تروح بنا مصائبُنا وتغدو *** فما يُرعى لنا في الناس عَهدُ
ونحبو في طريق العلم حَنواً *** وعَالمُنَا على قدميه يعدو
ويخطب (باقلٌ) في كل نادٍ, *** فيا (سحبانُ) قولُك لا يُعَدٌّ
ويحرق ثوبه عمرو بن هندٍ, *** ولو علمت لما احتضنته هندُ
ولو أبصرت يا كعب (سعاداً) *** لما ناديتها وكفتك (دَعدُ)
ويا (حسّانُ) بعدك ألف صوتٍ, *** من الشعراء، بالنعرات تشدو
كأنّا قد نسينا ألف عامٍ, *** ونصفَ الألف، وانتفضت (مَعَدٌّ)
وهبّت ريح (ذبيان) و (عبسٍ,) *** فثار لها غطارفةٌ وأُسدُ
كأنَّ عقولنا ممّا اعتراها *** مساحاتٌ من الصحراء جُردُ
تقول الحربُ: ها أنذا بسيفي *** أمدٌّ يدي فقوموا واستعدّوا
وبعض رجال قومي في يديهم *** حبالٌ لا تُلَفٌّ ولا تُشَدٌّ
وأنذرت الخطوب، فليت تشعري *** متى يلوي ذراع الغيِّ رُشدُ
غضبتُ لأمتي ممّن يغنّي *** لها وفؤاده دَنَسٌ وحِقدُ
يبادلها حديث الحبَّ جهراً *** وفي أعماقه خصمٌ ألدٌّ
سلوني عن دكاترةٍ, كبارٍ, *** لهم في فكرنا أَخذٌ وردٌّ
تُعيرهمُ الصَّحافةُ مقلتيها *** فهم في عُرفها الركنُ الأَشدٌّ
لهم عَبرَ الإذاعةِ ألفُ صوتٍ, *** وفي التِّلفاز أذرعةٌ تُمَدٌّ
دكاترةٌ لهم فكرٌ غريبٌ *** وأحلامٌ عراضٌ لا تُحدُ
على وطنيَّةِ التفكير قاموا *** وتحت غطائها قبضوا ومدٌّوا
وباسم ثقافة العصر استباحوا *** حمى الفكر الأصيل وعنه نَدٌّوا
أقول لهم: ثقافتكم هباءٌ *** وليس لغيمكم برقٌ ورَعدُ
أقول لهم: كتابُ اللهِ فيكم *** إلى يَنبوعه الصَّافي المَرَدٌّ
تعبتم في ملاحقة الدّعاوى *** وجرحُ فؤادِ أمتكم يجِدٌّ
لنا وطنيَّةٌ ليست نَشازاً *** فما تجفو الكتابَ ولا تَنِدٌّ
لنا البيت الحرام، لنا حراءٌ *** نعم، ولنا تهامتُنا ونَجدُ
لنا أرض الجزيرة قام فيها *** من الإسلام دون البَغي سدٌّ
لنا الأقصى، لنا شام ومصرٌ *** لنا يَمَنٌ وبغدادٌ وسِندُ
لنا في المغرب العربي أهـلٌ *** وأحبابٌ، وفي كابولَ جُندُ
لنا الإسلام يجمع شمل قومي *** وإن ورمت أنوف من استبدٌّوا
ولا وطنية لدعاة فكرٍ, *** دخيلٍ,، من سوانا يُستَمَدٌّ
إذا صارت روابطُنا تُراباً *** عليه حبال أمتنا تُشَدٌّ
فلا تعجب إذا اضطربت خطانا *** وساومنا على الأمجادِ وَغدُ
ولا تعجب إذا صارت رُؤانا *** تَغيم، وقصر فرحتنا يُهدٌّ
ألا يا سائلي عما أعاني *** معاناتي لها في القلب حَشدُ
تعالَ لكي ترى غاراتِ قومي *** على قومي وتبصرَ ما أعدٌّوا
ولا تسأل، فليس لنا جوابٌ *** وليس لأمتي في الأمر قَصدُ
مضى زمن عليها وهي تحبو *** ولم يُقدح لها في المجد زَندُ
عروس لا تُزَفٌّ إلى عريسٍ, *** وليس لجيدها القمريِّ عِقدُ
ولا مُنحت أساورَ من نضارٍ, *** ولم يُغرس لها في الدرب وَردُ
عروسٌ جُلِّلت بثياب حزنٍ, *** وطاف بها على الشَّارين عَبدُ
مراكبُها تُسيِّر في بحارٍ, *** ولا هدفٌ على الشطآن يبدو
نقول لأجلها حقاً، ولكن *** يواجهُنا من الأحباب صَدٌّ
نُقَابَلُ بالتجاهل والتغاضي *** وينسى القوم أنَّ الأمرَ جدٌّ
إذا لم يحكم الإسلامُ قومي *** فمهدُك أيٌّها المولودُ لحدُ