لَـسـتُ شَكّاءً مِن بَراحِ عَنائي *** يَـحبِسُ الدّمعَ في الجُفونِ إِبائي
أَو تَـباريحِ الشّوقِ بَينَ ضُلوعي *** تـوقِـدُ الفَجرَ مِن لَهيبِ مَسائي
أَو مِـنَ التّرحالِ الطّويلِ شَريداً *** عَـبـرَ أَعوامِ غُربَتي الحَمراءِ
غَـيـرَ أَنّـي لِـلذِّكرَياتِ أَسيرٌ *** وَالأمـانـي تُطيلُ حَبلَ رَجائي
هَـل يَـراني في نَبعِهِ بَرَدى أَم *** يَـنـقَضي العُمرُ قَبلَ رَشفَةِ ماءِ
ذَكَّـرتـني \" نُهى\" وَلَستُ بِناسٍ, *** بِـحَـنـيني لِلأَهلِ في الفَيحاءِ
لأَريـجٍ, عَـبـرَ الحَدائِقِ يَسري *** وَبَـسـاتـيـنِ الـغوطَةِ الغَنّاءِ
لاحـمِـرارٍ, عَـلى شِفاهِ وُرودٍ, *** كَـاحـمِـرارٍ, في وَجنَةٍ, حَسناءِ
لِـلهَوى في الفُلّ استَفاقَ يُواسي *** دَمـعَ حُـلـمٍ, فـي مُقلَةٍ, حَوراءِ
لِـعُـيـونِ الرّيحانِ تَرقُبُ نَحلاً *** قَـبَّـلَ الـيـاسَمينَ دونَ حَياءِ
لِـحُـداءِ الأطـيارِ فَوقَ خَميلٍ, *** وَحَـفـيـفِ الأَوراقِ وَالأَصداءِ
لِـشَـذىً مِـن بَـنَفسَجٍ, يَتَهادى *** نَـسـمَـةً تُشفي مُزمِنَ الأَدواءِ
لِـنَـدى الأُقـحُوانِ كَلّ صَباحٍ, *** يَمسَحُ الخَوفَ عَن عُيونِ الظّباءِ
يا \" نُهى\" عُذراً عَن جَوابِ سُؤالٍ, *** وَدَّعَـتـني الأَزهارُ بَعدَ التّنائي
خّـلَـفَـتني في كِبرِيائي عَزيزاً *** رَغمَ أَشواكي في لَظى الصّحراءِ
لَـم يَـزَل لـلشآمِ يَهفو فُؤادي *** لَـم أَزَل أَرجو في الشَّآمِ شِفائي
كَيفَ أَختارُ في اغتِرابي زُهوراً *** غَـيـرَ ما يُسقى مِن مِياهِ الإباءِ
هاتِ لي زَهرَةً مِنَ الشَّامِ تَرضى *** بِـحَـيـاتي في عِزّتي الشّمّاءِ