فيها من المختصين في العلم الشرعي وعلوم الإعلام ومن ذوي الغيرة والإحساس بالمسؤولية وتستطيع اللجنة بإذن الله أن تقلل الشر وتختار من البرامج الترفيهية أقلها ضرراً بقدر الإمكان وهذا – بدون شك أفضل من ترك البرامج تقدم الشر الكثير والفكر الخطير دون اختياراً أو رقابة شرعية وحيث أن هذا حل مؤقت يخفف الضرر ولا يقضي عليه فلا بد من التفكير الجاد في العلاج الحاسم والبدء بتنفيذه بالتدريج أيضاً وإذا تحقق فان نسب الشر ستخف كثيراً ولا يمكن المقارنة بينها وبين الخير الكثير الذي سيحصل إن شاء الله والعلاج هو البدء بالإنتاج البرامجي للإذاعة والتلفزيون بإمكانات مادية وبشرية وفنية عالية ويكون الهدف الكبير الوصول إلى تقديم ساعات برامجية تغطي العالم الإسلامي بل العالم كله تمثل هداية الله للبشرية وفي قوالب فنية عالية تستطيع أن تشد الجماهير وأن تتحدى عقولهم وعواطفهم وتجبرهم على معرفة عقيدة الإسلام وعباداته وأخلاقه وآدابه ومثله العليا لتقوم الحجة على الجميع\"ليهلك من هلك عن بينه ويحيى من حىّ عن بينه \"ومع أن هذا الهدف يعتبر طموحاً كبيراً وصعب المنال وقد يقول البعض أنه خيال، لكن مسؤولية تبليغ دين الله والمحافظة على شباب الإسلام من غزو الثقافات الضالة يوجب علينا التفكير بجد وبحجم المشكلة التي أمامنا، وليس إخلاص النصارى والشيوعيين لمبادئهم بأكثر من إخلاصنا، بل والله أنه من العيب أن نقارن أنفسنا بهم ن وإذا صحت العزيمة وصدقت النية سهل الله السبيل ويمكن أن تقوم اللجنة المقترحة بوضع التصور العملي لذلك وفق الأهداف التالية:
1- إنشاء مركز عالمي للإنتاج البرامجي الإذاعي والتلفزيوني.
2- يهدف المركز إلى سد حاجة العالم الإسلامي من الساعات البرامجية في مختلف أنواع البرامج.
3- يستخدم المركز أعلى مستوى فني في مجال الإنتاج.
4- يخضع المركز لإشراف لجنة علمية شرعية.
5- يمول الإنتاج في بدايته من الحكومات الإسلامية وأغنياء العالم الإسلامي إلى أن يستطيع تمويل نفسه.
والله أسال أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد