التميز والمفاصلة بين المجتمع المسلم والمجتمع الجاهلي ( 7 )


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

المرحلة الثانية:

وهي مرحلة التميز الكامل في الأبدان والبلدان، وإقامة المجتمع المسلم، ومفارقة المجتمع الجاهلي مفارقة جسدية بالهجرة إلى الله ورسوله.

 

وهذا التميز هو سنة كونية وسنة شرعية.

 

فأما أنه سنة كونية فلأن الجاهلية ليست نظرية مجردة، وإنما هي مجتمع قائم متميز بقيادته الخاصة المحكمة لغير ما أنزل الله، ومتميز بعاداته وتقاليده ومألوفاته التي تخالف الإسلام[1]، وهذا المجتمع ليس هو المجتمع الكافر فقطº بل يشمل المجتمعات الكافرة، والمجتمعات الفاسقة التي يحكمها الطواغيت الكفرة بغير شريعة الإسلام.

 

وهذا التميز - أيضاً سنة كونية بمقتضى ولاية المؤمنين بعضهم لبعض كما أن الكافرين بعضهم أولياء بعض، وقد سبق بيان هذا في مواضع متفرقة من هذه الرسالة ولله الحمد.

 

وأما إنه سنة شرعية فلأن الله - تعالى - أوجب على المسلمين التزيل عن المشركين ومفارقتهم، وحرم على القادرين البقاء بين أظهرهم وأوجب عليهم الهجرة إلى دار الإسلام.

 

وقد شدد الله النكير على من قدروا على الهجرة فلم يهاجروا، قال - تعالى -: [إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم، قالوا كنا مستضعفين في الأرض، قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها، فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً. إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلةً ولا يهتدون سبيلاً. فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفواً غفوراً][النساء: 97-100].

 

إنـهم قد ظلموا أنفسهم برضاهم الاستضعاف في الدين، وإقامتهم على الضيم والذل، ولهذا تلومهم الملائكة على القعود: [قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها]، ويتوعدهم الله - سبحانه - بجهنم - وساءت مصيراً، هذا في شأن القادرين على الهجرة ومفارقة المشركين إلى المسلمين، أما المستضعفون العاجزون رجالاً أو نساءً أو أطفالاً الذين لا يقدرون على الهجرة، ولا يهتدون إلى السبيل فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم - وعسى من الله واجبة، ولكن التعبير بـها ليس كالجزم القاطع الأكيد، بل هو يلقي ظلال الاحتمال، ولعل المراد - والله أعلم - أن يستفرغ الإنسان وسعه، ولا يدخر طاقة في هذا السبيل، وفيه إشعار بخطورة الهجرة ووجوبـها وتأكدها.

 

والآيات التي تليها في رفع شأن الهجرة والمهاجرين، ووعدهم بالرزق الطيب في الدنيا والآخرة.

 

وفي الحديث عن عبد الله بن السعدي - رضي الله عنه - أنه قدم على النبي  في ناس من أصحابه، فقالوا له: احفظ رحالنا حتى ندخل - وكان أصغر القوم - فقضى لهم حاجتهم ثم قالوا: أدخل، فدخل فقال: حاجتك؟ قال: حاجتي تحدثني أنقضت الهجرة؟ فقال النبي : \"حاجتك خير من حوائجهم، لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو\"[2].

 

وفي رواية: \"ما دام العدو يقاتل\"[3]، وفي لفظ: \"ما جوهد العدو\"[4]، وفي رواية: \"ما كان الجهاد\"[5].

 

فهذه نصوص صريحة على بقاء الهجرة ما بقي الجهاد في سبيل الله، والجهاد باق إلى يوم القيامة.

 

وقد يحتج محتج ببعض الأحاديث التي ظاهرها نسخ الهجرة. ومن ذلك الحديث المتفق عليه: \"لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا\"[6]. وقوله  في الحديث المتفق عليه أيضاً: \"المهاجر من هجر ما نـهى الله عنه\"[7]. ومن ذلك حديث مجاشع بن مسعود قال: \"أتيت النبي  بأخي بعد الفتح فقلت: يا رسول الله! جئتك بأخي تبايعه على الهجرة، قال: ذهب أهل الهجرة بما فيها، فقال: على أي شيء تبايعه؟ قال: أبايعه على الإسلام والإيمان والجهاد.. \"[8].

 

\"أبايعه على الجهاد، وقد انقطعت الهجرة\"[9].

 

فنقول جواباً على ذلك:

الأول: أن هذا الاختلاف في نسخ الهجرة أو عدم نسخها قد وقع في زمن الرسول  وحسمه الرسول  حسماً لا ينبغي بعد لأحد أن يخالفه.

 

فعن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير أن جنادة بن أبي أمية حدثه أن رجالاً من أصحاب رسول الله  قال بعضهم: إن الهجرة قد انقطعت، فاختلفوا في ذلك، قال: فانطلقت إلى رسول الله  فقلت: يا رسول الله! إن أناساً يقولون إن الهجرة قد انقطعت؟ فقال رسول الله : \"إن الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد\"[10].

 

وله شاهد من حديث أبي هند البجلي قال: كنا عند معاوية وهو على سريره وقد غمض عينيه فتذاكرنا الهجرة، والقائل منا يقول: قد انقطعت، والقائل منا يقول: لم تنقطع، فاستنبه معاوية فقال: ما كنتم فيه؟ فأخبرناه - وكان قليل الرد على النبي  - فقال: تذاكرنا عند رسول الله  فقال: لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربـها\"[11].

 

الثاني: أن مقتضى نفي الهجرة جواز بقاء المسلم بين أظهر المشركين، وقد ورد النهي الشديد عن ذلك، والمنع من إقامة المسلم القادر على الهجرة في وسط المشركين، وكان رسول الله  يشترط هذا حين البيعة كما في حديث جرير بن عبد الله البجلي أنه حين بايع النبي  أخذ عليه ألا يشرك بالله شيئاً، ويقيم الصلاة، ويؤتي الزكاة، وينصح المسلم، ويفارق المشرك[12].

 

وقد ورد من حديث بـهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله  قال: \"لا يقبل الله - عز وجل - من مشرك بعد ما أسلم عملاً أو يفارق المشركين إلى المسلمين\"[13]. أي: حتى يفارقهم.

 

وهذا أقل ما يقال فيه: إيجاب مفارقة المسلمين للمشركين، وقد قيده بعض العلماء بالعجز عن إظهار شعائر الإسلام كلها أو بعضها.

 

وقد تبرأ الرسول  من المسلم المقيم بين أظهر المشركينº فقال في الحديث الذي رواه جرير البجلي رضي الله عنه: \"أنا برئ من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين\" قيل: ولم يا سول الله؟ قال: \"لا تراءى ناراهما\"[14].

 

ولهذا الحديث قصة هي: أن رسول الله  بعث سرية إلى خثعم، فاعتصم ناس منهم بالسجود فقتلهم المسلمون، فقضى رسول الله  لهم بنصف الدية ثم قال: \"أنا برئ.. \" الحديث[15].

 

وأمره  لهؤلاء القوم بنصف العقل لأنـهم قد أعانوا المسلمين على أنفسهم بمقامهم بين ظهراني المشركين، فكانوا كمن هلك بجناية نفسه وجناية غيره فسقطت حصة جنايته هو وبقيت حصة جناية غيره[16].

 

والمعنى الظاهر للحديث: وجوب الهجرة من ديار المشركين وعدم مساكنتهم، وأنه يلزم أن يتباعد منـزل المسلم عن منـزل المشرك بحيث لا يرى أحدهما نار الآخر[17].

 

قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -: \"أن النار هي شعار القوم عند النـزول وعلامتهم، وهي تدعو إليهم والطارق يأنس بـها فإذا ألم بـها جاور أهلها وسالمهم، فنار المشركين تدعو إلى الشيطان وإلى نار الآخرةº فإنـها إنما توقد في معصية الله، ونار المؤمنين تدعو إلى الله وإلى طاعته وإعزاز دينه، فكيف تتفق الناران؟ \"[18].

 

ومثل هذه الأحاديث في تحريم المقام بين أظهر المشركين ما رواه سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال: \"أما بعد: قال رسول الله : من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله\"[19].

 

وذلك أن المؤمن يغار على حرمات الله ويغضب لها. والكافر إنما يصبح ويمسي في غضب الله منتهكاً لحرماته متعدياً لحدوده، فاجتماعهما إنما هو من قبيل اجتماع الضدين. أما حديث مسلم عن بريدة من أن الذي لا يهاجر يكون كأعراب المسلمين وليس له في الفيء والغنيمة شيء فهو محمول على القبيلة إذا أسلمت ولم تـهاجر، أو أسلم، أفراد كثيرون يتمكنون من إظهار دينهم.

 

الثالث: أن القول بنسخ الهجرة يفوت المصالح الشرعية المقصودة منها من تكثير سواد المسلمين ومناصرتـهم ومعاونتهم والانتفاع بـهم، وكسر شوكة الكافرين، والتبرئ منهم، ويجعل المؤمن مختلط الولاء، معرضاً للزيغ والضلال الذي ينام عليه ويستيقظ.. وكل عاقل يدرك مدى الصعوبات التي تقف في وجه المسلم الملتزم في وسط ذلك المجتمع الكافر.

 

أما الجواب على الأحاديث التي ظاهرها نسخ الهجرة، فيجاب عنها بأجوبة مختلفة:

 

فحديث: \"المهاجر من هجر ما نـهى الله عنه\"[20] فالمقصود المهاجر الممدوح المتصف بكمال مسمى هذا الاسمº فأفضل المهاجرين من جمع إلى هجران وطنه هجران ما حرم الله عليه\"[21] وليس فيها سوى بيان فضل هجران المحرمات، ومثل هذا الاستعمال كثير في القرآن والسنة.

 

وحديث: \"لا هجرة بعد الفتح\"[22] ومعناه: لا هجرة من مكة المكرمة لأنـها صارت بالفتح دار إسلام، وقيل: معناه نفي الهجرة الفاضلة التي يمتاز بـها أهلها امتيازاً ظاهراً، ويدخلون في المثنى عليهم بالقرآن الكريم المسمين بالمهاجرين. قال النووي: وهو الأصح[23].

 

وكل كلام العلماء يدل على هذا المعنى أو قريب منه.

 

قال الحافظ ابن حجر: \"قال الخطابي وغيره: كانت الهجرة فرضاً في أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم إلى الاجتماع، فلما فتح الله مكة دخل الناس في دين الله أفواجاً فسقط فرض الهجرة إلى المدينة وبقي فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو.

 

قال: وكانت الحكمة أيضاً في وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى ذويه من الكفار فإنـهم كانوا يعذبون من أسلم منهم إلى أن يرجع عن دينه وفيهم نزل]إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم[الآية، وهذه الهجرة باقية الحكم في حق من أسلم في دار الكفر وقدر على الخروج منها\"[24].

 

وعن عطاء بن أبي رباح قال: زرت عائشة - رضي الله عنها - مع عبيد بن عمير فسألها عن الهجرة؟ فقالت: لا هجرة اليوم، كان المؤمنون يفرٌّ أحدهم بدينه إلى الله ورسوله  مخافة أن يفتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن جهاد ونية\"[25].

 

وكأن أولئك السلف الأبرار - عليهم الرحمة والرضوان - كانوا يستبعدون أن تعود الجاهلية من جديد وتضرب بجرانـها في الأرض، ويصبح المسلمون مشردين خائفين على دينهم، يعانون أنواعاً من الفتنة عن الدين.. بالترغيب حيناً وبالترهيب حيناً آخر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

* * *

 

وخلاصة القول أن المؤمن مطالب بالتميز الشعوري، ثم التميز الكامل حتى في البدن والبلد وأن هذا التميز سنة كونية وسنة شرعية، وهو يعني مفارقة المشركين وعدم مساكنتهم والهجرة إلى الله ورسوله.. وبعبارة أعم: يعني ترك المجتمع الجاهلي إلى المجتمع الإسلامي وأن هذا العمل واجب على المسلمين أبداً، فإن كان ثمَّ مجتمع إسلامي هاجروا إليه، وإن لم يكن فواجبهم العمل على قيام هذا المجتمع.

 

* * *

 

وإن الفاحص المتمعن لتاريخ الدعوات الربانية - كما عرضت في القرآن الكريم يرى أن الكفار لا يمكن أن يتركوا المؤمنين يعيشون بينهم بسلام، ويمارسون دعوتـهم بحرية.. بل كانوا يضيقون بـهم ذرعاً.. لأن دعوتـهم تحمل لهؤلاء الكافرين الذل والدمار إذا لم يؤمنوا بـها.. وتعني إسقاط طواغيتهم وآلهتهم المزعومة التي أشربوا حبها في قلوبـهم.

 

فهذا شعيب - عليه السلام - يخاطب قومه: [وإن كانت طائفة منكم آمنوا بالذي أرسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يجكم الله بيننا، وهو خير الحاكمين][الأعراف: 87]. أي: فانتظروا حتى يفصل الله بيننا، فإن سيجعل العاقبة للمتقين، فكأنه - عليه السلام - لثقته بوعد الله - عز وجل - بنصر المؤمنين والتدمير على المكذبين طلب منهم أن يوادعوه ويتركوه وشأنه، فما كان جواب قومه إلا أن قالوا: [لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا][الأعراف: 88]. فهم يضعون شعيباً والمؤمنين معه أمام خيار صعب: إما أن يعودوا في ملتهم، وإما أن يطردوهم من قريتهم.. أما أن يبقوا معهم وهم مؤمنون فهذا لا يمكن أن يقبله الكافرون بحال من الأحوال.

 

ويأتي الرد من شعيب - عليه الصلاة والسلام - حاسماً قوياً لا غمغة فيه ولا تلجلج: [ قال الملأ الذين استكبروا من قومه لنخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا أو لتعودن في ملتنا، قال أولو كنا كارهين. قد افترينا على الله كذباً إن عدنا في ملتكم بعد إذ نجانا الله منها، وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا، وسع ربنا كلَّ شيءٍ, علماً، على الله توكلنا، ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين][الأعراف: 88-89].

 

إنه الرد الواضح الصريح من نبي كريم.. يعلم حملة الرسالة السماوية في كل زمان كيف يكون الثبات والتحدي والإصرار.

 

وهذا لوط - عليه السلام - يقول قومه عنه وعن أتباعه: [أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون][الأعراف: 82].

 

وهكذا تصبح الفضيلة والتطهر عند هؤلاء الأنجاس المرتكسين جريمة يستحق صاحبها النفي والإخراج!.

 

وهذا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - يهدد بالنفي والتحريق..

 

إنـها القاعدة العامة التي يقررها الله - تعالى - بقوله: [وقال الذين كفروا لِرُسُلِهم لَنُخرِجَنّكُم من أرضنا أو لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنا]: [إبراهيم: 13].

 

فهو الخيار الذي عرض على شعيب وسائر إخوانه من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهو الخيار الذي عرض على محمد  وأصحابه يوم صدعوا بدعوتـهم في مكة، فقابلتهم قريش بالصد والإعراض، ثم بالحرب والإيذاء والتعذيب، وهي التي كانت بالأمس تجلهم وترعى حقوقهم.. ولكنها المفارقة على العقيدة.

 

----------------------------------------

* - الأعداد 84 و 86 و 89 و 93.

[1] - أنظر: معالم في الطريق، ص 48، دار الشروق.

[2] - رواه أحمد في مسنده، 1/270 وإسناده حسن.

[3] - المصدر السابق، 1/191 وإسناده حسن.

[4] - المصدر السابق، 1/363.

[5] - المصدر السابق، 1/375، والحديث رواه أيضاً أحمد وأبو داود والدارمي عن معاوية بن أبي سفيان. قال المنذري: \"وأخرجه النسائي وقال الخطابي: إسناد حديث معاوية فيه مقال\" [مختصر المنذري 3/352]. ورواه النسائي بلفظ: \"لا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار\" وصححه ابن حبان. واسم السعدي في روايته: عبد الله بن واقد. وقال أبو زرعة الدمشقي: \"هذا الحديث عن عبد الله بن السعدي حديث صحيح متقن رواه الأثبات عنه\"، أنظر الفتح الرباني: 20/296.

[6] - رواه بمعناه أيضاً: الترمذي والنسائي وابن ماجة والدارمي وأحمد.

[7] - رواه بمعناه أيضا: الترمذي والنسائي وأحمد والبغوي في شرح السنة 1/27.

[8] - رواه البخاري، أنظر: الفتح 8/25، وهو في مواضع أخرى من الصحيح.

[9] - رواه النسائي، 7/141، كتاب البيعة، باب البيعة على الجهاد وكذلك 7/145 في ذكر الاختلاف في انقطاع الهجرة. ورواه الإمام أحمد بإسنادين 4/223، وفيه: \"بل أبايعه على الجهاد فقد انقطعت الهجرة\".

[10] - رواه الإمام أحمد: 4/62، و 5/375، وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. أنظر الفتح الرباني 2/297.

[11] - رواه أحمد 4/99. ورواه أبو داود مختصراً (مختصر المنذري 3/352، رقم: 2369)، وأبو هند البجلي فيه مقال. ولكن الحديث في معنى أحاديث أخرى كثيرة منها عن عبد الله السعدي رضي الله عنه وقد سبق، وغيره.

[12] - الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده بإسناد حسن، وله شواهد أخرى كثيرة يتقوى بـها، منها الأحاديث المذكورة بعده.

[13] - رواه النسائي وابن ماجة والإمام أحمد بإسناد حسن. وروى نحوه ابن حبان في صحيحه، ولفظ ابن ماجة: \"لا يقبل الله من مشرك أشرك بعدما أسلم عملاً حتى يفارق المشركين إلى المسلمين\" 2/848 ولذا رواه في باب المرتد عن دينه. وأنظر النسائي: 5/83 باب من سأل بوجه الله ولا يُعطى.

[14] - إسناده صحيح. أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي عن قيس بن أبي حازم عن جرير، ورجاله ثقات، ولكن اختلف في وصله وإرساله، وقد رجح البخاري وأبو داود، والدارقطني وأبو حاتم وغيرهم إرساله إلى قيس بن أبي حازم، ورواه الترمذي مرسلاً - أيضاً، وقال: هذا أصح، ورواه الطبراني موصولاً، وله شواهد فهو بـها - إن شاء الله - صحيح.

[15] - النسائي: القسامة 8/36، وأبو داود، الجهاد، باب علام يقاتل المشركون 7/304، (عون المعبود)، والترمذي: السير، باب كراهة المقام بين أظهر المشركين: 7/104، وما بعدها (بشرح ابن العربي).

ولابن العربي رأي في القصة هو أن هؤلاء القوم الذين اعتصموا بالسجود لم يكونوا قد أسلموا من قبل وأقاموا مع المشركين، إنما كان اعتصامهم في الحال (7/104 العارضة) ثم علل سبب قتلهم إما لأن السجود لا يعصم وإنما تعصم الشهادة، أو لأن الذين قتلوهم لم يعلموا أن ذلك يعصهم. ثم قال: \"وإنما وداهم نصف العقل على معنى الصلح والمصلحة كما ودى أهل جذيمة بمثل ذلك على ما اقتضته حالة كل واحد في قوله\" (7/105).

 

ولنا على كلامه - رحمه الله - مأخذان:

الأول: دعواه أنـهم أسلموا في الحال ليس عليها دليل. بل قوله  \"أنا برئ.. الخ\" يدل على أنـهم كانوا مسلمين مقيمين بين أظهر المشركين مع قدرتـهم على الهجرة، ولو كان إسلامهم في الحال لكانوا معذورين في ترك الهجرة إذ ليس بين إسلامهم وبين الغارة عليهم متسع لها.

 

الثاني: قوله كما روى بني جذيمة - بفتح الجيم وكسر الذال المعجمتين - وقصة بني جذيمة كما في البخاري أن النبي  بعث إليهم خالداً فلم يحسنوا أن يقولوا: أسلمنا، فقالوا: صبأنا، صبأنا فجعل خالد يقتل منهم ويأسر، ثم أمر الصحابة بأن يقتل كل منهم أسيره، فقال ابن عمر رضي الله عنه: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، فلما قدموا على النبي  وذكروا ذلك له قال: \"اللهم إني أبرأ مما صنع خالد - مرتين\" (الفتح 13/181 - 182، و 8/56 - 58)، والنسائي بحاشية السندي، والسيوطي 7/237، وتجد في هذين المرجعين تفصيلات طريفة للقصة).

وورد في بعض الروايات أن الرسول  بعث علياً فوداهم حتى إنه ليدي ميلغة الكلب، ثم أعطاهم زيادة على سبيل الاحتياط، وإسنادها ضعيف (أنظر ابن إسحاق 4/72) ولم يذكر أحد نصف الدية.

[16] - عون المعبود: 7/304، و تـهذيب السنن 7/304 (في نسخة واحدة).

[17] - عن ابن الأثير في النهاية نقلاً عن: عون المعبود 7/304.

[18] - تـهذيب سنن أبي داود للإمام ابن القيم الجوزية: 7/304.

[19] - عون المعبود: 7/477. وقال: قال العلقمي في الكوكب المنير: إسناده حسن، ولكن الذي يظهر لي أن إسناد أبي داود ضعيف، ولكن رواه الحاكم بإسناد رجاله ثقات، وعده الألباني حسناً في: صحيح الجامع الصغير 5/278.

[20] - سبق تخريجه.

[21] - شرح السنة للبغوي: 1/27، ط: المكتب الإسلامي، و الفتاوى 18/28 - 282.

[22] - سبق تخريجه، ومثله حديث \"وقد انقطعت الهجرة\".

[23] - أنظر: شرح النووي على مسلم 13/8، وأنظر أيضاً: الفتاوى 18 والنسائي بشرح السيوطي والسندي 7/145 - 147، والفتح 6/190 وغيرها.

[24] - فتح الباري: 6/38 ط: السلفية.

[25] - فتح الباري: 8/26، ط: السلفية.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply