ومن بعد مـا طفنـا طواف وداعنــا *** رحلنـا لمغنى المصطفى ومصـلاه
ووالله لو أن الأســنة أشـرعــت *** وقـامت حروب دونه ما تركنــاه
ولو أننـا نسعـى على الروس دونـه *** ومن دونه جفـن العيون فرشنـاه
وتمـلك منـا بالوصـول رقـابنــا *** ويسـلب منـا كل شيء ملكنــاه
لكــان يسـيرا في مـحبة أحمــد *** وبالروح لو يشرى الوصال شريناه
ورب الورى لولا محمــد لـم نكـن *** لطيبة نسـعى والركـاب شددنـاه
ولولاه مــا اشتقنـا العقيق ولا قبـا *** ولولاه لـم نهـو المدينــة لولاه
هو القصـد إن غنت بنجـد حـداتنـا*** وإلا فمــا نجـد وسـلع أردنـاه
ومــا مكة والخيف قل لي ولا منـى *** ومــا عرفـات قبل شرع أرانـاه
بـه شـرفت تلك الأمـاكـن كلهــا *** وربك قـد خـص الحبيب وأعطـاه
لمسجـده سـرنا وشـدت رحـالنـا*** وبين يديه شـوقنـا قـد كشفنـاه
قـطـعنـا إليـه كـل بر ومـهمـه *** ولا شــاغل إلا وعنـا قطعنــاه
كـذا عزمـات السـائرين لطـيبــة *** رعى الله عزمــا للحبيب عزمنـاه
وكم جبـل جـزنا ورمـل وحـاجـر *** ولله كم واد وشـعب عـبرنـــاه
ترنحـنـا الأشـواق نحـو محمــد *** فنسري ولا ندري بما قد سـرينـاه
ولمـا بدا جــزع العـقيق رأيتنــا *** نشاوى سكارى فـارحين برؤيــاه
شـممنـا نسـيما جاء عن نحو طيبة *** فأهلا وسهلا يا نسيمـا شـممنـاه
فقـد ملئت مـنــا القلـوب مسـرة *** وأي سرور مثل مـا قد سررنــاه
فـواعجبـاه كـيف قـرت عيـوننـا *** وقـد أيقنت أن الحـبيب أتينـــاه
ولقيـاه مـنــا بعـد بعـد تقـاربت *** فوالله لا لقيــا تعــادل لقيـــاه
وصـلنــا إليـه واتصـلنـا بقربـه *** فلله مــا أحلى وصـولا وصلنـاه
وقفنــا وسـلمنــا عليـه وإنــه *** ليسمعنـا مـن غير شك فدينـــاه
ورد علينــا بالســـلام سـلامنـا *** وقـد زادنـا فوق الذي قـد بدأنـاه
كـذا كـان خلـق المصطفى وصفاته *** بذلك في الكتب الصحـاح عرفنــاه
وثـم دعـونــا للأحبــة كلهــم *** فكم من حبيب بالدعـا قد خصصنـاه
وملنـا لتســليم الإمـامين عنــده *** فإنهمـا حقــا هنــاك ضجيعـاه
وكم قد مشينـا في مكـان به مشـى *** وكم مـدخـل للهـاشمي دخلنــاه
وآثــاره فيهــا العيـون تمتعـت *** وقمنـا وصـلينـا بحيث مصــلاه
وكم قـد نشرنـا شوقنـا لحبيبنــا *** وكـم مـن غليل في القلوب شفينـاه
ومسجــده فيـه سجدنـا لربنــا*** فلله ما أعـلى سـجودا سـجدنــاه
بروضتـه قمنـا فهــاتيك جنــة *** يـا فوز مـن فيهـا يصلي وبشـراه
ومـنبره الميمــون منـه بقيــة *** وقفنـا عليهـا والفـؤاد كـررنــاه
كـذلك مـثل الجـذع حـنت قلوبنـا *** إليـه كمــا ود الحـبيب وددنــاه
وزرنـا قبـا حبـا لأحمـد إذ مشـى *** عسى قدما يخطو مقامــا تخطــاه
لنبعـث يوم البعـث تحـت لوائــه *** إذ الله مـن تلك الأمـاكـن نــاداه
وزرنـا مـزارات البقيـع فـليتنــا*** هنـاك دفنـا والممــات رزقنــاه
وحمـزة زرناه ومـن كـان حولـه *** شهيـدا وأحـدا بالعيـون شهدنـاه
ولمـا بلغنـا مـن زيــارة أحمـد *** منانا حمدنــا ربنــا وشكرنــاه
ومن بعد هذا صـاح بالبين صـائـح *** وقـال ارحلوا يا ليتنـا ما أطعنــاه
سـمعنـا له صـوتـا بتشتيت شملنا *** فيـا مـا أمر الصوت حين سمعنـاه
وقمنـا نؤم المصطفــى لوداعــه *** ولا دمـع إلا للـوداع صـببنـــاه
ولا صـبر كيف الصـبر عند فراقـه *** وهيهـات إن الصـبر عنه صرفنـاه
أيصـبر ذو عقــل لفرقـة أحمــد *** فلا والذي من قـاب قوسين أدنــاه
فـوا حسـرتـاه مـن وداع محمـد *** وأواه مــن يــوم التفــرق أواه
سـأبكي عليـه قـدر جهدي بناظـر *** من الشوق ما ترقى من الدمع غربـاه
فيـا وقت توديعـي له مـا أمـره *** ووقت اللقـا والله مــا كـان أحـلاه
عسـى الله يدنيني لأحمـد ثانيــا *** فيـا حبذا قـرب الحـبيب ومدنــاه
فيـا رب فـارزقني لمغنـاه عـودة *** تضـاعف لنـا فيه الثواب وترضــاه
رحلنـا وخلفنـا لديـه قلوبنـــا*** فكم جســد مـن غير قلب قلبنــاه
ولمـا تركنـا ربعـه من ورائنــا*** فـلا نـاظــر إلا إليـه رددنـــاه
لنغنـم منـه نظـرة بعد نظـــرة *** فلمــا أغبنــاه الشـرور أغبنــاه
فلا عيش يهنى مع فراق محمـــد *** أأفقـد محـبوبي وعيشـي أهنـــاه
دعوني أمت شوقا إليه وحرقـــة *** وخطـوا عـلى قـبري بأني أهــواه
فيا صـاحبي هذي التي بي قد جرت *** وهذا الذي في حجنــا قـد عملنــاه
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد