كم كان أهلكِ يـا ديـارُ بغفوةٍ, *** فَتَحـوا الطَريـق لمجرمٍ, مُتَطَوِّلِ
قَطِـعوا حِبالَ أُخوَّةِ الإيمانِ ثُـ *** ـمَّ مَضَوا ليُعلُوا رايَةَ المتسـلّل
غَنَّوا شِعاراتِ الضَّلال وَصَفَّقوا *** لِعَـدُوّهـم، لمُنافـقٍ,، لمُضـلِّلِ
فتحـوا الدروبَ لكلِّ غازٍ, مجرمٍ, *** فتـحـوا القلوبَ لكلِّ عِـلجٍ, مُقبِلِ
فتمـزّقـوا إربـاً على عَصَبِيَّةٍ, *** جَهلاءَ ترمِيهِم بِأرضٍ, مجهَل (1)
تـاهـوا ولـفّهم الظَّلامُ و غُيِّبوا *** بَيـنَ المسـارِبِ في الظلام الأَليَلِ
كم مَـالَؤُوا ذاكَ العَدُوَّ وَكم تُرَى *** رَكنـوا لـطـاغٍ, فوقَهُم مُستَجهِلِ
حتى غَدوا بينَ الَّشعوب كأنّهم *** ذرٌّ الرّمـادِ بـسـاحـةٍ, أو مَحفلِ
أو فـضلُ ثَوبٍ, قد أَضرَّ به البِلى *** يُلقَى بقارعَـةِ الطّـريق مُهلهَلِ
أَضحَت شُعوبُ المُسلمين غنائِماً *** ما بَينَ مَـسـحوقٍ, و بَينَ مُكبَّلِ
تركُوا سَـبيلَ اللهِ واتخذوا الهوى *** شَـرعاً فَـقُـطِّعَ كلٌّ حَبلٍ, مُوصِلِ
فـإذا بنـا عُصَبٌ مُشَتَّتَةُ الهوى *** أبـداً وعاصِـفـةُ ارتجـالٍ, أعزَلِ
فِتَنٌ تأجّجُ في الصٌّدُورِ وفي الربى *** لَهَبـاً! وكلُّ في لـظاها يَصطلي
دَوّت شِعـاراتٌ مُزَخرَفَة الهوى *** سقطت و تاهت في طريق مُوحِلِ
كلُّ يقولُ أنا الذي ينجي الدِّيا *** رَ بوَهمِـهِ وَشِـعـاره المتَـعَجِّلِ
كُلُّ يقولُ أنا \" الذي \"فإذا \" الذي \" *** ليسَ \" الذي \" يا ويحَ من لم يَفعَـلِ
أينَ المناهِجُ؟! لا تَرى أحداً يُسَا *** ئِلُ عَن سَبـيـلٍ, للنجَّاةِ مُفَصَّلِ
أو أَينَ أهدافٌ وأيـنَ مَـعَـالمٌ *** تُجـلى عَلى دَربٍ, إِليها مُوصِـلِ
الدّربُ في شَرقٍ, يَتِيهُ، وجَوهَرُ الـ *** أهَدافِ في غَربٍ, يضِلٌّ و شمأَلِ
خَـدرٌ يَـسيلُ معَ الدِّماءِ و يغتَلي *** بِين العُروقِ و في الفُؤادِ وَمفصَلِ
ويُصفِّـق الغافونَ في أَحـلامهم *** بَيـنَ الملايينِ الـتي لَم تَحفلِ
ضَجَّت حَنَاجِرُهُم! وأُلهِبَتِ الأكـ *** فٌّ لكُلِّ مُصطِنـع بَـدَا وممَثِّلَ
عَمّ الضجيج ! مظاهراتٌ هَاهُنا *** وهُـنـا على لَهَـبٍ, لَـديهَا مُشعَلِ
ضَجٌّوا! وبعد هنيهَةٍ, غابَ الضَّجـ *** ـيجُ وغابَ كُلٌّ مصفِّقٍ, ومُهَروِلِ
وتفرَّقَـت تلك الحنَـاجرُ والأكُـ *** ـفٌّ وسَادَ صَمتُ العاجز المتَنَصِّلِ
تمضي السِّنونَ! تمرٌّ تَسأَلُ أَين مَن *** ضجٌّوا وأَين حَصادُ جُهدٍ, مُمحِلِ
يا أمَّتي! كم مِن دِماءٍ, قَد صَبَبـ *** ـتِ وَمِن صريعٍ, في الدَّيارِ مُجدَّل
كم جُدتِ بالكفّ السخيّ على ميا *** دين النِّزالِ و جمعِها؟! لَم تَبخَلي
قد جُدتِ بالمالِ الوفيرِ وَ بالدّمـا *** ءِ بكلِّ غُصنٍ, مِـن شبابِكِ مخضَلِ
كم من نـسائِك قَد خَلَعنَ قلائداً *** زانَت وَجُـدنَ بكلّ غـالٍ, مِن حِليَ
وطفولـة هَبَّت تَواثَبُ في الحمى *** وَثبـاً إلى الميـدانِ لم تَـتَـمَـهَّلِ
جَعَـلوا مِنَ الحجَرِ الأَصمِّ مَلاحِماً *** دَوَّت! وَمِن عَزمٍ, هُـدى المـتأمِّلِ
فكأَنَّـه العملاقُ هَبَّ و دُونَه الـ *** أَقـزامُ في هَلَـعٍ, و طـول تَمَلمُلِ
يا أُمّتي! مَهلاً! بَذَلتِ مَعَ السِّنيـ *** ـنَ تطولُ! أينَ جَنى العطاءِ المجزِلِ
يا أُمَّتي! لِمَ، بَعد بَذلِكِ، لم نَجد *** إلا الهَزائِمَ؟! هَل وقفتِ لتسألي؟!
يا أُمّـتي طالَ المدى! عظَمُ البَلا *** وَعَـلا نَـشيُـدُ الـقـاعِد المتقوّلِ
كم مَهرجَانٍ, صاخِبٍ, متموِّج ؟! *** كم نَدوة؟! كم مُلتَقىً؟! كم محفِل؟!
هلا وقَفـتِ لتسألي سَبَبَ الهزا *** ئم والقوارِع ؟! فانظُري و تَأمَّلي!
كم حَوّلـوا بِالوَهم كُلَّ هَزِيمَةٍ, *** نَصراً وَزانوا مِـن ربىً أو منزِلِ
أخفَوا أَسالِيب الجَريمَةِ! ويحَهم *** مَهـما يَـطُـل مَكرٌ لهم لا يَنطلِ
واللهُ يَـشهـدُ وهـوَ خَيرٌ شاهداً *** مَـكرَ الشَّـقيِّ وَفـتـنَـةَ المتحيّلِ
نُزِعَـت مهابَتُـنا وفُلَّ سِلاحُنا *** وَهَوت صُروحُ المجدِ حُطَّت مِن عَلِ
وتَفَّرقَت تلـكَ الـقُـلوبُ ومُزِّقَت *** تِلكَ الصٌّفـوفُ و تـاه كلٌّ مؤَمِّلِ
لا يُرتجى نَصـرٌ وأمرُ المسلميـ *** نَ مُشـتّتٌ في غـفـوةٍ, وتَعَلٌّـلِ