معلقة الحارث بن حلزة اليشكري


 

بسم الله الرحمن الرحيم

هو الحارث بن حلزة بن مكروه من بني يشكر من بني بكر بن وائل شاعر جاهلي من أهل بادية العراق، أحد أصحاب المعلقات، كان أبرص فخوراً، ارتجل معلقته بين يدي عمرو بن هند ملك الحيرة جمع فيها كثيراً من أخبار العرب ووقائعهم ويقال في المثل ((افخر من الحارث بن حلزة)) لكثرة فخره في هذه المعلقة.

 

 

آذَنـتَـنـا بِـبَـيـنِها أسـمـاءُ **** رُبَّ ثــاوٍ, يُـمَلٌّ مِـنهُ الـثَّواءُ

بَـعـدَ عَـهدٍ, لَـنَا بِـبُرقَةِ شَـمَّاءَ **** فَـأَدنَـى دِيـارِهـا الـخَلصاءُ

فَـالـمُحَيَّاةُ فـالـصِّفاحُ فَـأَعـنا **** فــي فِـتَـاقٍ, فَـعاذِبٌ فَـالوَفاءُ

فَـرِياضُ الـقَطَا فَـأَودِيَةُ الشٌّربِ **** فـالـشٌّـعـبَتَانِ فــالإِبــلاءُ

لا أَرَى مَـن عَـهِدتُ فِيها فَأَبكِي الــ****ـيَومَ دَلـهاً ومَـا يُـحِيرُ iiالبُكاءُ

وبِـعَينَيكَ أَوقَـدَت هِـندٌ الـنَّارَ  ****أَخِـيـرًا تَـلـوِى بِـها الـعَلياءُ

فَـتَـنَوَّرتُ نَـارَها مِـن بِـعيدٍ, **** بِـخَزَازَى هَـيهَاتَ مِنكَ الصِّلاءُ

أَوقَـدَتها بَـينَ الـعَقِيقِ فَشَخصَينِ **** بِـعُـودٍ, كَـمَـا يَـلُوحُ الـضِّياءُ

غَـيرَ أَنِّـي قَد أَستَعينُ عَلَى الهَمِّ **** إذَا خَــفَّ بِـالـثَّوِيِّ الـنَّـجاءُ

بِـزَفُـوفٍ, كـأنَّـهَا هِـقـلَةُ **** أمِّ رِئَـــالٍ, دَوِّيَّـــةٌ سَـقـفَاءُ

آنَـسَت نَـبأَةً وأَفـزَعَها القُنَّاصُ **** عَـصـراً وقَـد دَنَـا الإمـساءُ

فَـتَرَى خَـلفَها مِنَ الرَّجعِ والــ****وَقعِ مَـنِـيـناً كــأَنَّـه أَهــبـاءُ

وطِـراقاً مِـن خَـلفِهِنَّ طِـراقٌ **** سـاقِطاتٌ أَلـوَت بِـها الصَّحراءُ

أَتَـلَـهَّى بِـها الـهَواجِرَ إذ كُـلٌّ **** ابــن هَــمِّ بَـلِـيَّةٌ iiعَـمـياءُ

وأَتَـانَا مِـنَ الـحَوادِثِ والأنباءِ **** خَـطـبٌ نُـعـنَى بِـهِ iiونُـساءُ

أنَّ إخـوانَـنَا الأَراقِــمَ يَـغلُونَ **** عَـلَـينا فــي قِـيـلِهِم إِحـفاءُ

يَـخلِطُونَ البَريءَ مِنَّا بِذِي الذَّنبِ **** ولاَ يَـنـفَعُ الـخَـلِيَّ الـخَـلاَءُ

زَعَـمُوا أَنَّ كُلَّ مَن ضَرَبَ العَيرَ  **** مُــوَالٍ, لَـنَـا وأَنَّــا الـوَلاَءُ

أَجـمَـعُوا أَمـرَهُم عِـشاءً فَـلَمَّا **** أَصـبَحُوا أَصبَحَت لَهُم ضَوضَاءُ

مِن مُنادٍ, ومِن مُجِيبٍ, ومِن **** تَصهالِ خَـيـلٍ, خِــلالَ ذاكَ رُغــاءُ

أَيٌّـهَـا الـنَّاطِقُ الـمُرَقِّشُ عَـنَّا **** عِـندَ عَـمرٍ,و وهَـل لِـذَاكَ بَقاءُ

لا تَـخَـلنا عَـلَى غَـراتِكَ إنَّـا **** قَـبلَ مَـا قَـد وَشَـى بِنا الأَعداءُ

فَـبَـقِينا عَـلَى الـشَّناءَةِ تَـنمِينا **** حُـصُـونٌ وَعِــزَّةٌ قَـعـساءُ

قَـبلَ مَـا الـيَومَ بَـيَّضَت بِعُيُونِ **** الـنَّـاسِ فِـيـها تَـغَيٌّظٌ وإِبـاءُ

وكَـأَنَّ الـمَنُونَ تَردِى بِنا أَرعَنَ **** جَـونـاً يَـنجابُ عَـنهَ الـعَمَاءُ

مُـكفَهِرّاً عَـلَى الحَوادِثِ لا تَرتُوه **** لِـلـدَّهـرِ مُــؤيِـدٌ صَـمَّـاءُ

إِرَمِــيُّ بِـمِثلِهِ جَـالَتِ الـخَيلُ **** فَـآبَـت لِـخَـصمِها الأَجــلاء

مَـلِكٌ مُـقسِطٌ وأَفضَلُ مَن يَمشِي **** ومِــن دُونِ مَـا لَـدَيهِ iiالـثَّناءُ

أَيّـمَـا خُـطَّـةٍ, أَرَدتُـم فَـأَدٌّوهَا **** إِلَـيـنا تَـمـشِي بِـها iالأمـلاءُ

إن نَـبَشتُم مَا بَينَ مِلحَةَ فالصَّاقِبِ **** فِـيـهِ الأمــواتُ والأحـيـاءُ

أو نَـقَشتُم فـالنَّقشُ يَجشَمُهُ النَّاسُ **** وفِـيـهِ الـصَّـلاحُ والإِبــراءُ

أو سَـكَتٌّم عَـنَّا فَكُنَّا كَمَن أَغمَضَ **** عَـيـناً فــي جَـفـنِها أَقـذاءُ

أَو مَـنَـعتُم مَـا تُـسأَلُونَ فَـمَن **** حُـدِّثـتُمُوهُ لَـهُ عَـلَينا الـعَلاءُ

هَـل عَـلِمتُم أيَّـام يُنتَهَبُ النَّاسُ **** غِــواراً لِـكُـلِّ حَـيٍّ, عُـواءُ

إذ رَكِبنا الجِمالَ مِن سَعَفِ البَحرَينِ **** سَـيـراً حَـتَّى نَـهاهَا الـحِساءُ

ثُـمَّ مِـلنا عَـلَى تَـميمٍ, فَأَحرَمنا **** وفِـيـنا بَـنـاتُ قَــومٍ, إِمـاءُ

لا يُـقِيمُ الـعَزِيزَ بِـالبَلَدِ الـسَّهلِ **** ولا يَـنـفَعُ الـذَّلِـيلَ الـنَّـجاءُ

لَـيسَ يُـنجِي مُـوائِلاً مِن حِذارٍ, **** رَأسُ طَــودٍ, وحَــرَّةٌ رَجـلاءُ

فَـمَـلَكنا بِـذَلِكَ الـنَّاسَ حَـتَّى **** مَـلَكَ الـمُنذِرُ بـن مـاءِ السَّماءُ

مَـلِكٌ أَضـرَعَ الـبَرِيَّةَ لا يُوجَدُ **** فِـيـها لِـمـا لَـدَيـهِ كِـفـاءُ

مـا أَصـابُوا مِن تَغلَبِيٍّ, فَمَطلُولٌ **** عَـلَـيهِ إذا أُصِـيـبَ الـعَـفاءُ

كَـتَكالِيفِ قَـومِنا إذ غَـزَا المُنذِرُ **** هَـل نَـحنُ لابـنِ هِـندٍ, رِعـاءُ

إذ أَحَـلَّ الـعَلياءَ قُـبَّةَ مَـيسُونَ **** فَـأَدنَـى دِيـارَهـا الـعَـوصاءُ

فَـتَـأَوَّت لَــهُ قَـراضِبَةٌ مِـن **** كُــلِّ حَــيٍّ, كـأنَّـهُم أَلـقاءُ

فَـهَـداهُم بِـالأَسوَدَينِ وأَمـرُ اللهِ **** بَـلـغٌ تَـشـقَى بِـهِ الأَشـقِياءُ

إذ تَـمَـنَّونَهُم غُـرُوراً فَـساقَتهُم **** إلَـيـكُـم أُمـنِـيَّـةٌ أَشــراءُ

لَــم يَـغُرٌّوكُم غُـرُوراً ولَـكِن **** رَفَـعَ الآلُ شَـخصَهُم والـضَّحاءُ

أَيٌّـهـا الـنَّـاطِقُ الـمُبَلِغُ عَـنَّا **** عِـندَ عَـمرِو وهَـل لِذاكَ انتِهاءُ

مَـن لَـنا عِـندَهُ مِنَ الخَيرِ آياتٌ **** ثَــلاثٌ فــي كُـلِّهِنَّ الـقَضاءُ

آيَـةٌ شـارِقُ الـشَّقِيقَةِ إذ  **** جاءُوا جَـمِـيعاً لِـكُـلِّ حَــيٍّ, لِـواءُ

حَـولَ قَـيسٍ, مُـستَلئِمِينَ بِكَبشٍ, **** قَــرَظِـيٍّ, كَــأَنَّـهُ عَـبـلاءُ

وصَـتِيتٍ, مِـنَ الـعَوَاتِكِ لا تَنهاهُ ****  إلاَّ مُـبـيَـضَّـةٌ رَعــــلاءُ

فَـرَدَدناهُمُ بِـطَعنٍ, كَـمَا يَـخرُجُ **** مِــن خُـربَـةِ الـمَزادِ الـماءُ

وحَـمَلناهُم عَـلَى حَـزمِ ثَـهلانَ **** شِـــلالاً ودُمِّــىَ الأنـسـاءَ

وجَـبَهناهُمُ بِـطَعنٍ, كـما تُـنهِزُ فــي **** جَـمَّـة الـطَّوَيِّ الـدِّلاءَ

وفَـعَـلنا بِـهِـم كـمَا عَـلِمَ اللهُ **** ومَــا إن لـلـخَائِنِينَ دِمــاءُ

ثُـمَّ حُـجراً أعـنِي ابنَ أُمِّ قَطامٍ, **** ولَـــهُ فـارِسِـيَّةٌ خَـضـراءُ

أَسَـدٌ فـي الـلِّقاءِ وَردٌ هَـمُوسٌ **** ورَبِـيـعٌ إن شَـمَّـرَت غَـبراءُ

وفَـكَكنا غُـلَّ امرِىء القَيسِ عَنهُ **** بَـعدَ مـا طـالَ حَـبسُهُ والعَنَاءُ

ومَـعَ الـجَونِ جَـونِ آلِ بَـنِي **** الأوسِ عَـنُـودٌ كَـأَنَّـها دَفـواءُ

مَـا جَزِعنا تَحتَ العَجاجَةِ إذ وَلَّوا **** شِــلالاً وإذ تَـلَـظَّى الـصِّلاءُ

وأَقَـدنـاهُ رُبَّ غَـسَّانَ بِـالمُنذِرِ **** كَـرهـاً إذ لا تُـكـالُ الـدِّمـاءُ

وأَتَـيـناهُمُ بِـتِـسعَةِ أَمــلاكٍ, **** كِـــرامٍ, أسـلابُـهُم أَغــلاءُ

وَوَلَـدنا عَـمرَو بـن أُمِّ إيـاسٍ, **** مِـن قَـرِيبٍ, لَـمَّا أَتَـانا الحِباءُ

مِـثلَها يُـخرِجُ الـنَّصِيحَةَ لِلقَومِ **** فَــلاةٌ مِــن دُونِـهـا أَفـلاءُ

فـاترُكُوا الـطَّيخَ والتَّعاشِي وإمَّا **** تَـتَعَاشَوا فَـفِي الـتَّعاشِي الـدَّاءُ

واذكُـروا حِـلفَ ذِي المَجازِ ومَا **** قُــدِّمَ فِـيهِ الـعُهُودُ والـكُفَلاءُ

حَـذَرَ الـجَورِ والـتَّعَدِّي وهَـل **** يَـنقُضُ مَـا في المَهَارِقِ الأهواءُ

واعـلَـمُوا أَنَّـنا وإيَّـاكُمُ فِـيمَا *** اشـتَرَطنا يَـومَ اخـتَلَفنا سَـواءُ

عَـنناً بـاطِلاً وظُـلماً كَـمَا تُعتَرُ **** عَـن حُـجرَةِ الـرَّبِيضِ الـظِّباءُ

أَعَـلَـيـنا جُـنـاحُ كِـنـدَةَ أن **** يَـغـنَمَ غـازِيهُم ومِـنَّا الـجَزاءُ

أم عَـلَـينا جَــرَّى إيـادٍ, كَـمَا **** قـيـلَ لِـطَسمٍ, أخُـوكمُ الأبـاءُ

لَـيسَ مِـنَّا المُضَرَّيونَ ولا قَيسٌ **** ولا جَــنــدَلٌ ولا الــحَـدَّاءُ

أَم جَـنايَا بَـنَي عَـتِيقٍ, فَمَن **** يَغدِر فـإنَّـا مِــن حَـربِـهِم بُـرآءُ

أَم عَـلَينا جَـرَّى الـعِبادِ كَمَا نِيطَ *** بِـجَـوزِ الـمُـحَمَّلِ الأعـبـاءِ

وثَـمـانُونَ مِـن تَـمِيمٍ, بِـأَيدِيهِم **** رِمــاحٌ صُـدُورُهُـنَّ الـقَضاءُ

تَـركُـوهُم مُـلَـحَّبِينَ وآبُــوا **** بِـنَـهابٍ, يُـصِمٌّ مِـنها الـحُداءُ

أَم عَـلَينا جَـرَّى حَـنِيفَةَ أَو مَـا **** جَـمَّعَت مِـن مُـحارِبٍ, غَـبراءُ

أَم عَـلَينا جَـرَّى قُضاعَةَ أم لَيسَ **** عَـلَـينا فِـيـما جَـنـوا أَنـداءُ

ثُـمَّ جـاءُوا يَستَرجِعونَ فَلَم تَرجِع **** لَــهُـم شـامَـةٌ ولا زَهــراءُ

لَـم يُـحِلٌّوا بِـنِي رِزاحٍ, بِـبَرقاءِ **** نِـطـاعٍ, لَـهُـم عَـلَيهِم دُعـاءُ

ثُـمَّ فـاءُوا مِـنهُم بِقاصِمَةِ الظَّهرِ **** ولا يُـبـرِدُ الـغَـلِيلَ الـمـاءُ

ثُـمَّ خَـيلٌ مِن بَعدِ ذاكَ مَعَ **** الغَلاقِ لا رَأفَـــــةٌ ولا إِبــقــاءُ

وهُـو الـرَّبٌّ والـشَّهِيدُ عَلَى يَومِ **** الـحِـيارَينِ والـبَـلاءُ بَــلاءُ

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply