أنـبـأتُـهـا بكلامٍ, غَيرِ ذي عِوَجِ *** أنـي أمـيـلُ إلـيـها دونمَا حَرَجِ
فـأطـرقت، ثم قالت وهي باسمةٌ: *** حتى الكهولُ تحبٌّ العومَ في اللجَجِ!
فقلتُ: لا تَعجَلي يا أنت- وانتظري *** مـن العدالةِ أن تُصغي إلى حُججي:
إنـي امـرؤٌ يـعربيُّ صاعدٌ نَسبي *** إلـى مَـعَـدّ بلا \"حَبلٍ,\" ولا \"دَرَجِ\"
وكـلٌّ قـومـيَ عُـشّـاقٌ ذوو مِقةٍ, *** مـا بين صَبٍّ,، ومُضنى والهٍ, وشجِ
هـذا مـحـبّ لحسناوَين \"مزدوجُ\" *** وذا مـحـب \"عـفيفُ\" غيرُ مزدوجِ
الـحـبٌّ عـنـدهـمُ فنٌ، وفلسفةٌ *** وكـيـمـيـاءٌ، وحربٌ ثرةُ الرَّهج
فـإن دجـا ليلُ بؤسٍ, أو دجت مِحنٌ *** ألـفـيتهم في دياجي الحب كالسٌّرج
وإن تـلـفّـت ظـبيٌ ماتَ أكثرُهم *** \"مـا بـين معترك الأحداق والمُهجِ\"
ما أحجموا عن نزالِ الغيد مذ خُلقوا *** ولا اعـتـذار لأعمى أو لذي عَرَجِ
ضـعـيفهم في ميادين الهوى بطلٌ *** وبـعضهم مثلُ ليثِ الغابِ في الدلجِ
هـذي \"مـذايـيعهم\" بالحبّ صادحةٌ *** فـي كـل مـنـعطفٍ, ناءٍ, ومُنعرَجِ
هـذي \"تـلافيزهم\" بالعشق مُترعةٌ *** تـحـكي عن الحَوَر الفتانٍِ, والدعجِ
هـذي \"مـجلاتهم\" هذي \"جرائدهم\" *** تُـثـيـرُ من لم يُثَر يوماً ولم يَهِجِ
قـد ذلّلوا كل دربٍ, في الهوى وعرٍ, *** وعـبّـدوا كـلّ نـهجٍ, غير مُنتهجِ
من لم يخض في بحار العشقِ لازمهُ *** داءٌ مـقـيـمٌ، وهـمُّ غـيرُ مُنفرجِ
ومـن أحـبَّ ولـم يـظفر ببغيته *** أمـسـى أشلّ سقيماً ظاهرَ \"الفحج\"
ابـنُ الثمانينَ في ساح الهوى جذعُ *** حِـنـاءُ شـيبته من أطرف \"الفُرجِ\"
يـهـذي بأوصاف \"عشرينيةٍ,\" سَلبت *** فـؤاده، هـذيـان الـمـدنف اللّهج
فـي كـلّ عـينٍ, خليجُ من مدامعه *** يـشـكـو إلـى كل مختلٍّ, ومختلجِ
و\"الـدّردبـيسُ\" ابنةُ التسعين أرقها *** فـقدُ النّجيّ، فصارَ البدرُ خير نَجي
إن أنـكرَت وجه ليلٍ, غيرِ مُنصرمٍ, *** تـاقـت إلـى وجهِ فجرٍ, غير منبلج
الـحـبّ زاد بـنـي قومي وماؤهم *** والـعِـزّ عـند ذواتِ الدَّلِّ والغُنجِ
بـيـادرُ الـعـشقِ مركومٌ أواخرها *** عـلـى الأوائـل فـي وادٍ, ندٍ, لزجِ
وكـلّ مـن ولجَ الوادي شكا وبكى *** مـن الـهـيـام ومن لم يدر فليلجِ
فـهـل تـلومين كهلاً، يا فتاةُ، إذا *** نـاغـى الجَمالَ بقلبٍ, جدّ مبتهجِ؟!
ألـيس في حُججي هذي شفيعُ هوى *** يُـعفيكِ من قلقٍ, مضنٍ, ومن شَنَجِ؟!
قـالت: رويدك، يا هذا، أحلت دَمي *** إلـى لـهيبٍ, ببعض الخوفِ ممتزجِ
غـداً أعوجُ على وادي الهوى لأرى *** عشقَ الشيوخ..وإن أشفقتُ لم أعُجِ
فـقـلتُ: لا ترهبي شيئاً فكل هوى *** عـذبٌ، إذا لم يكن من عاشقٍ, سَمجِ
والـوَصـلُ شيمةُ أهل \"الفهم\" قاطبةً *** والهجرُ من شيمِ \"الأجلافِ\" و\"الهَمَجِ\"
وواجـبي نحوَ قومي الصيدِ يأمرني *** بـحـبّ عينيكِ..فادعي الله بالفرجِ