مكة المكرمة

4.4k
4 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%
بسم الله الرحمن الرحيم

عـلاكِ يا مكة الإسلام في الأُممِ * * * أغـنـاه وحيُ السّما بالنورِ من قِدمِ

وطـال مـجـدُكِ فـيَّاضًا بلا كدرٍ,* * * بـواسـعِ الجودِ في الدنيا وبالقيمِ

رحـيقُ مُزنِ المُنى من فيكِ أعذبُه* * * يُـشفَى به الدَّنفُ العاني من الوصمِ

ولـلـمـثاني وقد جاشت مشارعُها* * * لـم يُزرَ سلسلُها من شدَّةِ الغتمِ ((1

فـأنتِ قطبُ الرَّحى في كلِّ مفخرةٍ,* * * إذ أنـتِ في حُللٍ, أو أنت في شيمِ

وقـد حـبـاك إلـهُ الكونِ من كرمٍ,* * * فـيـه الـمـآثـرُ لم تقتر ولم تجمِ

مـطـافُ بـهجتِكِ: التوحيدُ زينتُه* * * بـه الـنجاةُ مع البشرى لمعتصمِ

سلمتِ يومَ اعتدى من قبل أبرهةٌ* * * ورُدَّ، والـفـيـلُ لا يلوي على قدمِ

أخزاه ربٌّ الورى، والجيش أهلكه* * * رمـيُ الأبابيلِ في الوادي من الحِممِ

يحميك ربٌّكِ طول الدهرِ من محن* * * ومـن غـزاةٍ,، وعـينُ اللهِ لم تنمِ

وفـتـحُ ربِّـك مـا تـرجوه أُمتُنا* * * إذا الـشـدائـدُ أعـيـتها بمصدمِ

نـأتـي إلـيـك وقُبحُ الذَّنبِ أثقلنا* * * لـكـن نـؤوبُ بـلا ذنبٍ, ولا تهمِ

مـشـاعـرُ الحجِّ بالأنوارِ تغمرُنا* * * وبـالـسرورِ جرى من نائلِ الكرمِ

يسمو الإخاءُ بها في حُسنِِ صورتِه * * * مـودَّةً خـلـصـت للهِ لم تثمِ (2)

والـناسُ قد راضهم دينٌ و وحَّدهم * * * عـلـى الـهـدايةِ والإيثارِ والشَّممِ

فـفـيـك بيتٌ سمت بالطٌّهرِ رفعتُه * * * مـبـاركُ الـنـفحاتِ اعتدَّ بالعِظَمِ

بـيـتُ النَّدى والهدى والتَّوبِ بوَّأه * * * ربٌّ الـبـريَّـةِ فـيها خيرَ مغتَنَمِ

فـلا مُـكـاء ولا في البيتِ تصدية * * * ولـيـس مـن نُصُبٍ, فيه ولا صنمِ

دانـت لـه أُمَّـةُ الإسـلامِ قاطبةً * * * مـن الأعـاربِ والإفـرنجِ والعجمِ

وكـلٌّ مَـن أَمَّـهُ بـالصدقِ أكرمه * * * بـالـبـرِّ خـالقُه من فضلِه العممِ

ومَـن تـوجَّـه لـلـرحمنِ أكسبَه * * * صـدقُ الـتَّـوجُهِ نورًا غيرَ منكتمِ

وعـاشَ في فيءِ خيرٍ, آمنا وهدى * * * لـلـه لا لـلـهوى المنسوجِ بالغُمُمِ

ومَـن أتـى لـخـداعٍ, باءَ مندحرًا * * * بـالـخزيِ يرسُفُ فيه سيئ الرَّسمِ

مـكـانـةُ البيتِ أسمى عند بارئنا * * * مـن كـلِّ مـحـدثةٍ, جاءت بغيِّهِمِ

ألـيـسـتِ الـقـبلةُ الغرَّاءُ كعبتَنا * * * ولـلطوافِ بها معنى لذي الحِكمِ؟!

والـحـجٌّ والـعمرةُ امتازا لأهلهما * * * بـوافـرِ العفوِ يشفي القلبَ من سقمِ

والـنـفـسُ طهَّرها غفرانُ خالقِها * * * مـن زلَّـةٍ, عظمت أو سوءِ ملتطمِ

يـعـودُ مَن حجَّ مغفورَ الذٌّنوبِ له * * * فـي الـحشرِ منزلةٌ أبهى من الأُطُمِ

مـسـتـبـشرا بنعيمٍ, ليسَ يُفزعُه * * * يـومٌ تـشـيبُ به الولدانُ من دُهُمِ

فـقـد قـلى المللَ النكراءَ في زمنٍ, * * * تـوشَّـحـت فيه ذاتُ الظٌّلمِ بالظٌّلَمِ

* * ** * ** * *

يـا مـكَّة الأمنِ والإيمانِ ما برحت * * * قـلـوبُـنـا تفتدي دينَ الهدى بدمِ

لـسـنا المجازيعَ إن حلَّت بنا محنٌ * * * ولـن نـهـونَ لـشَّرٍ, غيرِ منحسمِ

جـئـنـا نـحـجٌّ وفي أحنائنا ألأمٌ * * * مـن الـسـنين التي أنَّت من الألمِ

نـرومُـه فـرجًـا من عندِ بارئِنا * * * إذ شـابَ مـفرقُنا من وطأةِ الغسمِ

والـلـيـل طـال على آفاقِ أُمتِنا * * * وطالَ عبءُ السٌّرى في غيهبِ السَّأمِ

يـا مـكـةُ: الأملُ الممراحُ ناغمنا * * * والـروحُ تهزجُ رغمَ الضِّيقِ بالهممِ

مـازال فـي البيِّناتِ النٌّورُ يمنحُنا * * * أحـلـى الـيقينِ بما للدينِ من ذِممِ

نـطـوفُ بالبيتِ أو نسعى وأدمعُنا * * * فـي غيرِ هذا الحمى لم تجرِ أو تهمِ

وهـاهـنـا العبراتُ اليومَ نسكبُها * * * حـبًّـا وخوفًا وشوقًأ غيرَ منصرمِ

وفـي سـنى عرفاتِ الخيرِ هيدبُه * * * روَّى جـوانـحَـنـا من وابلٍ, هممِ

عـسـى الـرحيمُ الذي ناجته أفئدةٌ * * * يـمـنٌّ بـالعفوِ فالآمالُ لم تئمِ((3

تـبـاركَ اللهُ يـومَ اخـتارَ كعبتَه * * * فـي بـطـنِ واديك إذ واتاه بالنَّعمِ

مـشـى الـنبيٌّ به فاخضرَّ مبتهجًا * * * بـشـرعـةِ اللهِ ذا جودٍ, على الأُممِ

يـاربِّ جـنِّـبهُ من شرٍّ, ومن فتنٍ, * * * واحـفـظ مـشاعرَه بالأمنِ والسَّلمِ

واحـفـظ شـريعتَك الغرَّاءَ عاليةً * * * وانـصـر بها ركبَنا في كلِّ مقتَحَمِ

لـم نحنِ هامتَنا في وجهِ مَن ظلموا * * * ولـلـفـجـائـعِ صولاتٌ وللدٌّهمِ

وإنـهـا وجـأت أكبادَنا، وطوت * * * قيودُها اليومَ أهلَ الفضلِ بالنَّخمِ( (4

وعـرَّجـت بـرزايـاها على قيمٍ, * * * فـي كـفِّ مـفتَتَنٍ, من قومِنا خصِمِ

لـكـنَّـنـا وهدى الرحمنِ يعصمُنا * * * مـن غـيِّ مـنزَلَقٍ, للمفسدين نُمي

قـد انـتـضـينا لها أسيافَ عزَّتِنا * * * باللهِ فـاسـتدبرت في ثوبِ منفحِمِ

مَـن كان من زمزمِ التوحيدِ مشربُه * * * فـلـيـس يـرهـقُه ميدانُ بغيِهِمِ

ومَـن مـشـى خلفَ هادينا وقائدِنا * * * مـحمَّدِ المصطفى لم يخشَ من حدمِ

لـلـدهـرِ دورتُـه، فانظر تقلٌّبَه * * * بـإذنِ ربِّك ذي الأقدارِ عن كثمِ (6)

واصـبـر لـحكمتِه في كلِّ حالكةٍ, * * * فـأنـتَ بالدينِ والتقوى على القِممِ

تـهـافـتت قوَّةُ العادي وما ملكت * * * إلا الـبـوارَ بـتـيهِ العارِ والرَّغمِ

فـاسـتـبشري أُمَّةَ الإسلامِ إنَّ لنا * * * ربًّا يغارُ على الأخيارِ والعُصُمِ( (7

لـن يـفلتَ البغيُ من آتي عقوبتِه * * * وإن تـحـصَّـنَ بـالأجنادِ والأجمِ

مـازال ربٌّـك بالمرصادِ فانتظرن * * * يـومَ الـخـلاصِ ففيه البرٌّ بالقسمِ

* * *

--------------------

1 الغتم: شدة الحر وأثره.

2 لم تثم: لم تنقطع

3 لم تئم: لم تبتعد

4 بالنَّخم: بالإعياء

5 منفحم: عاجز

6 عن كثم: عن قرب

7 العُصُم:القيم المقدسة.


أضف تعليق