صعب غيابك أمي


 

بسم الله الرحمن الرحيم

عزاؤك يا أمّ

فوق حدود المكان

وفوق تخوم الكلام

وفوق التصوّر

أبعد من كلّ هذا العزاء.

عزاؤك ليس سبيلاً

لكي أتوارى عن الحزن

أو أنسخ الفقدَ فيه.

عزاؤك صمتٌ كبير

وحزنٌ عجوز.

مكانك في شامخ القلب

أيّ القلوب

تليق بمعناك يا أمّ!

أنت القلوب

وسكّانها الطيبون..

..العفيفون والهادئون

المقيمون في آخر الدرب

أنت الحنانُ

الذي سيغطي الوجود

إذا انزاح بعض اللحاف

أو انكشف الجزء منا،

وأنت تقينا من الخوف والبرد

والصمت

من طعم هذا الغياب اللعين،

ومن كل ما خلّفته يدا الفقد،

.. مـرُّ بعينيّ مرأى النجوم

ومـرُّ سؤاليَ عنك

ومـرُّ نهاري

ومرُّ أنين لياليّ دونك

مرُّ دوائي ومرُّ شفائي

ومرُّ هوائي ومائي،

ومـرّ مجيء الصيام بدونك يا أمّ

مرُّ سحوري ومرُّ فطوري.

فكيف أقيسُ حياتي

إذا ما تصوّرتُ أنك لستِ بقربيَ في العيد

لا أستطيع بكلّ الوسائل تقبيلَ كفّيكِ

لا أستطيع اللجوء إليك

ولا أستطيع القصائد

فالشعر مـرُّ

وكلّ التعابير.

.. ما أعجزَ الكلمات

التي لا تقولك!

كيف أقول.. ؟

وكيف الوصول.. ؟

كأنّ الوصولَ إلى بعض معناك

إنجازُ كل اللغاتِ

وسعيُ البلاغة

تدشينُ برج المعاني

وصمتي الصموتُ

كأني أمـــوتُ.

أقولُ: تجيئين بعد قليلٍ,،

وبعد كثيرٍ, أمدّ انتظاري

على قدر هذا الغياب

الذي لا يموتُ.

ذهبتُ إلى الشام

قلتُ: سأرجعُ عند المساء إليكِ،

وكم مرّة

كنتُ أذهبُ

ثمّ أعودُ

أراكِ مكلّلةً بانتظاري،

يداكِ إلى الله مرفوعتان،

تعدّان كلّ الدقائق

والشرفات التي لاتُعـدٌّ..

وهاأنذا قد رجعتُ

وبالموت.. والبعد

والمنتهــى

قد فُجِعـتُ.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply