من المحراب قد صعد الخطيب * * * وئيد الخطو مظهره مهيب
وفوق المنبر العالي تجلى * * * لأنظار الحضور فما يغيب
تقدم ثم سلم في وقـــار * * * وران الصمت وانقطع الوجيب
وكبر داعيا للحق صوت * * * يؤذن أن هلموا واستجيبوا
وقام الشيخ واستولى هدوء * * * على الأسماع وابتدأ الخطيب
فأثنى بعد حمد ثم صلى * * * وسلم والكلام لـه يطيب
مقدمة تعودهـا فهانــت * * * عليه فلا يشـذ ولا يخيب
تردد بعدها في القول حتى * * * تحيـر من تردده اللبيـب
تنحنح والصحيفة في يديه * * * لها من فرط شدهما نحيب
ويطلق نحوها بصرا حديدا * * * كثيرا ما يخيب وقد يصيب
تصدى للخطابة وهو منها * * * عديم الحظ ليس له نصيب
فلا لغة هناك ولا لسـان * * * فصيح للخواطر يستجيب
ولا لفظ ولا نطق سليــم * * * ولا صرف ولا نحو مصيب
ولا قول سديد مستقيــم * * * ولا فكر وموضوع قريب
تكسرت القواعد والقوافي * * * وهشمت البلاغة والنسيب
ودمرت المباني والمعاني * * * فطرف العقل فيها مستريب
على أطلالها وقفت لتبكي * * * نفوس راعها الجو الكئيب
جموع السامعين غدوا نياما * * * وما من منصت إلا الغريـب
فلا تعجب إذا فروا جميعا * * * فإن حضورهم لهــــو العجيب
خطابة هذه الأيام خبــط * * * وحقـــــل بلقـع قفـر جديب
سوى من جد في لغة وعلم * * * وزان لسانـــــه أدب خصيـب
وقام بأمرها فعنت لديــه * * * أعنـتــها فذاك هـــــو الخطيب