تمشي الهوينا كالغريب النائـي *** مصفـرة اللمحات إثر عناء
الريح تعصف في شقوق ثيابها *** والجسم منهـار من الإعياء
ويلوح في تلك الشقوق لناظري *** جسد توارى مثقلاً بشـقاء
كالبدر يخفي نوره وبهـــاءه *** عن ناظريه بسحابة سوداء
رسم الأسى فوق الجبين شجونه *** وسرى الشحوب بوجنة حمراء
تلك الشفاه تنمٌّ عن سخريـــة *** أما العيون فهي في إغفاء
تلك الشقية ما أشدَّ همومَهـــا *** مجهولة المعنى لعين الرائي
إني لألمح في القسائم طابعــا *** رسمته قاسية\" يـدُ الأرزاء
فالثغر يخفي في التبسم قصـة *** والضحك مطويٌ على أدواء
خطَّ الجمالُ على الملامح مسحة *** بقيت برغم تألم الأعضـاء
وافتنّ فيها المترفون بفيهــم *** من غير ما خجل ولا استحياء
وتأولوا فيها الحديث مذاهبــا *** بعض الحديث ينمٌّ عن فحشاء
فأخالهم باعوا الحياة بلـــذة *** رعناء ترشف من صميم غباء
وتشدقوا بالطهر يرجم قولهم *** ظلم البغاة ولذة السفهــاء
أما همو فالفسق بين عروقهم *** متهتك يخفى بثوب ريـاء
هم فاجرون وإن نهوا عن لذة *** فالشرٌّ بين عيونهم مترائي
إبليس قد أخذ العهود عليهمو *** أن لا يسود الكونَ غيرُ بلاء
رحماك ربي إن شدوتُ مرتلا *** بؤس الحياة وآهة الفقـراء
رباه إني شاعر لا أبتغـــي *** غير الجمال لعالم الشعـراء
إن رحت أتلو للجمال قصائدي *** عذري بأني في دنى الغرباء
غرباء من راموا الخلود لأمة *** عبدت بدنيا الزيف كل مرائي