أذان بلال

2.5k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

إني ليُثنيني المقال عن المقال *** فهنا رجال يستبد بهم رجال

وهناك طاغية بلا قلب، ولا *** عقل، ألدٌّ، يفوق ما نسج الخيال

وعلى رُبا أرض المحبة تُهتك ال *** أستار يُعبث بالطهارة والجمال

يقتادها جلادها بالقهر طو *** راً والأماني كاذبات، والوصال

فإذا تأبَّت أو عدت يوماً، ولم *** تحفظ له وداً، ولجت في السؤال

وإذا تململ طرفها من رقدة ال *** ذل الوبئ، ولم يطق عيش الذِّلال

وإذا - تعالى - صوتها عن همسة *** وتطلب الإنصاف، أو جمح الخيال

ألفيتَ كل نقيصة في الأرض تُل *** قى فوق هامات تقيات جِلال

هذا الذي صلب المسيح بزعمهم *** ورمى البتول بكل هاتيك الخصال

هذا الذي قتل الحسين جهارةً *** عمداً، ولم يحفظ لعصمته الجلال

هذا الذي باع البلاد وأهلها *** ورمى بَنِيها بالتفاهة والضلال

هذا الذي لولاه ما كانت أزق *** تكم مباءات لأوكار الخبال

هذا الذي قد سلم القدس الحبي *** بة في صباح حين قعقعت النعال

فمضى بعيداً، طوَّف الدنيا انكسا *** راً واختفى خلف الروابي والتلال

وأطل في ليل بهيم زائغ *** لتظن أنك في المعارك ما تزال

هذا الذي إن حل فيكم حاكماً *** سيكون إعصاراً ويُسرف في النكال

فامضوا لوأد العابثين بلهوكم: *** إبليس يحدو جمعكم، وأبو رغال

لا ترهبوا أحداً وكونوا سادةً *** وتقدموا لنزالهم آلاً فآل

فبَنُو النباهة قد نثرنا عقدهم *** وغدوا شراذمَ دأبها قيلٌ وقال

ماذا أقول وحولي الآمال صَر *** عى والبشائر في انكماش وانسلال

والقدس ترسُفُ في القيود وحولها *** أشلاءُ أهلي غُيِّبت تحت الرمال

والعابثون بمجدنا في كل أر *** ض يَرهبون أذان فجرك يا بلال

يخشون أن ترقى حصون جحيمهم *** فيدُكّ صوتُك ما أقاموا من جبال

ماذا أقول وكل دار حولها *** سور، وحول السور كوكبة اغتيال

مستوطنون هنا سكارى لا يرو *** ن سوى التمادي في التعدي والضلال

وهناك شرذمة يبوء بإثمها *** صِفرُ الرجولةِ والدعيٌّ بلا نِزال

أشفى علينا واستطاب نسيمنا *** فَرَغا وأزبدَ كي نعافَ له الزلال

ومضى يسوم صغارنا وكبارنا *** خسفاً وجوراً والبقية لا تقال

مَن لي بثائرة تثور كأنها *** شُهُبٌ إذا انقضت، براكين اشتعال

تفري الجناة تغوص في أرحامهم *** تجتث ما زرعوا بأرض من وبال

لا ترتضي إلا اقتطاف رؤوسهم *** ما بين ناصية كَذوبٍ, أو قذال

بالحق أرهِب مَن توارى خلفهم *** ودعِ السيوف على المدى رهنَ استلال

لا تأمنَن يوماً لباذل قوله *** حتى ترى لمقاله صدق الفِعال

واحذر أذى قوم تظل رؤوسهم *** في الطين غائصة ترقَّب في انشغال

لا يعرفون سوى الخديعة مذهباً *** كالصل سماً، حاذقون ذوو احتيال

أنسالُ حقد كالأفاعي كلما *** عاهدتهم قطعوا الوشائجِ والحبال

فيهم وحوش كالخِراف وداعةً *** خبثاً وميناً، مثل حاريةٍ, هزال [1]

ماذا أقول وكل أمر دونه *** أمر أجلّ، وخطة فوق الخيال

وأنا هنا وحدي تُطيف بي الرؤى *** والقلب يخفق، واليدان بلا مجال

والسابحون على شواطئ أُنسهم *** أَنسَتهُمُ الأيامُ دجلةَ والقنال

والزاعمون النصرَ في غدواتهم *** نسوا الجنوبَ غداة ضمهم الشمال

ولذاك أنثر في الدروب كنانتي *** هيمان، يثنيني المقال عن المقال!

ـــــــــــــــــــ

(1) الحارية:الأفعى التي كبرت ونقص جسمها ولم يبق إلا رأسها ونفَسها وسُمها.


أضف تعليق