الهمّ يغتـمّ في صـدري يؤرّقنـي *** يمازج الدمع في روحي وينبذنـي
لعلّنـي موحـشٌ همّـي بوحشتـه *** وعلّني ارتجي همّـي فيتركنـي
أنا الغريب عن الدنيـا ووحشتهـا *** فمـا لِغربـة أشواقـي تداعبنـي
تخاطب النفس كي تشدو لها نغمـاً *** من الفراغ، تضيق النفس في بدني
أنام في الضيق، أحيا بين أذرعـه *** وأملأ الكأس ضيقاً حيث يسكرني
فتسكـرُ الـروح ثمّ الغمّ يحملهـا *** إلـى غريب ديارٍ, كي تفارقنـي
وتلكمُ الأرض أمي لسـت منتميـاً *** لجوفها وترابٍ, سوف يطمرنـي
سأمتطي العمر حتى يلتوي قـدَري *** وأرتمي مُنهكاً أُرمى إلى العفـنِ
فما السنون سوى بعضٍ, من السحبِ *** هطولها عاجلٌ أو آجـل الزمـنِ
وما الحياةُ سوى بحرٍ, يمـوج بنـا *** إلى الممـات بلا ريحٍ, ولا سفـنِ
فيا قريبة قلبـي إن أكـن شبحـاً *** بغربتـي، ضائع الأقدار والفِتَـن
فما سواكِ سوى مثلي وإن نـذرت *** به الحياة إلى الأشواق والمحـنِ
كمحنة الموت، يومٌ سوف يُعجلنـي *** ولا مناصَ فقبري بـات يرمقنـي
كـأنّ شاهد قبـري بات مطلعـهُ *** هنا ضريـح شقيٍ, ضائع الوطـنِ
وما يخـطّ يراعي، لسـت أكتبـه *** بأنملٍ, يئسـت، فالقلـب يلهمنـي
تفيـض منه بقايا بـات يحملهـا *** من (الشآم) بها شيءٌ من الشجـنِ
فما استطاعت نساء الغرب أجمعها *** فهمَ المعاني وغاب القلب في الجنَنِ
عديمـة الرٌّشد روحي في جوانحها *** جـرحٌ اليمٌ يعيق الطير في بدنـي
فكيف أمضي إليكم، نورسٌ كسروا *** منه الجناح، ومن بالله، يسعفنـي؟
غير الإلـه، إلـه الحـقِّ علّمنـي *** فهم القناعـة، مازالت تصاحبنـي
وإن أشـدّ بوجـدي إن بـدا أملي *** إلـى حضيض معاييـرٍ, تُلائمنـي
كذلك الضعف في الإنسان تشغلـه *** بعض المآثر والأخلاق في المحـنِ
فهـذه وصلةٌ من غربتـي فَجِـدي *** ليَ السـبيل إلى الترحال يأخذنـي
إلـى سمـاءٍ,، إلى أرضٍ,، إلى نُجمٍ, *** إلى الشـموس، إلى قبرٍ, مع الكفنِ
سـألتِ بضع يراعي بعض أغنيـةٍ, *** رسمتهـا برمـوزٍ, لحنهـا شجَني
فـلا تُغالـي إذا فُكّـت طلاسمهـا *** حياتنـا طلسم الأريـاف والمـدنِ
وكـلّ ما حولنـا أمرٌ يسـير بنـا *** إلى ضيـاعٍ, بدُنيـا أرهقت بدنـي
لعلّ فـي القلب بعضاً من صبابتنـا *** تهيم في الأرض تبغي النور تعتقني
من التـراب ومن كونٍ, عرفـت به *** فجر الإرادة، أودى بي إلى الزمـنِ
فلو بقينتـا كحـلمٍ, مـا رأى أبـداً *** وجـه الزمان، لهان الأمر عن بدني
فمـا ابـن آدم إلاّ نِطفـةً خُلِقَـت *** لتنتهي جيفـةً في التـرب للعفـنِ