بسم الله الرحمن الرحيم
بيت المقدس:
تعريفه في اللغة: هو البيت المنزه، أو المطهر، وقيل: الأرض المباركة. انظر معجم البلدان (5/166).
تاريخ بيت المقدس:
لقد سكنت القبائل العربية بيت المقدس منذ عهد بعيد، فقد استوطنها العموريون، والآراميون، والكنعانيون، وكان اسمها آنذاك \"يبوس\" نسبة لليبوسيين وهم بطن من بطون العرب الكنعانيين لذلك تسمى فلسطين: أرض كنعان.
ثم أطلق عليها بعد ذلك اسم يورساليم، وتطور بعد ذلك إلى: أورشاليم، ثم استوطنها الآشوريون والبابليون، ثم جاء بعدهم الفرس، ثم الإغريق والرومان وسماها الرومان \"إيلياء\"، ثم فتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب عام (15 هـ)، وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن احتلها الصليبيون إثر ضعف الدولة العباسية سنة 492 هـ.
وبقي القدس أسير الصليبيين مدة طويلة إلى أن استعيدت إلى المسلمين على يد صلاح الدين الأيوبي عام 583 هـ، وبقيت في أيدي المسلمين إلى أن تولى الملك الكامل من الأسرة الأيوبية وعقد اتفاقاً من الفرنجة سلمهم بموجبه القدس ما عدا الحرم الشريف سنة (626 هـ)، واستردها الملك الناصر سنة 637 هـ، ثم سلمها الناصر الفرنجة سنة (641 هـ)، ثم عادت إلى المسلمين عام (642 هـ) على يد الخوارزمية جند الملك نجم الدين أيوب.
دخلت القدس في حوزة المماليك سنة (651 هـ) إلى (922 هـ) حيث دخلت تحت حكم الأتراك، وفي أواخر عهد الأتراك كثرت الهجرة اليهودية إلى فلسطين، غادر الإنجليز القدس سنة (1948 م) وتركوها لليهود، وكانت مقسمة بينهم وبين المسلمين وأكثرها لليهود، وفي سنة (1967 م) سقط القطاع العربي للقدس في يد اليهود بما فيه المسجد الأقصى، سنة (1969 م) حدث حريق المسجد الأقصى على يد أحد اليهود ثم أطفأه المسلمون بعد جهد كبير.
المسجد الأقصى:
هو اسم لجميع ما دار عليه السور، ويشتمل على المسجد الذي في صدره، وقبة الصخرة وهذا هو الصحيح، والمتعارف عليه عند الناس أن المسجد الأقصى هو الجامع الذي في صدر الحرم القدسي. انظر مجموعة الرسائل الكبرى لشيخ الإسلام (2/57-58).
بناء المسجد الأقصى:
روى البخاري في صحيحه (6/408 فتح الباري) عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال قلت: (يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى، قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصلِّه، فإن الفضل فيه).
وورد في سنن النسائي (2/34) - بإسناد صحيح قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/408) - ما يدل على أن سليمان بنى المسجد الأقصى، وفي هذا إشكال لأن بين إبراهيم - عليه السلام - الذي رفع قواعد البيت الحرام وبين سليمان - عليه السلام - ألف عام.
وأجاب ابن الجوزي والقرطبي عن هذا الإشكال، وارتضاه الحافظ ابن حجر في فتح الباري (6/408-409) بأن إبراهيم وسليمان - عليهما السلام - جدَّدا بناءهما لا أنهما أول من بنى المسجدين، وقد سبق بيان أن الكعبة كانت مبنية قبل إبراهيم - عليه السلام -، وعليه فإن المسجد الأقصى لا يُدرى من بناه، وأنّ سليمان جدّد بناءه، ولم يثبت عن النبي شيء في تعيين بنائه.
من فضائل المسجد الأقصى:
أن النبي أسري به إليه، وعُرج به منه إلى السماء قال - تعالى -: (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله )).
وأنه في أرض مباركة قال - تعالى -: (( ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين )).
وفي مسند أحمد (6/463) وسنن ابن ماجه (1/429) عن ميمونة مولاة النبي – صلى الله عليه وسلم - قالت: يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال : (أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه).
وهو أحد المساجد الثلاثة التي لا يجوز شد الرحال إلا إليها ففي الصحيحين عن النبي – صلى الله عليه وسلم - : (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام، ومسجد الأقصى، ومسجدي).
وهو أولى القبلتين، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي إليه في بداية فرض الصلاة، ثم أمر بالتحول إلى الكعبة.
قبة الصخرة:
قال شيخ الإسلام في مجموعة الرسائل الكبرى (2/57-58):
(المسجد الأقصى اسم لجميع المسجد، وقد صار بعض الناس يسمي الأقصى المصلى الذي بناه عمر بن الخطاب في مقدمته، والصلاة في هذا المصلى الذي بناه عمر للمسلمين أفضل من الصلاة في سائر المسجد، فإن عمر بن الخطاب لما فتح بيت المقدس وكان على الصخرة زبالة عظيمة لأن النصارى كانوا يقصدون إهانتها مقابلة لليهود الذين يصلون إليها، فأمر عمر بإزالة النجاسة عنها، وقال لكعب: أين ترى أن نبني مصلى للمسلمين؟ فقال: خلف الصخرة، فقال: يابن اليهودية! خالطتك اليهودية، بل أبنيه أمامها فإنّ لنا صدور المساجد.
ولهذا كان أئمة الأمة إذا دخلوا المسجد قصدوا الصلاة في المصلى الذي بناه عمر، وأما الصخرة فلم يصل عندها عمر، ولا الصحابة، ولا كان على عهد الخلفاء الراشدين عليها قبة، بل كانت مكشوفة في خلافة عمر وعثمان وعلي ومعاوية ) ا.هـ.
والذي بنى على الصخرة قبة هو الوليد بن عبد الملك بن مروان.
قال شيخ الإسلام في مجموعة الرسائل الكبرى (2/58): وأما أهل العلم من الصحابة والتابعين لهم بإحسان فلم يكونوا يعظمون الصخرة فإنها قبلة منسوخة، وإنما يعظمها اليهود، وبعض النصارى. ا.هـ.
ولذلك فإنه لا يجوز التمسح بها، ولا الطواف حولها، ولا يقال: الصخرة المشرفة، لأنه لا دليل على تشريفها.
وكذلك لا يصح أن النبي عرج به منها، ولا يصح أنها تبعت النبي بعد معراجه، وأن الملائكة مسكتها فبقيت بين السماء والأرض، فإنّ هذا كله من الخرافات التي يتداولها العوام، ولم يدل عليها نقل صحيح.
لم يرد نقل صحيح كذلك في إثبات آثار قدمي النبي على هذه الصخرة.
وعليه فإن هذه الصخرة كسائر الصخور لا يجوز تعظيمها، وإنما يعظمها اليهود وبعض النصارى.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد