زيارات مصورة

1.4k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

ولـدي يـزورُ حـديقةَ الحيوانِ *** ويـعودُ يحكي لي كوصفِ عِيانِ

ويـقـولُ يا أبتي رأيتُ مشاهداً *** تـدعُ الـحـليم هناك كالحيرانِ

إنـي رأيـت الذئبَ يُظهر بأسهُ *** فـي نـعـجـة مـنهدةِ الأركانِ

ورأيـتُ ديـكاً مُتخماً شبعاً..ولم *** يـرمِ الـفُـتاتَ لِجارهِ الجوعانِ

وَرَأيـتُ لـيـثـاً خائراً متخاذلاً *** وعـريـنُـه بـقـيادةِ الجُرذانِ

وَرَأيـتُ صـقـراً غـافـلاً.. *** وإنـاثـهُ مفتونة بالبومِ والغربان

وَرَأيـتُ عجلاً.. كم يظنُ خواره *** شـدواً كـشـدوِ بـلابلِ البستانِ

وَرَأيـتُ دبـاً كـالكثيب ضخامة *** ويـظـنُ قـامـته كغصنِ البانِ

وَرَأيـتُ ثـيـراناً تشتتَ شملُهم *** فـمـحا الهزبرُ عصابةَ الثيرانِ

وَرَأيـتُ لـلـحِرباءِ ألفَ عباءةٍ, *** لـتـبـدلِ الأحـوالِ والأزمانِ

والـثـعلبُ المكارُ يمشي خاشعاً *** مـتـظـاهـراً بالزهدِ والإيمانِ

فصرَختُ: فارحل يا بنيَّ ولاتزر *** فـي العمرِ غيرَ مجالسِ الإنسانِ

*** *** ***

ولـدي يـزورُ مـجالسَ الإنسانِ *** ويـعودُ يحكي لي كوصف عِيانِ

ويـقـول: يا أبتي رأيتُ مشاهداً *** تـدعُ الـحـليم هُناك كالحيران!

إنـي رأيـتُ الجارَ يسرقُ جارَهُ *** فـي غـفـلةٍ, من أعينِ الجيرانِ

وَرَأيـتُ خِـلاً لا يـكفُ لسانهُ *** عـن غـيـبةِ الأحبابِ والخلانِ

وَرَأيـتُ أسـتـاذاً يـبثَّ جهالة *** بِـمـسـامـعِ الطلابِ والوِلدانِ

ورأيـت أُمّـاً أهـمـلت أبناءَها *** وتَـشـاغـلت بمجالس النِسوانِ

وكـذا وَرَأيـتُ أبـاً رمى أبناءهُ *** بـمـجـاهل التقصيرِ والنسيان

وَرَأيـتُ جـنـداً غافلين بِلهوهِم *** وعـدوٌّهـم فـي هِـمـةٍ, وتَفانِ

وَرَأيـتُ ذا مـال يَـضِنَّ بمالهِ *** عـن حـاجةِ المسكين والجوعانِ

وَرَأيـتُ (بـيـاعاً) يغشُ زبُونهُ *** دومـاً ويـسـتـر ذاكَ بالأيمانِ

وَرَأيـتُ شـعروراً يروجُ شعرهُ *** فـي مـدحِ أهل الظلمِ والطغيانِ

وَرَأيـتُ بـين الناسِ كيداً فاشياً *** وتـحـاسـداً وتـنابذَ الأضغانِ

فصرختُ: فارحل يا بنيَّ ولا تزُر *** فـي الـعمرِ غيرَ مكاتب الأعيانِ

*** *** ***

ولـدي يـزور مـكاتبَ الأعيانِ *** ويـعودُ يحكي لي كوصفِ عيانِ

ويـقـولُ: يا أبتي رَأيتُ مشاهداً *** تـدعُ الـحـليمَ هُناك كالحيرانِ

إنـي رأيـتُ الـوغدَ ينشرُ بغيُهُ *** ويـقولُ: هذا البغيُ من إحساني

وَرَأيـتُ أفـاكـاً يـروجُ إفـكهُ *** ويـقـولُ: هذا الإفكُ في القرآنِ

وَرَأيـتُ سـلـطاناً بَنى سُلطانَهُ *** بـجـماجمِ الأحرارِ في الأوطانِ

وَرَأيـت مـحكمةً جرت أحكامُها *** بـالـجَـورِ والـتزوير والبهتان

وَرَأيـتُ من زعمَ الهداية مغرماً *** بـعـبـادة الإصـنـامِ والأوثانِ

وَرَأيـتُ (مسؤولاً) شرى أوطانهُ *** ورجـالَـهُ بـالأصـفـر الرنانِ

وَرَأيـت عـنـترةً يفرُ ويختفي *** خـوفـاً مـن الفِئران والجُرذانُِ

وَرَأيـتُ (فـرعونَ) استبدَّ برأيهِ *** ورمـى بـآراء النَّصوح الحاني

وَرَأيـتُ قـائد جيشهم في خلوةٍ, *** ويـقـابـلُ الأعـداء بالأحضانِ

وَرَأيـتُ مُـؤتمَناً يعبٌّ (خزينة) *** كـالحوت.. ! ثم يقولُ: ما أتقاني!

فصَرختُ: فارحل يا بنيَّ ولا تزر *** فـي الـعمرِ غير مساجدَ الإيمانِ

*** *** ***

ولـدي يَـزورُ مـساجدَ الإيمانِ *** ويـعودُ يحكي لي كوصف عيانِ

ويـقـولُ يا أبتي رأيتُ مشاهداً *** تـدعُ الـحـليمَ هُناكَ كالحيرانِ

إنـي رأيـتُ الطفلَ ينسى لهوهُ *** مـتـرنـمـاً بـتـلاوة القرآنِ

وكـذا رأيتُ الشيخَ ينسى عجزَهُ *** ويـهـبُ لـلـطاعاتِ كالفتيانِ

وَرَأيـتُ داعـيـةً سرت أفكارُه *** فـي الناس كالتِرياق في الأبدانِ

وَرَأيـتُ فـتياناً تُضيء وجوهُهم *** يـتـمـسـكونَ بِطاعةِ الرحمنِ

مـن دونـهـا الإنسانُ كالحيوان *** وإذا ارتـقـى فيصيرُ كالشيطانِ

هـذي قـلاعٌ لـلهدى مذ شيدت *** ركـعَ الـضـلالُ لها بكلِّ هَوانِ

مـن هـا هُنا شق الهدى أكمامهُ *** لِـتـعـمَّ رَحـمتُهُ بني الإنسانِ

مـن ها هُنا انطلقت بكل عَزيمة *** رايـاتُ فـتـح طـاهرٍ, رباني

مـن ها هُنا (سعدٌ) مَشى متحدياً *** كـسرى.. ! وأطفأ جذوةَ النيرانِ

من ها هُنا قد سارَ (خالدُ) صادماً *** بـالـحق كِبرَ القيصرِ الروماني

مـن هـا هُـنـا تبدو لنا آمالُنا *** غـراءَ نـاطـقـة بـكل لسانِ

بَل ها هُنا نُصِبت موازين التقى *** فـتـحـطـمت أُحبولةُ الشيطانِ

فـيـهـا رجالٌ لا يبالون الوغى *** إن جـاء صـهيوني وأمريكاني

سـلهم.. وسل (جينينَ) كم جنوا؟ *** وسل (فلوجَة) الأبطال والفرسانِ

دَع عـنكَ كلَّ الناسِ في أهوائهم *** والـزم رياضَ الخيرِ والإحسانِ

هـي أولٌ في كلِّ حال في المدى *** دوماً.. وكل الأرضِ صنف ثان!

فـيـهـا العلاجُ لجاهلِ أو جانٍ, *** وهـدايـة الـدهـماء والأعيانِ

فالذئبُ أرقى من بني الإنسانِ إن *** عـاشـوا بـغير المنهجِ الرباني


أضف تعليق