في ليلة من ليالي الشتاء

5.8k
2 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الهمّ يغتـمّ في صـدري يؤرّقنـي *** يمازج الدمع في روحي وينبذنـي

لعلّنـي موحـشٌ همّـي بوحشتـه *** وعلّني ارتجي همّـي فيتركنـي

أنا الغريب عن الدنيـا ووحشتهـا *** فمـا لِغربـة أشواقـي تداعبنـي

تخاطب النفس كي تشدو لها نغمـاً *** من الفراغ، تضيق النفس في بدني

أنام في الضيق، أحيا بين أذرعـه *** وأملأ الكأس ضيقاً حيث يسكرني

فتسكـرُ الـروح ثمّ الغمّ يحملهـا *** إلـى غريب ديارٍ, كي تفارقنـي

وتلكمُ الأرض أمي لسـت منتميـاً *** لجوفها وترابٍ, سوف يطمرنـي

سأمتطي العمر حتى يلتوي قـدَري *** وأرتمي مُنهكاً أُرمى إلى العفـنِ

فما السنون سوى بعضٍ, من السحبِ *** هطولها عاجلٌ أو آجـل الزمـنِ

وما الحياةُ سوى بحرٍ, يمـوج بنـا *** إلى الممـات بلا ريحٍ, ولا سفـنِ

فيا قريبة قلبـي إن أكـن شبحـاً *** بغربتـي، ضائع الأقدار والفِتَـن

فما سواكِ سوى مثلي وإن نـذرت *** به الحياة إلى الأشواق والمحـنِ

كمحنة الموت، يومٌ سوف يُعجلنـي *** ولا مناصَ فقبري بـات يرمقنـي

كـأنّ شاهد قبـري بات مطلعـهُ *** هنا ضريـح شقيٍ, ضائع الوطـنِ

وما يخـطّ يراعي، لسـت أكتبـه *** بأنملٍ, يئسـت، فالقلـب يلهمنـي

تفيـض منه بقايا بـات يحملهـا *** من (الشآم) بها شيءٌ من الشجـنِ

فما استطاعت نساء الغرب أجمعها *** فهمَ المعاني وغاب القلب في الجنَنِ

عديمـة الرٌّشد روحي في جوانحها *** جـرحٌ اليمٌ يعيق الطير في بدنـي

فكيف أمضي إليكم، نورسٌ كسروا *** منه الجناح، ومن بالله، يسعفنـي؟

غير الإلـه، إلـه الحـقِّ علّمنـي *** فهم القناعـة، مازالت تصاحبنـي

وإن أشـدّ بوجـدي إن بـدا أملي *** إلـى حضيض معاييـرٍ, تُلائمنـي

كذلك الضعف في الإنسان تشغلـه *** بعض المآثر والأخلاق في المحـنِ

فهـذه وصلةٌ من غربتـي فَجِـدي *** ليَ السـبيل إلى الترحال يأخذنـي

إلـى سمـاءٍ,، إلى أرضٍ,، إلى نُجمٍ, *** إلى الشـموس، إلى قبرٍ, مع الكفنِ

سـألتِ بضع يراعي بعض أغنيـةٍ, *** رسمتهـا برمـوزٍ, لحنهـا شجَني

فـلا تُغالـي إذا فُكّـت طلاسمهـا *** حياتنـا طلسم الأريـاف والمـدنِ

وكـلّ ما حولنـا أمرٌ يسـير بنـا *** إلى ضيـاعٍ, بدُنيـا أرهقت بدنـي

لعلّ فـي القلب بعضاً من صبابتنـا *** تهيم في الأرض تبغي النور تعتقني

من التـراب ومن كونٍ, عرفـت به *** فجر الإرادة، أودى بي إلى الزمـنِ

فلو بقينتـا كحـلمٍ, مـا رأى أبـداً *** وجـه الزمان، لهان الأمر عن بدني

فمـا ابـن آدم إلاّ نِطفـةً خُلِقَـت *** لتنتهي جيفـةً في التـرب للعفـنِ


أضف تعليق