زهرة الإباء


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 
دعت الشاعرة \"نهى\" في منتدى \"واحة الفكر والأدب\" الحواري الشبكي، أن يختار مَن يشارك فيه زهرة من الزهور فيسقيَها ببعض أبيات الشعر..فكانت لي المشاركة التالية معتذرا، فقد حملني السؤال إلى ذكريات عزيزة في غوطة الشام، الأرض التي شهدت أولى خطوات الطفل الناشئ وخواطر الفتى المشرّد عن الأرض المغتصبة، وقد كانت الشام..كلّ الشام، على الدّوام موطنه، أو كانت عنده -وما تزال- جزءا من موطنه الكبير.

 

لَـسـتُ شَكّاءً مِن بَراحِ عَنائي *** يَـحبِسُ الدّمعَ في الجُفونِ إِبائي

 

أَو تَـباريحِ الشّوقِ بَينَ ضُلوعي *** تـوقِـدُ الفَجرَ مِن لَهيبِ مَسائي

 

أَو مِـنَ التّرحالِ الطّويلِ شَريداً *** عَـبـرَ أَعوامِ غُربَتي الحَمراءِ

 

غَـيـرَ أَنّـي لِـلذِّكرَياتِ أَسيرٌ *** وَالأمـانـي تُطيلُ حَبلَ رَجائي

 

هَـل يَـراني في نَبعِهِ بَرَدى أَم *** يَـنـقَضي العُمرُ قَبلَ رَشفَةِ ماءِ

 

ذَكَّـرتـني \" نُهى\" وَلَستُ بِناسٍ, *** بِـحَـنـيني لِلأَهلِ في الفَيحاءِ

 

لأَريـجٍ, عَـبـرَ الحَدائِقِ يَسري *** وَبَـسـاتـيـنِ الـغوطَةِ الغَنّاءِ

 

لاحـمِـرارٍ, عَـلى شِفاهِ وُرودٍ, *** كَـاحـمِـرارٍ, في وَجنَةٍ, حَسناءِ

 

لِـلهَوى في الفُلّ استَفاقَ يُواسي *** دَمـعَ حُـلـمٍ, فـي مُقلَةٍ, حَوراءِ

 

لِـعُـيـونِ الرّيحانِ تَرقُبُ نَحلاً *** قَـبَّـلَ الـيـاسَمينَ دونَ حَياءِ

 

لِـحُـداءِ الأطـيارِ فَوقَ خَميلٍ, *** وَحَـفـيـفِ الأَوراقِ وَالأَصداءِ

 

لِـشَـذىً مِـن بَـنَفسَجٍ, يَتَهادى *** نَـسـمَـةً تُشفي مُزمِنَ الأَدواءِ

 

لِـنَـدى الأُقـحُوانِ كَلّ صَباحٍ, *** يَمسَحُ الخَوفَ عَن عُيونِ الظّباءِ

 

يا \" نُهى\" عُذراً عَن جَوابِ سُؤالٍ, *** وَدَّعَـتـني الأَزهارُ بَعدَ التّنائي

 

خّـلَـفَـتني في كِبرِيائي عَزيزاً *** رَغمَ أَشواكي في لَظى الصّحراءِ

 

لَـم يَـزَل لـلشآمِ يَهفو فُؤادي *** لَـم أَزَل أَرجو في الشَّآمِ شِفائي

 

كَيفَ أَختارُ في اغتِرابي زُهوراً *** غَـيـرَ ما يُسقى مِن مِياهِ الإباءِ

 

هاتِ لي زَهرَةً مِنَ الشَّامِ تَرضى *** بِـحَـيـاتي في عِزّتي الشّمّاءِ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply