صَـرمت حـبالك بعد وصلك زينبُ *** والـدهـرُ فـيـه تـصرّم وتـقلبُ
وكــذاك وصـلُ الـغانياتِ فـإنه *** آلــلٌ بـبَـلقعة وبــرقٌ خُـلب
فـدع الـصّبا فـلقد عـداك زمانهُ *** واجـهد، فـعمرك مر منه الأطيب
ذهـب الـشبابُ فـما له من عودة *** وأتـى الـمشيبُ فـأينَ منه المهرَب
دع عـنك ما قد فات في زَمنِ الصبّا *** واذكُـر ذنـوبك وابـكها يـا مُذنب
واخـشَ مُـناقشة الـحساب فـإنه *** لا بُـد يـحصي مـا جنيتَ ويُكتب
والـليلَ، فـاعلم، والنهار كلاهما *** أنـفـاسنا فـيـه تُـعدّ وتـحسب
لـم يـنسه الـملكانِ حـينَ نـسيته *** بــل أثـبتاه، وأنـتَ لاهٍ, تـلعب
والـروح فـيك وديـعةٌ أُودعـتها *** سـترُدها بـالرغم مـنكَ وتُـسلب
وغُـرورُ دنـياكَ الـتي تَـسعى لها *** دارٌ حـقـيقتها مَـتـاعٌ يـذهـب
وجـمـيعُ مـا حَـصلته وجـمعتهُ *** حـقـاً يـقينا بـعدَ مـوتكَ يُـنهب
تُـبّـا لــدار ٍ, لا يـدوم نـعيمها *** ومـشـيدها عـما قـليل ٍ, يـخرب
لا تـأمـنِ الـدهر الـخؤونَ لأنـه *** مــا زالَ قـدماً لـلرجالِ يُـهذب
وكـذلـكَ الأيـامُ فـي غـصّاتها *** مـضضٌ يـذلُ لـه الأعز الأنجب
ويـفـوزُ بـالمال الـحقيرُ مـكانةً *** فـتراهُ يُـرجى مـا لـديه ويُرغب
ويُـسـرّ بـالترحيب عـند قُـدومه *** ويُـقـامُ عـنـد سَـلامهِ ويـقُرّب
لا تـحرصن فـالحرص لـيس بزائد *** في الرزق بل يشقى الحريص ويتعب
كـم عـاجز فـي الناسِ يأتي رزقه رغــداً ويُـحرم كـيّس ويـخيّب
فـعليك تـقوى اللهِ فـالزمها تـفُز *** إن الـتـقيّ هـو الـبهي الأهـيب
واعـمل بـطاعتهِ تـنل منه الرَّضا *** إن الـمـطـيعَ لَـربـه لـمـقرّب
أدّ الأمـانـة، والـخيانةَ فـاجتنب *** واعـدل ولا تـظلم يطيب المكسب
واحـذر مـن المظلوم سهماً صائباً *** واعـلـم بـأن دُعـاءه لا يُـحجب
وإذا أصـابك فـي زَمـانك شـدّة *** وأصـابك الـخطب الكريه الأصعب
فــادع لـرَبك إنـه أدنـى لـمن *** يـدعوه مـن حَـبل الوريد وأقرب
واحــذر مـؤاخـاة الـدنيّ لأنـه *** يـعـدي الـصـحيح الأجــرب
واخـتر صـديقك واصطفيه تفاخراً *** إن الـقَرين إلـى الـمقارنِ يُـنسب
ودع الـكذوبَ ولا يـكن لكَ صاحباً *** إن الـكذوبَ لـبئس خـلاً يصحب
وذر الـحـسود وإن تـقادم عَـهده *** فـالحقد بـاق فـي الصدورِ مغيَّب
واحـفظ لِـسانك واحترز من لفظه *** فـالمرء يـسلم بـاللسان ويـعطَب
وزن الـكلام إذا نـطقت ولا تـكن *** ثـرثارةً فـي كـلّ نـاد تـخطب
والـسـرّ فـاكتمه ولا تـنطق بـه *** فـهو الأسـير لـديك إذ لا يَـنشب
واحرص على حفظ القلوب من الأذى *** فـرجُوعها بـعد الـتنافر يـصعب
إن الـقـلوبَ إذا تـنـافر ودهــا *** شـبه الـزجاجة كـسرها لا يشعب
وإذا رأيـت الـرزق ضـاق بـبلدة *** وخـشيتَ فـيها أن يضيقَ المكسِب
فـارحَل فـأرض الله واسعة الفضا *** طـولاً وعـرضاً شرقها والمغرِب