قال لي: سر، وراح يعـدو أمـامي*** فـي دروبٍ, مـن السّـَنا و الظَّلامِ
يقـطع البيـدَ والنٌّـجـود سعـيداً *** بـخـطـىً كالأصيل، حُمـرٍ, دوامِ
وإذا اليأس والفضول والحُبٌّ ينشَطن*** بـقـلـبي، ويستـثرن اهتمـامي
فتملمـلتُ، ثـم قمـتُ، وألقيـتُ *** إلـيـه، طـوعاً وكرهاً، زمامـي
قال: فارجع إن شئتَ، إن طريقـي *** شـائـكٌ، أو فـاصبر على أحكامي
قـلت: ذكَّرتني بصاحـب موسـى *** يـا صـديـقي، فزدتَ فيك هُيامي
فامضِ أنَّـى تشـاءُ، إنّـي لماضٍ, *** فـرمـانـي بـنـظـرة، وابتسام
ومضينا عـبـر الوجـود، كأنّـا *** فـي سـبـاق عـاتٍ, مـع الأيـام
نقطف الزَّهر من حِسان الرٌّبا غضاً *** ونـلـقـيـه فـي دروب الأنـام
و نعيد السَّنى من الأنجـمُ الزَّهـر *** ولـو لـمـلمـَتـهُ من ألـف عام
ونعيش الحياة أغـلى مـن الكـون *** وأحـلـى مـن شـائـق الأحـلام
إيه يا صاحبي، لقـد طـار جـدّي *** أيّ نُـعـمى هذي!؟ وأيّ مـقام!؟
قال: مهـلاً، وانظر هناك، فأبصرتُ *** بـعيـداً حـقـلاً مـن الألـغـام
فتشاءمـتُ بعـد فـألٍ,، وشـبـَّت *** رَغَـبـات مكـبوتة في عظـامي
قال: إن شئتَ أن تـعود، وإن شئت *** غـزوتَ الـصِّـعـاب بـالأقـدام
قـلت: ماذا من بعد خَـوض الرَّزايا *** قـالـ: مـا تـشـتهي من الإكرام
وتقدَّمـت خلـفه، وهـو يمـضي *** وجـنـانُ الـخـلود أمست مرام
فسـرينا من حيثُ لم تسـرِ ريـحٌ *** فَـرَقـاً مـن حـبـائل الأصـنام
فـإذا نحن و الرَّدى في الغيـابـات *** فـأدنـى إلـيَّ كــأس حِـمـام
قـلـت: ويـلاه، إنّ كـأسـك سُمُّ *** وحـرامٌ عـلـيَّ رشـفُ الـمُـدامِ
قال: فاجرع، فقلتُ: سمعاً، وأزمعتُ *** وأومـأت لـلـدٌّنـا بـالـسّــَلام
فـإذا الـكـأس في يـديَّ حُـطامٌ *** وهـو يـرنـو إلى بقايـا الحُـطام
ثـم ولَّـى عن ناظـريَّ ضحوكـاً *** راضـيَ الـقـلـب، ساحر الأنغام
وتـلاشـى، كـأنما كـان حُلُمـاً *** قـصَّ لي قصـتي مـع الإسـلام