مسألة تكفير الناس


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

مسألة تكفير الناس:

وهذه من أهم المشكلات التي تنبثق عن الضغط النفسي لدى من لم يضبط نفسه بقواعد العلم وأحكام الكتاب والسنة.

 

فلنبدأ قبل كل شيء ببيان القاعدة التي التقى عليها سلف هذه الأمة وأئمة المسلمين جميعاً، ما عدا الخوارج الذين تم الإجماع على تلبسهم بالشذوذ والخروج على ما تقتضيه نصوص الكتاب والسنة، وهي القاعدة التي يمكن تصنيف الناس على أساسها بين الإسلام والكفر.

 

إن التصرفات المكفرة، على تنوعها وكثرتها، لا تخرج عن الأنواع الثلاثة التالية:

 

النوع الأول: الاعتقادات، وتتمثل في أن ينكر الإنسان شيئاً من أركان الإيمان أو الإسلام، أو يحلل حراماً أو يحرم حلالاً مما هو معروف من الدين بالبداهة والضرورة.

 

كالذي ينكر وحدانية الله، أو البعث والنشور، أو الجنة والنار، أو وجوب الصلاة مثلاً، أو الصيام أو الزكاة أو الحج.. أو ينكر حرمة الزنى أو الربا بصورة مطلقة عامة.. الخ.

 

النوع الثاني:الأفعال. وضابط الأفعال المكفرة أن تكون ذات دلالة على شيء يتناقض مع ركن ما من أركان الإيمان. كالسجود لصنم، وكوضع الصليب في العنق، أو تقبيله، وكالتزيي بالأزياء التي تخص رجال الأديان الأخرى، أي التي لها دلالة دينية..فإن هذه الأفعال لها دلالة واضحة، لا تقل عن دلالة النطق. ومدلولها في المثال الأول الاعتقاد بألوهية الصنم الذي سجد له، والاعتقاد بصلب سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام في المثال الثاني. وهكذا..

 

ثم إن هذه الأفعال مكلفة بمجرد فعل الإنسان لها بمحض إرادته واختياره، سواء أكانت مدلولاتها قائمة في ذهنه أم لا.

 

النوع الثالث:ما يدخل في نطاق السخرية أو التحقير. وضابط ذلك أن يسخر من تلك المبادئ أو الأحكام التي يكفر الإنسان بإنكارها. كأن يسخر من الصلاة أو الحج أو الجنة أو النار، أو كأن يسخر أو يزدري بالقرآن أو بأحد من الرسل أو الأنبياء، أو الفقه الإسلامي عموماً، أو يمتهن شيئاً من الشعائر البارزة للإسلام، كالأذان والمساجد، والأذكار..الخ (1).

 

فإذا لم يتلبس الإنسان بشيء من هذه الأنواع الثلاثة من التصرفات فهو مسلم لا يجوز تكفيره. وكذلك إذا كنا في شك من وقوعه في واحد من هذه الأشياء، فإن الأصل براءته منه، ولا يجوز الحكم بردته وخروجه عن الإسلام إلا استناداً إلى دليل يقيني في ذلك.

 

فلنأخذ هذه القاعدة ولنطبقها على المشكلة القائمة اليوم والتي يدور حولها حديث كثير من الناس الذين يهمهم أمر الدعوة الإسلامية، إلا وهي مشكلة من لم يحكم بما أنزل الله، هل يعد كافرا ًبموجب هذه القاعدة التي أوضحناها أم لا؟

 

ولكي تكون إجابتنا واضحة مفيدة، لا بد أن نتساءل عن معنى الحكم بغير ما أنزل الله، فما هو معناه؟

 

معناه: إبرام الأمر وتقريره على خلاف ما شرع الله - عز وجل-. سواء تم هذا الإبرام من الإنسان في حق نفسه أو في حق أهله وأولاده أو في حق أصدقائه وأصحابه، أو في حق أمته ومجتمعه.

 

فالذي يقضي بخروج زوجته أو ابنته البالغة سافرة غير محتشمة بستر الإسلام. يحكم بغير ما أنزل الله، والذي يقضي بإقامة منكر من المنكرات في داره يحكم بغير ما أنزل الله، وأعضاء الجمعية السكنية الذين يقررون التعامل بالربا لمشروعهم السكني يحكمون بغير ما أنزل الله، والقاضي الذي يقضي في مسألة بغير ما أمر الله به يحكم بغير ما أنزل الله. والحاكم الذي يصدق ما أبرمه هذا القاضي، يحكم بغير ما انزل الله.

 

كل هؤلاء الناس، وأمثالهم ممن لم نطل في ذكر أمثلتهم، يحكمون بغير ما أنزل الله، ولن تجد أي موجب للتفريق بين بعض وآخر.

 

فلنعد الآن إلى سؤالنا: هل يدخل هؤلاء الناس بموجب تصرفاتهم هذه في دائرة الردة والكفر، ويخرجون عن ربقة الإسلام؟

 

الجواب: أن هذه التصرفات بحد ذاتها ليست داخلة في النوع الأول من المكفرات وهو الاعتقادات. بل هو لا يعدو أن يكون أقوالاً وأفعالاً.

 

وهي لا تدخل أيضاً في النوع الثاني، ولا في النوع الثالث من المكفرات. كما هو واضح لدى المقارنة.

 

إذن، فإننا ننظر: فإن اقترن بحكم هؤلاء الناس بغير ما أنزل الله، برهان قطعي على الإنكار والجحود الاعتقادي، أو على السخرية والازدراء، وكان الحكم متعلقاً بشيء من أركان الإسلام الخمسة أو بما هو مجمع عليه ومعروف من الدين بالبداهة والضرورة فإن ذلك يكون مكفراً، ويكفر صاحب هذا الفعل أو التصرف، أياً كان.

 

أما إن لم تقترن بتصرفاتهم براهين قاطعة على شيء مما ذكرنا، فإن الأمر يحتمل عندئذ أن يكون مدفوعاً إليه بدافع التهاون، أو الانسياق وراء الأهواء والأماني النفسية، لا بدافع الجحود والإنكار. وإذا قام الاحتمال سقط الاستدلال، ولم يجز الحكم بالتكفير.

هذه خلاصة الجواب.

 

وعلى هذا، يتبين لنا أنه لا يجوز تكفير أحد من المسلمين الذي نراهم يبرمون أمورهم أو أمور الناس على غير ما تقضي به شريعة الله، لمجرد تلبسهم بذلك، سواء أكانوا يفعلون ذلك تحت قوس القضاء أو في بيوتهم وبين أهليهم، أو في أنظمتهم وأحوالهم الاجتماعية الضيقة.

 

ويتمسك أولئك الذين يستمرئون الحكم بتكفير الناس، بقوله - سبحانه وتعالى- في سورة المائدة: \"ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون، ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون\". الآيات(48 و 49 و 50)

 

فاعلم أن هذه الآيات الثلاث نزلت باتفاق المفسرين وأئمة الحديث في حق يهود تحاكموا إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في شأن إقامة حد الزنى على امرأة زنت، أو في حق يهود جلدوا.. حيث كان يجب الرجم، فاستحلف أحدهم أهذا هو حكم الله فيما تعلمون؟ فأقر بأن اليهود غيروا وبدلوا.. روى ذلك على النحو الثاني مسلم في صحيحه، وأحمد، وأبو داود، وابن جرير، كلهم عن البراء بن عازب. ورواه على النحو الأول مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما- وأبو داود عن زيد بن أسلم عن أبن عمر، والزهري مرسلاً،وغيرهم.

 

ثم إن العلماء اختلفوا في قوله – تعالى- في آخر الآيات الثلاث: ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون الظالمون.. الفاسقون.. هل المقصود به اليهود الذين أنزلت الآيات في حقهم، أم المقصود بها الناس جميعاً ممن يدخلون في عموم الوصف والمناط؟

 

ردد عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- الاحتمالين:

 

أن يكون المقصود به عموم الناس لا خصوص اليهود، وصرف عندئذ وصف الكفر إلى من لم يحكم بما أنزل الله جحوداً، ووصف الظلم والفسق إلى من أقر به ولكنه تركه تهاوناً أو لهوى في النفس.

 

وأن يكون المقصود به اليهود دون غيرهم، وعندئذ يكون كل من وصف الكفر والظلم والفسق خاصاً بمن نزلت الآية في حقهم ومتضمناً للقاسم المشترك الذي هو معنى الكفر. ثم اختار، بعد هذا الترديد أن المراد بهذه الأوصاف الثلاثة أهل الكتاب الذين نزلت الآيات في حقهم، أو من لم يحكم بما أنزل الله جحوداً به وإنكاراً له من سائر الكافرين.

 

روى ذلك ابن جرير وغيره عن علي بن طلحة عن ابن عباس.

 

وروى عن ابن عباس أيضاً، وجابر بن زيد وابن شبرمة والشعبي، أن الوصف بالكافرين في الآية الأولى ينصرف إلى المسلمين، والوصف بالظالمين في الثانية ينصرف إلى اليهود، والوصف بالفاسقين في الثالثة ينصرف إلى النصارى. قالوا ووصف المسلمين هنا بالكفر ليس بكفر ينقل عن الملة، ولكنه كفر دون كفر (2)، إلا أن يحكم بغير ما أنزل الله جحوداً به، فهو عندئذ الكفر الحقيقي الذي هو الردة.

 

فإذا تأملت فيما نقلناه، من أقوال الأئمة في المقصود بهذه الجمل الثلاث المتكررة،وهو خلاصة كل ما قد قاله العلماء في ذلك علمت أنهم جميعاً متفقون على أن المسلم لا يجوز أن يحكم بكفره بمجرد حكمه بغير ما أنزل الله. سواء ذهبنا إلى أن هذه الجمل الثلاث خاصة بمن نزلت الآيات في حقهم، أو عامة لسائر الناس. وإنما مناط الكفر هنا على كل حال الجحود والإنكار، كما قد رأيت.

 

لم يخالف في هذا القدر المتفق عليه إلا فئة واحدة، هي فئة الخوارج الذين انفردوا وشذوا عن الإجماع بتكفير المسلمين بارتكاب كبائر الذنوب.

 

وعلى هذا، فإن الإعراض عما أجمع عليه السلف من أئمة المسلمين بدءاً بعصر الصحابة، فمن دونهم، ثم من دونهم، في تفسير هذه الآيات الثلاث، واختلاق تفسير جديد لها، يقضي بأن كل من لم يحكم بما أنزل الله، فهو كافر مطلقاً ـ جنوح عن واجب الالتزام بالقواعد المعروفة والمتفق عليها في تفسير القرآن، ولن تجد له من مسوغ إلا تحكيم الأهواء في كتاب الله - عز وجل-.

 

إذا تبين هذا، فإننا ننظر في حال من قضى في أمر بغير شرع الله - جل جلاله-  فإن ظهرت لنا من قوله أو حاله دلائل قاطعة على جحوده بشرع الله - عز وجل- أو على احتقاره له، وكان الحكم متعلقاً بواحد من أركان الإسلام أو مما عرف من الدين بالضرورة. فإن ذلك يعد مكفراً، ويكفر المتلبس بذلك الفعل، سواء كان والداً في أهله، أو عضواً في جمعيته، أو عاصياً في حق نفسه، أو قاضياً في محكمته، أو حاكماً في دولته. دون أي تفريق.

 

أما إن لم تظهر لنا دلائل قاطعة على جحوده أو تحقيره، أو كان الأمر متعلقاً بحكم غير معروف من الدين بالضرورة، بأن كان قابلاً للاجتهاد أو خفياً لا يعلمه إلا أصحاب الدراية والاختصاص. فإن مجرد تصرفه هذا لا يخولنا أن نحكم بأكثر من عصيانه وفسقه.

 

فليتق الله أولئك الذي يجازفون في إقامتهم أنفسهم مقام الله - عز وجل- بتكفير كل من لم يحكم بما أنزل الله، دون رجوع إلى ضوابط ذلك من أدلة العلم وقواعده، وليتهموا أنفسهم بالانسياق وراء غيظ لا يحكمه منهج الإسلام وضوابطه، ولا يقصد به وجه الله وحده.

 

ومن أوضح أدلة هذا الاتهام، أنهم لا يتصورون للحكم بغير ما أنزل الله إلا مدلولاً واحداً، هو دون غيره محط تكفيرهم، ألا وهو أن يقضي الحاكم الأعلى في قومه أو شعبه، فيتنكب في حكمه عن شرع الله – عزوجل-.

 

أما ما ينجرف فيه عامة الناس في بيوتهم ومع أهليهم أو أصدقائهم أو في مجتمعاتهم، من المعصية ذاتها، إذ يبرمون أمورهم أو أمور من يهيمنون عليهم على خلاف شرع الله - عز وجل ـ فهؤلاء كلهم مبرؤون عن جريمة الكفر والارتداد ولا يدخلون تحت طائلة الحكم بغير ما أنزل الله!..

 

لماذا؟.. وكيف انبثق هذا الفرق؟.. لا ندري.

 

وإني لأذكر عهوداً مرت على هذه البلدة، تربع فيها على كرسي الحكم، ووزارة العدل، رجال لا نزال نشهد لهم بالدين والإسلام، ويشهد لهم قبلنا، هؤلاء المكفرون أنفسهم، وكانت أقضيتهم وأحكامهم هي هي، كالتي كانت من قبل، والتي استمرت فيما بعد، أحكاماً بغير ما أنزل الله، في أكثر المسائل والأمور، فهلاً حكموا بكفرهم وارتدادهم كحكمهم في حق الذين كانوا قبلهم أو الذين جاؤوا من بعدهم؟ وأي فرق من النقص هنا والفضل هناك، حتى يتهم بالكفر هذا دون ذاك؟

 

إن كان المحكم في الأمر هو شريعة الإسلام، وكان رسول الله – صلى الله عليه وسلم- هو الأسوة والقدوة لنا في الأمر، فإليك خلاصة هديه – صلى الله عليه وسلم- في هذه المسألة:

 

روى الشيخان عن عبادة بن الصامت أنه قال: دعانا النبي – صلى الله عليه وسلم- فبايعنا، فقال فيما أخذ علينا أن بايعنا على السمع والطاعة في منشطنا ومطرنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان.

 

وروى مسلم وأحمد وابن ماجه وأبو داود عن أسامة بن زيد، قال بعثنا رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في سرية، فصبحنا الرقات من جهينة، فأدركت رجلاً، فقال: لا إله إلا الله، فطعنته، فوقع في نفسي من ذلك.

 

فذكرته للنبي – صلى الله عليه وسلم- فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أقال لا إله إلا الله وقتلته؟ قال قلت يا رسول الله: إنما قالها خوفاً من السلاح، قال: أفلا شققت على قلبه حتى تعلم أقالها أم لا؟ فما زال يكررها، حتى تمنيت أني أسلمت يومئذ.

 

صح عنه – صلى الله عليه وسلم- أن الله كان قد أعلمه بنفاق المنافقين المتظاهرين بالإسلام بين أصحابه، ومع ذلك فقد كان يأبى إلا أن يعاملهم معاملة المسلمين، ويأخذهم بظاهر أحوالهم.

 

وقد طلب منه عمر بن الخطاب أن يأذن له بقتل عبد الله بن أبي بن سلول فلم يأذن له. وجاء عبد الله بن أبي بن سلول يستأذن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في قتل أبيه، لما بدر منه من مظاهر النفاق في غزوة المريسيع، فأبى – صلى الله عليه وسلم- وقال له: بل نترفق به ونحين صحبته، هذا كله في حق من أعلمه الله بطوياتهم ودخائل نفوسهم، فكيف بمن لا سبيل لنا إلى اختراق قلوبهم ومعرفة ما استكن فيها مما قد يخالف ظاهرهم؟.

 

وكان – صلى الله عليه وسلم- يلزم أصحابه إذا حكموا أن يحكموا بما ظهر لهم وأن يكلوا بواطن الأمور إلى الله - عز وجل-.

 

هذا كله إلى جانب ما رواه مسلم وغيره من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما- أنه – صلى الله عليه وسلم- قال: إذا كفّر الرجل أخاه، فقد باء بها أحدهما.

 

وقد أطال الإمام الشافعي - رحمه الله تعالى- في كتابه الأم، في بيان هذا الواجب الذي الزم الله به عباده أن يتعاملوا فيما بينهم على أساسه في الحياة الدنيا. وإليك خلاصة ما قاله في ذلك.

 

.. إن الله فرض على خلقه طاعة نبيه، ولم يجعل لهم بعد من الأمر شيئاً. وأولى أن لا يتعاطوا حكماً على غيب أحد، لا بدلالة ولا ظن، لتقصير علمهم عن علم أنبيائهم الذين فرض الله – تعالى- عليهم الوقف عما ورد عليهم، حتى يأتيهم أمره. فإنه - جل وعز- ظاهر عليهم الحجج فيما جعل إليهم من الحكم في الدنيا، بأن لا يحكموا إلا بما ظهر من المحكوم عليه، وأن لا يجاوزوا أحسن ظاهره، ففرض الله على نبيه أن يقاتل أهل الأوثان، حتى يسلموا، وأن يحقن دماءهم إذا أظهروا الإسلام، ثم بين الله ثم رسوله أنه لا يعلم سرائرهم في صدقهم بالإسلام إلا الله... أخبرنا مالك عن أبن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار، أن رجلاً سار النبي – صلى الله عليه وسلم- فلم ندر ما ساره حتى جهر رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فإذا هو يشاوره في قتل رجل من المنافقين. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم- أليس يشهد أن لا إله إلا الله؟ قال بلى، ولا شهادة له. فقال أليس يصلي؟ قال بلى ولا صلاة له. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم-: أولئك الذين نهاني الله تعالى عنهم..) ثم قال:(وبذلك مضت أحكام رسول الله – صلى الله عليه وسلم- فيما بين العباد من الحدود وجميع الحقوق، وأعلمهم أن جميع أحكامه على ما يظهرون، وأن الله يدين بالسرائر.. فمن حكم على الناس بخلاف ما ظهر عليهم، استدلالاً على أن ما أظهروا، يحتمل غير ما أظهروا، بدلالة منهم أو غير دلالة، لم يسلم عندي من مخالفة التنزيل والسنة) (3)

 

وهذا الذي أطال الشافعي - رضي الله عنه- بيانه، هو الذي تلاقى عليه إجماع جميع الأئمة وأهل الملة فيما نعلم، لم يشذ عنهم إلا الخوارج.

 

فليتق الله من يخالف اليوم بيان الله وسنة رسوله وإجماع أئمة المسلمين، لينساق وراء هواه في تكفير من يحلو له تكفيره ممن ظاهرهم الإسلام والانقياد لدين الله - عز وجل-.

 

________________________________

هوامش:

1- هذه القاعدة الكلية تغنيك عن تتبع الجزئيات. ولكن إذا أردت الوقوف على الجزئيات والتفاصيل الكثيرة فارجع إلى كتاب الإعلام بقواطع الإسلام لابن حجر الهيتمي - رحمه الله-.

2- أي هو الكفر بمعنى جحود النعمة.

3- الأم:7\\168 و169.

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply