بسم الله الرحمن الرحيم
من المعروف أن تحقيق الوحدة الفكرية بين المسلمين لا تهدف - إطلاقاً - إلى أن يكون المسلمون نمطاً فكرياً جامداً بعيداً عن صور الاجتهاد واختلاف الرؤى..وإنما تهدف (الوحدة الفكرية) إلى جَمع المسلمين على ثوابت حدَّدها لهم كتاب ربهم وسنّة نبيهم، أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر وشهادةً على الناس - إلا إذا انطلقوا من قواعدها القطعية الثبوت والدلالة.
* وهذه الثوابت الفكرية تقوم على المقومات التالية:
1 - أصل الأصول في تحقيق وحدة المسلمين الفكرية هي (عقيدة التوحيد) الصافية البعيدة عن الشوائب البدعية والوثنية.. والتي يجب أن تكون رسالة المسلمين الأولى نحو العالم، وأساسهم الأول في بناء كل مناهجهم وعلومهم وفنونهم وآدابهم... حتى لا ينحدر بعضهم - في تعامله مع حقائق الكون والعلم - إلى تحليلات أو تفسيرات مادية أو وثنية أو طبيعية أو لا دينية.
2 - مصدر المصادر في تحقيق وحدة المسلمين (كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -) فالكتاب والسنّة مصدران (بل مصدر واحد) في الحقيقة، لأن السنَّة شارحة للقرآن فحسب، بل هي المفصلة لمجمله، والمكملة والموضحة لكثير من المسائل التشريعية. وكل ما صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - من طرق ناجعة بمقياس الجرح والتعديل - دراية ورواية - يلتزم به المسلمون مهما اختلفت فرقهم ومذاهبهمº لأنه وحيٌ من الوحي، نزل على خاتم الأنبياء الذي لا ينطق عن الهوى.
3 - اللغة العربية لغة القرآن الكريم وأمّ اللغات الإسلامية، يجب أن تكون اللغة الأولى لكل المسلمين، وأن تعود لها مكانتها في البلاد الإسلامية كلّهاº فقد ارتضاها الله لنبيه وكتابه المبين.. ويجب اتخاذ كل الآليات والوسائل المحققة لهذه الغاية، دون أن يعني ذلك إهمالاً للغات الإسلامية الأخرى بتراثها الإسلامي الرائع، وثرائها المعروف للفكر الإسلامي والحضارة الإسلامية.
4 - الأخوة الإسلامية أساس مكين يجب أن يستقرّ بعيداً عن العنصريات القومية والوطنية، مع ملاحظة أن أخوة الإسلام تحترم الولاء للوطن والرحم، جزءاً من الولاء للإسلام، وآصرته، لا بديلاً له.. !!
5 - الحضارة الإسلامية.. وسيلة وهدف.. فهي آلية تجمع بين مفاهيم الوحي وخصائصه، وإبداع العقل المسلم في المجالين المادي والمعنوي... وهي أيضاً ذات خصائص متوازنة وشاملة توجب على الصفوة من المسلمين دعوة المسلمين لإحيائها، ودعوة العالم للتعايش معها والإفادة منها، بديلاً للحضارات المادية واللادينية التي انحدرت إلى رفض الوحي والروح والقيم، والانغماس في المصلحية والعنصرية واللادينية العقلانية والانحلالية.
6 - ومفهوم الأمة.. أساس نظري وعملي يضم مفاهيم الوطن والقوم والجنس ويصهرها في بوتقة (الأمة المسلمة الوحدة) المصطفاة من الله لحمل آخر كلمات السماء إلى الأرض.. إنها (الأمة الشاهدة - القوامة بالقسط - المتواصية بالحق والصبر - والداعية لخير الناس جميعاً، والمعترفة بحق الأمم الأخرى في الحياة الكريمة والتنافس الحضاري البناء).
7 - أمة الرسالة الإسلامية المبتعثة الخاتمة..
فمنذ آدم - عليه السلام - ونوح وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب.. ورسالة الإسلام تتتابع من نبيّ إلى نبي حتى وصلت إلى خاتم المرسلين محمد - عليه الصلاة والسلام -.
- فالمسلمون حملة رسالة عامة خالدة، يؤمنون بكل الأنبياء السابقين، والكتب السابقة، ومسؤوليتهم إعادة (الدين كلّه - الإسلام - من آدم إلى محمد) إلى مكانة القيادة في حياة البشرية، دفاعاً عن حق الله في أن يُعبد، وعن حق الإنسان في أن يعيش وفق منهاج عباديّ وتشريعي وأخلاقي يحقق إنسانيته ورسالته التي ائتمنه الله عنها وابتعثه من أجله.
- وإنَّ غرس هذا المعنى الابتعاثي في الأمة يحقق إنسانيتها، ويحول دون شعورها بالانهزامية والدونية، ودفعها للدعوة للإسلام.. بالتي هي أزكى وأحسن.
* * *
- إن التركيز على تجلية هذه المفاهيم الأساسية، والجهاد في سبيل إنزالها على الواقع بآليات عصرية هو واحد من أقصر الطرق لتحقيق تقدم الأمة ورقيه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد