بسم الله الرحمن الرحيم
-1-
ومَن وعى التاريخَ في صدره أضافَ أعماراً إلى عمره..
وأنا أتذكر هذا البيت تذكرت في الوقت نفسه كيف يمنح الإسلام الإنسان فرصة فذة لمدّ رحلة حياته القصيرة وإغنائها، وجعلها أعماراً لا تُحصى بدلاً من العمر الضيق، المسطح، الواحد، القصير الذي يعرفه الإنسان العادي، ويتألم من ضيقه وقصره وسرعة انصرامه!!
إن الشاعر يريد أن يقول هنا بأن إدراك التاريخ والإلمام بدقائقه المتلاحقة الموغلة في الزمن، ومعايشتها كما لو كانت واقعة اللحظة، يمنح حياة الإنسان امتداداً في الماضي يضيف من خلاله الكثير من التجارب والمواقف والأحداث إلى مكونات هذه الحياة المحدودة، فيمتد بها، ويغنيها بأعمار جديدة لا تُعد ولا تُحصى..
-2-
في القرآن الكريم دعوة (يومية) في الاتجاه نفسه، إن آياته البينات ترحل بالمؤمنين عبر كل تلاوة في مجرى الزمن، وتحكي لهم عن وقائع التاريخ المزدحمة، وأحداثه المتلاحقة ومعطياته المتمخضة عن القيم والعبر والدلالات معظم سور القرآن تضرب على الوتر نفسه، فلا تخلو من واقعة تاريخية أو حدث ماضٍ, أو دعوة لاستلهام المغزى من هذه التجربة أو تلك.. إن الامتداد الذهني والوجداني إلى الماضي يشكل مساحة واسعة في كتاب الله، وقد تحدثت عن الموضوع بإسهاب في مقدمة كتاب (التفسير الإسلامي للتاريخ).. لكنني هنا بصدد مسألة أخرى.. إن تأكيد القرآن على المعايشة التاريخية، وإعادة عرضها المرة تلو المرة، بأسلوب مؤثر وصيغ تهز الوجدان، يلعب دوره في إغناء حياة الإنسان ومدها وتكثيفها ومنحها الفرصة لأن تكسب - بتعبير الشاعر - أعماراً أخرى.. لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد.. إن القرآن الكريم والتجرية الإيمانية عموماً، تسعى لأن تمد أبصار الإنسان إلى المستقبل القريب والبعيد جنباً إلى جنب مع التوجه صوب الماضي. وهذا النزوع المستقبلي كما أنه يؤكد حركية الإسلام على المستوى العام، فإنه على المستوى الوجودي الخاص -إذا صح التعبير - يمنح الإنسان فرصة أخرى لمدّ حياته وإغنائها وكسب رصيد زمني تتضاءل إزاءه السنون الخمسون والستون أو حتى التسعون التي تُحسب عمراً للإنسان.
وأي مستقبل هذا الذي يتواصل معه الإنسان المسلم؟
إنه زمن مفتوح على مصراعيه، ممتد في الأبدية، لا تقطّع فيه، ولا حواجز، ولا زوال.. إنها الرؤية التي تلغي واقعة الموت من حسابها، فتحرّر الإنسان من عمره المحدود وتطلقه في المدى عبر آلاف السنين صوب يوم الحساب!!
ويوم الحساب في كتاب الله قريب بعيد.. ومهما يكن من قربه أو بعده فإنه يجيء بمثابة بدء لزمن الخلود الذي لاينتهي أو ينعدم أبداً..
كل منا تملّكه هذا الإحساس اللذيذ، المطمئن، العزيز، بين الحين والحين.. وأن عمره ليس بمحدود وأن زمنه ليس بفانٍ,، وأنه ممتد بمشيئة الله وقوة الروح في الزمن
القادم.. وليس الموت حاجزاً أو فاصلاً، ليس الموت نهاية طريق أو باباً موصداً.. إنه مجرّد نقلة، نقلة سريعة، ينطلق الإنسان بعدها لمواصلة الحياة بهذا الشكل أو ذاك مما لا يعلم كنهه إلا الله - سبحانه -.
كل منا أحس، في مجابهته الضغوط النفسية والمتاعب التي لا تنقضي والأحزان المتجددة، أنه قادر على تجاوز الأسر والانطلاق في الزمن، حيث لا خوف ولا تناقص ولا عد تنازلي باتجاه لحظة الأفول الأخيرة..
إن رحلة الإنسان في التصور الإسلامي ماضية إلى هدفها.. طويلة مديدة.. وإنها وهي تتوجه صوب يوم الحساب القريب البعيد لتأمل في معانقة خلودها الموعود!!
وما أروعه من إحساس يملأ وجدان الإنسان وعقله وقلبه باقتناع ليس إلى تعريفه من سبيل، ويدفعه إلى نفور جارف ورفض حاسم لكل أولئك الذين رأوا في حياتهم الدنيا فرصتهم الأولى والأخيرة، وفي سنيهم الخمسين والسبعين عمرهم الوحيد.. أيكون الإنسان، بعد هذه الرحلة القصيرة، لقمة سائغة للعدم؟ إنه تصوّر تضيق معه نفس المؤمن الذي يرفض خرافة العدم هذه، حتى ليكاد يختنق وهو يعاينها من بعيد..
لقد خُلق الإنسان لكي يظل موجوداً.. لكي يمتد في الزمن فلا يكون عرضة لانعدام أو فناء.. إن هذا هو الذي يميز الإنسان عن الحيوان والأشياء.. إنها مرهونة بعمر محدود، تتلاشى بعده وتضيع.. أما الإنسان فإنه يتفرد على الكائنات، ويظل ممتداً في الأبدية، دائماً في الزمان.. ليس الإنسان (شيئاً) أو (حيواناً)!!
-4-
والقرآن الكريم معروفة طرائقه الفنية المؤثرة في التعامل مع الزمن.. إنه يتنقل بحرية بين الأزمان الثلاثة.. يلغي الحواجز ويزيل المتاريس، ويمضي يحدثنا عن وقائع الكون والحياة والعالم.. الماضي وكأنه يتخلق أمام أعيننا.. المستقبل وكأنه أصبح ماضياً.. الحاضر وكأنه ممتد، ماضياً ومستقبلاً.. فلا أول له ولا انتهاء.. (من أجل هذا يغدو التاريخ) في القرآن الكريم وحدة زمنية، تتهاوى الجدران التي تفصل بين الماضي والحاضر والمستقبل، وتتعانق هذه الأزمان الثلاثة عناقاً مصيرياً.. حتى الأرض
والسماء.. زمن الأرض وزمن السماء.. قصة الخليقة ويوم الحساب.. تلتقي دائماً عند النقطة الحاضرة في (بانوراما) القرآن.. فهذا الانتقال السريع بين الأزمان الثلاثة يوضح حرص القرآن على إزالة الحدود التي تفصل بين الزمن باعتباره وحدة حيوية متصلة، فتغدو حركة التاريخ التي يتسع لها الكون حركة واحدة تبدأ يوم خلق الله السماوات والأرض، وتتجه نحو يوم الحساب. إن الحياة الدنيا فعل تاريخي مستمر يتشكل من الماضي والحاضر، ويرتبط بمستقبل يوم الحساب الذي هو بمثابة المصير النهائي لفاعلية الإنسان في العالم.. ولهذا يقدم لنا القرآن وصفاً رائعاً يتميز بالحيوية والتدفق لمجرى التاريخ البشري، وبهذا التوافق بين الماضي والحاضر والمستقبل، وينقلنا بخفة وإبداع بين الآونات الثلاث حيث تذوب الفواصل والحواجز وتسقط الجدران) (1).
وهذا التوحّد في الزمن، هذه الرؤية الامتدادية التي تلم الماضي والحاضر والمستقبل وكأنها طريق واحد غير منصرم ولا مقطوع.. هذا الموقف الشمولي الذي يصور آدم وذريته جيلاً واحداً من الناس منذ لحظة الهبوط إلى العالم وحتى يوم الحساب.. تمنح الإنسان المسلم قدراً هائلاً من التحرر.. من الإحساس بالقدرة الجارفة على الاستجابة لتحديات الموت والانقطاع والفناء.. بل على تحديها ومجابهتها واختراقها.. إنه حي موجود على أي حال.. هنا في الأرض أم هنالك في السماء.. هنا في الحياة الدنيا أم هنالك في السموات العليا.. في زمن الفناء أم في الدنيا الخلود.. إنه حي موجود.. فممّ يخاف؟ وعلامَ؟ إن القرآن الكريم يقولها بوضوح:
(وَلاَ تَحسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَموَاتًا بَل أَحيَاءٌ عِندَ رَبِّهِم يُرزَقُونَ) (2).
وإنه للمفتاح الذي يفسر لماذا كانت جماعات المسلمين تتهافت على الموت..
تتعشقه.. تركض إليه ركضاً.. تتزين وتطهم خيولها وهي ذاهبة إليه.. لقد كان الموت دائماً بمثابة العرس الذي يزف أرواح المجاهدين إلى الخلود.. وكانت لياليه المترعة تصنع الفجر الإسلامي المرة تلو المرة..
لقد كانت جماعات المسلمين، ولا تزال، تحمل هذا الإحساس المترع بالديمومة.. بالاستمرار.. بالتواصل الذي لاتقطّع فيه ولا انصرام.. فما الموت؟ وما القتل؟ وما الشهادة؟ إنهم (موجودون) قبل الموت وبعده.. (حاضرون) قبل القتل وبعده.. أحياء في الأرض والسماء..
لقد فتح المسلمون العالم.. غيّروا خرائطه.. أسقطوا دولاً وممالك وإمبراطوريات.. سحبوا العروش المحملة بالذهب والفضة من تحت الأكاسرة والقياصرة.. أعادوا صياغة الوجود من جديد.. فعلوا هذا كله لأنهم كانوا يحملون مفتاحه الوحيد: حب الموت، ليس لأنهم يريدون أن يموتوا، ولكن لأنهم يطمحون للحياة.. يتعشقون الدوام والامتداد.. وما كانوا بقادرين على تحقيق أمنيتهم الكبيرة هذه دون مجابهة الفناء..
-5-
وثمة مايمنح المسلم امتداداً لحياته، وإغناء لتجربتها، وتكثيفاً لوجودها، باتجاه آخر: العالم والطبيعة والكون..
إن الإسلام يدعوه صباح مساء.. وكتاب الله - سبحانه - يناديه ليل نهار أن يفتح عقله وقلبه وحسه ووجدانه وبصيرته على العالم والطبيعة والكون.. أن يعيشها ويعيش فيها.. أن ينمي تجربته لكي تستوعب العالم والطبيعة، وأن يوسع مدى رؤيته لكي تعانق السماوات العليا وتلف أقطار الكون..
يكفي أن نطالع في القرآن دعوته الملحة للنظر في صفحات النفس والطبيعة والعالم.. في كتاب الكون المفتوح، لكي يتبين لنا المدى الشاسع الذي لاتحده حدود، والذي يريد الإسلام للمنتمين إليه أن يتحركوا خلاله، ويجوسوا عبر آفاقه البعيدة..
((3)فَليَنظُر الإنسان إلى طَعَامِهِ(24)أَنَّا صَبَبنَا المَاءَ صَبًّا(25)ثُمَّ شَقَقنَا الأَرضَ شَقًّا(26)فَأَنبَتنَا فِيهَا حَبًّا(27)وَعِنَبًا وَقَضبًا(28)وَزَيتُونًا وَنَخلاً(29)وَحَدَائِقَ غُلبًا(30)وَفَاكِهَةً وَأَبًّا)(4).
(أولَم يَنظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاواتِ وَالأَرضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيءٍ, وَأَن عَسَى أَن يَكُونَ قَد اقتَرَبَ أَجَلُهُم فَبِأَيِّ حَدِيثٍ, بَعدَهُ يُؤمِنُونَ) (5).
(أَفَلَم يَنظُرُوا إلى السَّمَاءِ فَوقَهُم كَيفَ بَنَينَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ,(6) وَالأَرضَ مَدَدنَاهَا وَأَلقَينَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوجٍ, بَهِيجٍ,) (6).
(أَفَلاَ يَنظُرُونَ إلى الإِبِلِ كَيفَ خُلِقَت) (7).
(فَانظُر إلى آثَارِ رَحمَةِ اللَّهِ كَيفَ يُحيِ الأَرضَ بَعدَ مَوتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحيِي المَوتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ) (8).
(وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِن السَّمَاءِ مَاءً فَأَخرَجنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيءٍ, فَأَخرَجنَا مِنهُ خَضِرًا نُخرِجُ مِنهُ حَبًّا مُتَرَاكِبًا وَمِن النَّخلِ مِن طَلعِهَا قِنوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ, مِن أَعنَابٍ, وَالزَّيتُونَ وَالرٌّمَّانَ مُشتَبِهًا وَغَيرَ مُتَشَابِهٍ, انظُرُوا إلى ثَمَرِهِ إِذَا أَثمَرَ وَيَنعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُم لآيَاتٍ, لِقَومٍ, يُؤمِنُونَ) (9).
(قُل انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاواتِ وَالأَرضِ وَمَا تُغنِي الآيَاتُ وَالنٌّذُرُ عَن قَومٍ, لاَ يُؤمِنُونَ) (10).
(قُل سِيرُوا فِي الأَرضِ فَانظُرُوا كَيفَ بَدَأَ الخَلقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشأَةَ الآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ) (11).
(وَلَقَد جَعَلنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ) (12).
وإن الإنسان المسلم يحس إحساساً غامراً مترعاً بالغبطة والنشوة والفرح بأن وطنه الحقيقي ليس المدينة التي يولد فيها، أو الإقليم الذي يحيا فيه، أو الدولة التي يحسب عليها.. أن وطنه هو العالم كله.. وأرضه هي الطبيعة على امتدادها.. وبلاده الكون على مداه.. إنها قد سُخّرت له جميعاً، وهو سيد المخلوقات وأكرمها عند الله.. يتحرك فيها كما يشاء، ويصوغ من طاقاتها وكنوزها حياته السعيدة المؤمنة.. ويتوجه من خلال إبداعها وجمالها وتنظيمها المعجز.. إلى الخلاق المبدع الذي صنع هذا كله..
إنه - مرة أخرى - إحساس مترع بالغبطة والثقة والاستعلاء والنشوة والفرح والامتداد، هذا الذي يحتويه صدر المسلم وعقله ووجدانه وقلبه، وهو يحس بإنه ابن هذا العالم وأن وطنه الحقيقي الكون كله على امتداده المفتوح..
إن الإسلام هنا يمد العمر الإنساني في الطبيعة والعالم والكون، كما كان هناك يمده في التاريخ والمستقبل.. هنا يمده في المكان وهناك يمده في الزمان.. وهو في كل الأحوال يمنح الإنسان ألف فرصة وفرصة لتجاوز عمره المسطح المحدود صوب عمر مترع عميق غير محدود!!
-6-
ومن خلال هذا الامتداد الأفقي في الزمان والمكان يخطو المسلم بامتداد عمقي في الروح والنفس والفكر والحس والوجدان..
إن رؤيته الإيمانية تتطلب منه أن يجعل من حياته تجربة جيّاشة بالفعل، والديمومة والتحقق، مترعة بالحس والتأمل والتفكير.. طافحة بالغبطة والفرح والاطمئنان واليقين.. إن الروح لتزداد غنى (بالنظر) الدائم الذي يدعو إليه كتاب الله.. والعقل ليزداد إدراكاً (بالتفكر) الدائم الذي يدعو إليه كتاب الله.. والحس ليزداد امتلاء بالتعامل المكثف مع الطبيعة والعالم، ذلك الذي يدعو إليه كتاب الله.. والوجدان ليزداد شفافية ورقة وصفاء بالمعاناة الدائمة التي يدعو إليها كتاب الله.. إن العمر الحقيقي الذي يليق بمكانة الإنسان في العالم هو ذلك الذي يتحدث عنه القرآن الكريم وهو يحكي عن أولئك (الَّذِينَ يَذكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِم وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلقِ السَّمَاواتِ وَالأَرضِ رَبَّنَا مَا خَلَقتَ هَذَا بَاطِلًا سُبحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) (12).
إنها - من حيث التفتنا - دعوة لتعميق الخبرة البشرية.. لمد التجربة إلى الجذور البعيدة.. وإنها لفرصة فذة للعمر المحدود أن يزداد اتساعاً وتوغلاً وامتداداً صوب الأعماق، تماماً كما كان هناك يزداد اتساعاً وتوغلاً وامتداداً صوب الآفاق.. هنا في صميم النفس وهنالك في أبعاد الزمان والمكان..
ترى.. أبعد هذا كله.. دعوة لمد الحياة البشرية، وتكريمها، وإغنائها، ومنحها الفرصة لأن تعيش عمرها كاملاً غير مسطح ولا منقوص.. كدعوة هذا الدين؟!
----------------------------------------
(1) التفسير الإسلامي للتاريخ، للمؤلف، ص 14.
(2) سورة آل عمران، آية 169.
(3) سورة عبس، آية: 24 فما بعد.
(4) الاعراف: 185.
(5) ق: 6-7.
(6) الغاشية: 17.
(7) الروم: 50.
(8) الانعام: 99.
(9) يونس: 101.
(10) العنكبوت: 20.
(11) الحجر:16.
(12) آل عمران: 191.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد