بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد:
فإن المساجد بيوت الصالحين، تتعلق قلوبهم بها، ويأنسون بالجلوس فيها، وتطيب قلوبهم بملازمتها، فهم سواريها العامرة، وأوتادها الساهرة، ومنائرها العامرة، ومنابرها الزاخرة، يعيشون فيها كالأسماك في البحار إذا خرجت منها ماتت! قال - تعالى -: ((إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر...)).
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إنَّ للمساجد أوتاداًº الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وإن مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم ) ثم قال: (جليس المسجد على ثلاث خصالٍ,: أَخٌ مستفاد، أو كلمة حكمة، أو رحمة منتظرة )[1].
وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (المسجدُ بيتُ كلِّ تقِيٍّ, )[2].
ولهذا ولغيره ينبغي أن نهتم بالمساجد وما يطرح فيها من أنشطة لنعمرها بطاعة الله - تعالى -، فإنما الصلاة من العبادات المباركة فيها، ولكن يمكن أن يكون للمسجد أكبر من هذا الدور - على أهميته -، وهذه بعض الأفكار والاقتراحات التي أتمنى أن يُعمل بها ليستفيد الناس منها:
- الاهتمام من الإمام بالخطبة الأسبوعية في يوم الجمعة، فهي في غاية الأهمية في إيصال صوت الحق إلى الخلق.
- إيجاد حلقات تحفيظ قوية بالمسجد للطلاب على كافة مستوياتهم ومراحلهم، ومد يد العطاء لهذه الحلق، فهي من أنفع ما يتربى به الشباب، ويتهذب به الطلاب.
- إنشاء ما يسمى بـ(جماعة المسجد) ليقوموا بالإشراف المباشر على الأنشطة المقامة فيه، وتوفير احتياجاته ومتطلباته، والتخطيط للتجديد المفيد.
- استقطاب المشايخ وطلاب العلم لإلقاء الكلمات الوعظية في المسجد، وذلك بإسناد مهمة التنسيق لهذه الكلمات لأحد النشطاء في المسجد، مع دعمه بأسماء وأرقام المشايخ للتنسيق معهم، وحبذا لو جعل يوم في الأسبوع لمثل هذا النشاط، يتعارف عليه أهل الحي ليلزموه.
- إقامة أكثر من درس أسبوعي في المسجد في العقيدة، والسيرة، والفقه، والسلوك، والآداب، بحيث يتم تنسيق أكثر من درس في الأسبوع، وتسند مهمة متابعة الدرس وإيجاد البديل لأحد الأخوة في المسجد حتى لا ينقطع الدرس، فيحرم الناس الخير.
- تعليق لوحة إعلانات في آخر المسجد توزع بطريقة مناسبة لإعلان المحاضرات، والدورات، والأنشطة الدعوية في المدينة.
- تعليق لوحة تبرز أنشطة المسجد، وما يحتاجه من دعم ومشاركة من أهل الحي.
- تعليق حامل عند باب الخروج من المسجد يكتب عليه [خذ نسختك] ويزود بالمطويات، والنشرات الدورية في كل أسبوع، ويشرف عليه أحد الأخوة، ويدعم بالمال إن أمكن.
- وضع صندوق للأسئلة والفتاوى في مكان بارز بالمسجد، ويرغب الناس في وضع أسئلتهم فيه، ثم يحدد يوم في الأسبوع للإجابة على الأسئلة من أحد المشايخ المعتبرين أو من إمام المسجد إن كان أهل لذلك، أو يقرأ عليهم من فتاوى العلماء ما يناسب الأسئلة، كفتاوى اللجنة الدائمة، أو فتاوى ابن باز، أو ابن عثيمين، أو ابن جبرين، أو غيرهم من أهل العلم المعتبرين رحمة الله على الجميع.
- إنشاء صندوق خيري بالمسجد يقوم عليه مجموعة من الصلحاء ينفعون الأغنياء كما ينفعون الفقراء، فيدلون هذا على ذلك، ويعدون برنامجاً متكاملاً في هذا الشأن.
- عقد مجلس دوري لأهل الحي (في كل أسبوع، أو نصف شهر، أو شهر، أو فصل) يجتمع فيه أهل الحي، مع إعداد برنامج متكامل لهذا اللقاء.
- توزيع المطويات على الناس متزامنة مع الأحداث والوقائع لينتفع بها الناس، فهي إشارات في كلمات تناسب الواقع والحدث [الحج، بداية السنة، رمضان، ليلة القدر، نهاية السنة، عاشوراء، الاختبارات، بدع المولد، وبدع ليلة عاشوراء... وغير ذلك مما يناسب الزمان والأحوال].
- توزيع الكتب والأشرطة عليهم بصفة دورية، ويقوم عليها الثقات، ويدعمون بالاشتراكات الدورية ليستمر العمل.
- إعداد مسابقات ثقافية مكتوبة توزع لأهل الحي تناقش المنكرات فيه مثلاً، ويحدد زمانها وشروطها، ويعد حفل لتوزيع الجوائز والحوافز للمشاركين فيها، وهي وسيلة دعوية لغزو البيوت، وإيصال الخير إليها، وخصوصاً إذا كانت المسابقة على كتاب تحسن قراءته، أو شريط يحسن الاستماع إليه، مع توفيره لهم.
- القيام برحلة فصلية لجماعة المسجد على استراحة مناسبة، وإعداد برنامج متكامل لهم.
- القيام ببعض المعارض المناسبة في ملاحق المسجد، وفتحها للناس، مع الدعوة إليها، والدعاية لها، ويمكن التنويع فيها بما يناسب الناس.
- تعليق حامل للكتيبات، توضع فيه الكتيبات المناسبة باستمرار، ويكتب عليها: للاستعارة فقط.
- إيجاد مكتبة للمسجد تحفل بما يمكن جمعه من أمهات الكتب والمراجع، ويمكن تحريكها عن طريق طلاب التحفيظ، والمسابقات الثقافية الدورية لأهل المسجد، وجمع الناس فيها أكثر من مرة ليألفوا دخولها والاستفادة منها.
- بناء مغسلة موتى ملحقة بالمسجد مع تزويدها بكل مستلزمات الغسيل والتكفين، مع توفير مغسل ومغسلة للموتى إن أمكن، وحبذا لو كان الإمام أو المؤذن ليسهل الوصول إليه، والاستفادة منه.
- إنشاء مستودع خيري مناسب تجمع فيه الصدقات العينية والتبرعات الشهرية وما يمكن الاستفادة منه من ملبوسات وفرش وأثاث، لتوزيعها على أهل الحاجة في أماكن تواجدهم، ويشرف عليه مجموعة مأمونة من أهل المسجد بإشراف إمامه.
- التنسيق لإقامة محاضرة في كل شهر لأهل الحي بالتنسيق مع أحد المشايخ والإعلان عنها.
- التنسيق مع أحد المفتين للاستضافة في المسجد أو عبر الهاتف للإجابة على أسئلة الناس، وتحديد الزمان لها.
- إنشاء موقع للمسجد عبر الشبكة العنكبوتية، وينشر بين أهل الحي للاستفادة منه، ويقوم عليه الأخيار ومن لديه قدرة على المشاركة الفاعلة فيه.
- الإفطار الجماعي في رمضان أو الأيام الفاضلة والمستحب صيامها كعاشوراء أو يوم عرفة لغير حاج، أو في أيام العيدين، مع إعداد برنامج مرافق لهذا النشاط يناسب الأحوال والمناسبات.
- إنشاء تحفيظ نسائي بالمسجد (دار الحافظات) يتم من خلاله إقامة مجموعة من الأنشطة التربوية للنساء كالمحاضرات، والدورات العلمية والمهارية، وغير ذلك مما فيه مصلحة للنساء.
- تكوين لجنة للزيارات مهمتها الأساسية زيارة من يتخلفون عن الصلوات لدعوتهم إليها بالأسلوب الحسن، والطريق الأمثل، وكذلك زيارة رواد المساجد حين مرضهم أو حصول ما يكره لهم أو لذويهم، وغير ذلك مما حث الشارع عليه ورغَّب فيه.
- التنسيق مع المؤسسات الخيرية والدعوية والإغاثية لعرض أنشطتها في المسجد، أو في اللقاء بأهل الحي لدعمهم لها، وللاستفادة من أنشطتها.
- تكوين جماعة من أهل المسجد للإصلاح بين أهله حين وقوع الخصومة بينهم من أهل الرأي والحكمة والمشورة، وأهم مهماتها الإصلاح بين الناس، ودفع غوائل الشر والخصومة والقطيعة والجفوة بينهم.
- تكوين مجموعة أخرى من أهل العلم والحكمة والروية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الحي، فهم يجوبون الحي ليتعرفوا على منكراته، ثم يُعدون الأنشطة المناسبة لكل منكر بما يلزم لتغييره، فيأخذوا على يد السفيه، ويأطروه على الحق أطراً، ويمكن أن يستفيدوا من القنوات الرسمية في ذلك إذا لزم الأمر.
- تكوين لجنة اجتماعية في المسجد هدفها خدمة أهل الحي بما يحتاجون، كالسعي في توظيف شباب الحي العاطلين، أو التنسيق مع دورات الحاسب الآلي لدراستهم فيها إذا عُدمت الوظيفة، أو غير ذلك مما يحتاجه الناس في دنياهم، وأتصور لو أن المسجد قام بمثل هذا الدور لكان له أبرز الأثر في حياة الناس، وربطهم ببيت الله، فهو واحتهم الوارفة، وشجرتهم الظليلة.
* والمهم في تنشيط دور المسجد أن تكون جماعة للنشاط مهمتها الأساسية دعوة أهل الحي إلى الخير، والتجديد في ذلك بما يوافق الشرع، فإذا وجد من يحمل الهم، ويتحمل المسئوليةº جاء الخير، وأقبل المعروف، وشع النور، والله عليم بما في الصدور.
___________________________
[1] رواه أحمد في المسند والحاكم في المستدرك، انظر: صحيح الترغيب والترهيب (1/252) (329).
[2] رواه الطبراني في الكبير والبزار، انظر: صحيح الترغيب والترهيب (1/253) (330).
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد