لاميةُ العَجَم

4.9k
3 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

أصـالَةُ الرَّأيِ صانَتني عنِ الخَـطَلِ *** وحِليةُ الفَضـلِ زانَـتني لَدَى العَطَـلِ

مَـجدي أخـيراً ومجدي أولاً شـَرَعٌ *** والشَّمسُ رأدَ الضٌّحى كالشَّمسِ في الطَّفَلِ

فيمَ الإقـامَةُ بالـزَّوراءِ لا سَـكَـني *** بِـها ولا ناقَـتـي فـيـها ولا جَمـَلي

ناءٍ, عن الأهـلِ صِفرُ الكـَفِّ مُنفردٌ *** كالنَّصلِ عُـرِّيَ مَثـنـاهُ عنِ الخِـلـَلِ

فـلا صديقٌ إليهِ مُشـتكَى حـَزَنـي *** ولا أنيـسٌ إلـيـهِ مُـنتهـى جـَذَلـي

طـالَ اغترابيَ حـتَّى حَنّ راحـلتَي *** ورَحـلـُها وقـنـا العَسَّـالةِ الـذُبـُلِ

وضـَجَّ من لَغَبٍ, نِضوي وعَجَّ لِـما *** يلقاهُ قلـبي وَلَـجَّ الـرَّكبُ فـي عَـذَلي

أريدُ بَـسطةَ كفٍّ, أستـعيـنُ بـهـا *** على قضـاءِ حقـوقٍ, لـلعُـلى قِـبَـلي

والـدَّهرُ يعكِسُ آمـالي ويُقـنعُنـي *** من الغنيـمـةِ بـعدَ الكَـدِّ بالـقـَـفَلِ

وذي شَطاطٍ, كـصَدرِ الرٌّمحِ مُـعتقِلٍ, *** بـمثـلِهِ غـيـرِ هَـيّـَابٍ, ولا وَكَـلِ

حُـلوِ الفَكاهةِ مُرِّ الجِدِّ قـد مُزجَـت *** بقَسـوةِ الـبـأسِ منـهُ رِقَّـةُ الغَـزَلِ

طَـردتُ سَرحَ الكَرَى عن وِردِ مُقلتِهِ *** واللَّيلُ أغـرَى سَـوامَ النَّومِ بالمـُـقَلِ

والرَّكبُ مِيلٌ على الأكوارِ من طَربٍ, *** صاحٍ, وآخـرَ من خَمرِ الكـرى ثَمِـلِ

فقـلتُ أدعـوكَ للـجـُلىَّ لتَنصُرَني *** وأنـتَ تَخذُلُني في الحـادِثِ الجَـلـَلِ

تـنامُ عَيني وعينُ النَّجـمِ سـاهـرةٌ *** وتـستَحيـلُ وصِبغُ اللـيـلِ لـم يَحُلِ

فـهل تُعـينُ على غَيٍّ, هَمَمـتُ بـه *** والـغَيٌّ يَزجُرُ أحيـاناً عَـنِ الفَـشـَلِ

إنّـي أُريدُ طُروقَ الحـيِّ من إضَـمٍ, *** وقـد حَمَتهُ رُمـاةٌ مـن بَـنـي ثُعـَلِ

يَحـمونَ بالبيضِ والسٌّمرِ الـلِّدانِ بهِ *** سُـودَ الغَدائرِ حُـمرَ الحـَليِ والحُلـلِ

فَـسِر بِنا في ذِمامِ الليلِ مُـهتـديـاً *** بنـفحَةِ الطِّيبِ تَـهديـنا إلى الحِـلـَلِ

فالـحبٌّ حيثُ الـعِدى والأُسدُ رابضَةٌ *** حـولَ الكِناس لـها غـابٌ من الأَسـَلِ

نَـؤُمٌّ ناشئةً بالجِـزعِ قـد سُـقـيت *** نِصـالُـها بـمياهِ الغُـنـجِ والكَـحـَلِ

قـد زادَ طـيبَ أحاديثِ الكِرامِ بـها *** ما بـالـكرائِـمِ من جُـبنٍ, ومـن بَخَلِ

تـبيتُ نـارُ الهَوى منهنَّ فـي كـبدٍ, *** حَـرَّى ونـارُ القِرَى منهم على القـُلَلِ

يـقتُلنَ أنضاءَ حُبٍّ, لا حَـراكَ بـهم *** ويَنـحَـرونَ كِـرامَ الخـيـلِ والإبـلِ

يُـشفَى لـديغُ العَـوالي في بيوتِهـمِ *** بـنهلةٍ, مـن غَـديرِ الخـمرِ والعَسـَلِ

لعـلَّ إلمامـةً بالـجزعِ ثـانـيـةً *** يَدِبٌّ مـنها نسـيمُ البُـرءِ فـي عِلَـلي

لا أكـرهُ الطَّعنةَ النَّـجلاءَ قد شُفِعَت *** بـرشفـةٍ, مـن زُلالِ الأعـينِ النٌّجـلِ

ولا أهابُ الصِّفاحَ البيضَ تُسـعدُنـي *** بـاللَّمحِ من خَلَلِ الأسـتارِ فـي الكِلَـلِ

ولا أُخــلٌّ بغـزلانٍ, أُغـازلُـهــا *** ولـو دَهَتني أُسـودُ الغـابِ بالغيـَلِ

حُبٌّ السَّلامـةِ يَثـني هـمَّ صـاحبِـه *** عنِ المعالي ويُغري المرءَ بالكَسـَلِ

فإن جَـنَحـتَ إلـيهِ فاتَّـخـذ نَفَـقـاً *** في الأرضِ أو سُلَّماً في الجوِّ فاعتزلِ

ودَع غِـمارَ العـُلى للمُقدِمـينَ علـى *** رُكوبِـهـا واقتَنـع منهـنَّ بالبَلـَلِ

يَرضى الذَّليلُ بخـفضِ العيشِ يَخفـضُهُ *** والعِزٌّ عـندَ رَسـيمِ الأينـُقِ الذٌّلـُلِ

فادرأ بهـا في نُحـورِ البـيدِ جافـلـةً *** مُعارضاتٍ, مثـاني اللٌّـجـمِ بِالجُدُلِ

إنَّ العُـلى حدَّثتنـي وهـيَ صـادقـةٌ *** فيما تُحـدِّثُ أنَّ إلعـِزَّ في النـٌّقَـلِ

لو أنَّ في شـرفِ المـأوى بُـلوغَ مُنىً *** لم تبرحِ الشَّمسُ يومـاً دارةَ الحَمَـلِ

أهبتُ بالحـظِّ لو ناديـتُ مُسـتـمعـاً *** والحظٌّ عنّـيَ بالجُهّـَالِ في شُـغـلِ

لـعـلّـَهُ إن بـدا فضـلي ونقصُهُـمُ *** لِعيـنهِ نـامَ عنـهم أو تنـبـَّهَ لـي

أُعـلِّـلُ النَّفسَ بـالآمـالِ أرقُبُـهـا *** ما أضيقَ العيشَ لولا فَسـحةُ الأمـلِ

لم أرضَ بالعـيشِ والأيـامُ مقبـلـةٌ *** فكيفَ أرضى وقد ولَّت علـى عَجَـلِ

غـالىَ بـنـفسيَ عِرفـاني بقيمـتِها *** فصُنتُها عن رخـيصِ الـقَدرِ مُبـتذَلِ

وعـادةُ النَّصلِ أن يَـزهـو بجـوهرِهِ *** وليسَ يعـمـلُ إلا في يَـدي بَطـَلِ

مـا كنتُ أوثِرُ أن يمـتـدَّ بي زَمنـي *** حتَّـى أرى دولـةَ الأوغادِ والسـِّفلِ

تَقَدَّمَتـني أنـاسٌ كــانَ شَـوطُهُـمُ *** وراءَ خـطويَ إذ أمشي على مَـهَلِ

هذا جـزاءُ امـرئٍ, أقرانُـهُ دَرَجـوا *** مـن قبلهِ فتمنَّى فُسـحـةَ الأجـلِ

وإن عـلانيَ مَن دوني فـلا عـجـبٌ *** لي أُسـوةٌ بانحطاطِ الشمسِ عن زُحلِ

فـاصبر لها غيرَ محتالٍ, ولا ضَـجـرٍ, *** في حـادثِ الدَّهرِ ما يُغني عن الحيَلِ

أعـدَى عَـدوِّكَ أدنى من وثَـقتَ بـهِ *** فـحاذِرِ الناسَ واصحبهم على دَخَـلِ

فإنَّـمـا رجـلُ الدٌّنـيـا وواحـدُها *** مـَن لا يُعوِّلُ فـي الدٌّنيا على رَجُـلِ

وحُسـنُ ظنـِّكَ بـالأيـامِ مَـعجِـزةٌ *** فـظُنَّ شرّاً وكُن منها عـلى وَجـَلِ

غـاضَ الوفاءُ وفاضَ الغدرُ وانفرجت *** مـسافةُ الخُلفِ بينَ القَـولِ والعمـلِ

وشـانَ صِدقَـكَ بيـنَ الناسِ كذبُهـُمُ *** وهـل يُطابَـقُ مُعـوَجُّ بمُـعتـدلِ

إن كـانَ ينجـمُ شـيءٌ في ثَباتـهـمِ *** على الـعُهودِ فسَبقُ السَّيـفِ للعـَذَلِ

يـا وارِداً سُـؤرَ عيشٍ, كـلٌّـهُ كّـدّرٌ *** أنفقتَ صَفـوَكَ فـي أيامِـكَ الأولِ

فيـمَ اقـتحامُكَ لُـجَّ البحـرِ تركبـُهُ *** وأنتَ تكـفيكَ مـنهُ مُصّـَةُ الوَشـَلِ

مُـلكُ القناعةِ لا يُخـشى عليـه ولا *** يحـتاجُ فـيه إلى الأنصارِ والخَـوَلِ

تـرجو البقاءَ بدارٍ, لا ثبـاتَ لـهـا *** فـهل سـمـعتَ بـظلٍّ, غـيرِ مُنتقلِ

ويـا خـبيراً عـلى الأسـرارِ مُطَّلعاً *** أُصمت ففي الصَّمتِ منجاةٌ مـن الزَّلّلِ

قـد رشَّـحوكَ لأمـرٍ, إن فـطِنتَ لهُ *** فـاربأ بنفسِكَ أن تَرعى مـعَ الهَـمَلِ


أضف تعليق