وقفة بين يدي أبي تمام

5.2k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

عـد بي سريعاً إلى التاريخ والكتُبِ *** عـلّي أفرِّج ما في النفس من كُرَبِ

أو أسـتـعيد مع الأيـام تذكـرةً *** تُـحيي القلوب بمجدٍ, كان من حِقَبِ

أو أسـتـريحُ بها من حاضرٍ, تعِسٍ, *** أضـحت بـه أمتي نهبـاً لمُنتهِبِ

شـتـانَ ما بين ماضيها وحاضرها *** كانت سماء الورى واليوم في العقِبِ

عـذراً \"حـبيبُ \" فإني لا أرى أحداً *** كـمـثل معتصم في ساحة الغضبِ

يـقـود أمـتَـه لـلعـزّ، منتصراً *** ويـنقذ الشعبَ من ضُرٍّ, ومن وصبِ

ولا أرى قـائـداً يهوى الجهاد ولا *** ألـقـى لهـا بطلاً في جيشه اللجبِ

لـكـنني والضنى يجتـاحني ألمـاً *** أرى دمـىً مثّلَت في مسرح العجبِ

يـحكون صولةَ أرباب الحمى وهُمُ *** سـلمٌ لأعدائنا، حربٌ على العربِ

قـد عـوّدونـا وعودَ الزّيف مفعمةً *** فـاقـوا مسـيلِمَةً في كثـرة الكذبِ

فـي كـل يوم ترى جمعاً ومؤتمراً *** يتلـوه ناطقُهـم بالقـول والخُطبِ

والـكـلٌّ يـعرفُهم أذنابَ من سكنوا *** \" واشـنطناً \" فهمُ من أطوع الخشبِ

إن قـيـل \" هيّا \" أتوها راكعين لها *** أو قـيل \"هيّا\" مضَوا للأمر في أدبِ

عـنوانهم: أخلصوا للغرب في دأَبٍ, *** وأرغـمـوا شعبَكم بالقهر والغصَبِ

فـالـغـرب بوّأهم أعنـاق أمتهـم *** كـي يحكموهـا بلسع النار واللهبِ

زلّـوا بـمـستنقع للخزيِ، فائحةٍ, *** مـنه الخيانةُ، لا تخفى على النٌّجُبِ

ظـنّـوا سَفاهاً عيـونَ الحقّ غافلةً *** والـحقٌّ يرقُب ما يبغون عن كثّـبِ

*** *** ***

واعـجب لكل ضعيف الرأي منتفخٍ, *** قد عاش في وهمه فرعونَ في عَصَبِ

لا يرعوي من مصير سوف يدركه *** إذ لا يدوم الصفـا للظلم والرهَـبِ

فـي كـل يوم يرى الثوراتِ آخذةً *** حـقوقَها من دعِيِّ الأصل والحسَبِ

تُـلـقـي به مِزَقـاً شوهـاءَ مُنبئَةً *** عـما يمور بهـا من غيظها الحَرِبِ

لـكـنّ مَـن عدّنا في القوم أبخسهُم *** وعـدّ مـعـدِنَه من خالص الذهب

وبـاع أمـتَـه غَـبنـا لشرذمـةٍ, *** وصـار عوناً لها في الشر والعتبِ

لا يـسـتبين هـدى الأنوار ساطعةً *** وهـل يُسيغُ جلالَ النور كلٌّ عبي؟

وسـوف يـحيـا ضليلاً ثم يعقًُـبُه *** خـسـفٌ يزُجٌّ به في عالـم النٌّوَبِ

لا راحـمٌ بعد ذا في الأرض يرحمه *** ولا أنـيسَ لـه يحميـه من عطبِ

*** *** ***

نـهـاية الخائـن المرذول واضحةٌ *** سـرابُ مـجدٍ, تداعى دونما صَخَبِ


أضف تعليق