قـالـت الـقـشة للسيل، وقد أرغى وأزبد
وتـرامـى يمحق الأرض، وبالهول توعد
لـم أزل يـا سـيل في أحضان موج أتأوَّد
لـم يـزل لـي حضنك الهادر صدراً أتوسد
لـم تـنـل مـنـي، فضعفي قوة لا تتبدد
كـلـمـا ناديتني يا سيل للأعماق، أصعد
مـا دعـتـني همة قعساء، أو نخوة أصيَد
إنـمـا خـفـة رعـديـد، تـناءى فتنهد
إن لـي مـن ذلـو الـنـفـس حياة تتجدد
ما عناني الهون والعجز، ولا الروح المصفد
لـي طـريـق واحـد لـلفوز مأمون ممهد
أن أطـيـع الـطاعة العمياء، لا أن أتردد
لـيـس لي أن أعصي التيار، أو أن أتمرد
لـيس لي أن أملك الأمر، ولا الدرب المحدد
غـايـتـي أن أركب التيار كالأعمى المقيّد
لـيس يعنيني إلى أين، إذا ما شئت، أبعد
لا أبـالـي أن أسـأم الضيم، أو أن أتشرد
* * *
لـي عـظات منك يا سيل، وما كانت لتنفد
ودروس صـارمـات لـم تكن تنسى لتجحد
كـم تـهـاوى فـوق أمواجك دَوحٌ، فتقدد
لـم يـعد ينجيه بأس الجذع من حتف مؤكد
مـا درى أنـك أعـتى منه يا سيل، وأعند
ولـكـم خـرّ على الأمواج صوان، فأرعد
إذ طـواه لـجٌّ غَـورٍ, فـتـلاشـى وتـبلّد
مـا درى أنـك يـا سيل من الصّوان أصلد
* * *
وتـمطى السيل مختلاً، من التيه، وعربد
وانـبـرى يسخر من خرقاء، باتت تتودد
لـك مـا تـهـويـن يا قشة، من ذلٍّ, مؤبّد
فـانـعـمي بالأمن والراحة، والنوم المخلد
لا تـخـافـي، إنما الموت لصنديد وأمجد
وهـو لـلـمـغوار قد خاض لظاه، فتجلد
لا تـخـافـي أن طول الصبر للعاجز يحمد
مـا رجاء المقلة العمياء من كحل ومِروَد !
إن لـلـخـانـع والـخاضع، ما كان تعوّد
حـسبه أن يغنم العيش، مع الذل، ليسعد !
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد