عميد الغرباء


 بسم الله الرحمن الرحيم

مَن هذا الضاربُ في الآفاقِ..

 

يُجَدِّفُ في موجِ الأعماقِ..

 

يُعانقُ نورَ الشمسِ

 

ويركبُ مَتنَ الريحِ..

 

يحاورُ أسراب الأطيار البحريه..

 

* * *

 

ويجوبُ قفارَ الرملِ..

 

يُناجي عَزَّةَ..

 

يسألُ ليلى عن قيسٍ,..

 

وَيعوجُ إلى جبلِ التوبادِ..

 

يسافرُ للأطلالِ العُذريّه..

 

* * *

 

قالَ الأطفالُ..

 

نُشاهده يمشي في الطرقاتِ الحجريّه..

 

ويُسائلُ جُدران الصمت عن الأخبار المنسيّه..

 

ونراهُ يلعبُ في الحاراتِ مع الصبيانِ

 

ويعطيهم أصناف الحلوى اللوزيه..

 

ويشاركهم.. فرحَ العيدِ..

 

وأراجيحَ العيدِ..

 

وزغاريدَ العيد..

 

وَصباحاتِ العيدِ الشتويه..

 

وَنراه حيناً في الساحات ينادي..

 

أسماءً.. لم نَعرفها.. لم نَشهَدها..

 

ويردِّدُها.. حتى تسمعَها الأفلاكُ

 

وكل المخلوقات النورانيه..

 

وأتيناه لنعرفَ قصَّته قال الأطفالُ-

 

فغاب سريعاً.. بين الغيماتِِ الوردّيه..

 

* * *

 

ورآهُ مؤذنُ مسجدنا..

 

يوماً في المحراب يُصلي..

 

ويُناجي الربّ بِحنيَّه..

 

فأتاه يُحييهِ.. ومدَّ الكفَّ..

 

فغاب سريعاً..

 

يصعدُ درج المنبرِ..

 

مثلَ النور الصاعد نحو الآفاقِ العُلويَّه.

 

* * *

 

ورأتهُ الأطيارُ يناجي..

 

سَوسنةً تبكي.. بين الوردات الجورّيه..

 

فيواسيها.. ويداعبُها..

 

وينادي أسرابَ الحسون لتنشدها..

 

أحلى الألحان القدسيه..

 

فأتته الطيرُ تُسامرُهُ..

 

فرأته يُحلِّقُ في الأجواء..

 

وغابَ.. وغابَ..

 

هنالك خلف شعاعِ الشمسِ الفضيّه..

 

من هذا الضّاربُ في الآفاقِ؟

 

يُكابد أصنافَ الأشواقِ..

 

ويمشي بين الغابات البريَّه..

 

قالوا.. جنيٌ مسكونٌ.. يمشي في وديان الليل السحريّه..

 

قالوا.. مجنونٌ فقد اللٌّبَّ.. وراح يناجي تلك الأصوات العلويه..

 

قالوا.. مجذوبٌ.. نذرَ الروحَ..

 

وراح يُفتشُ في الآفاقِ عن المعنى..

 

ويتمتمُ بالأوراد الصوفيه..

 

* * *

 

لكنَّ البعضَ أحسَّ بشيءٍ, مختلفٍ,..

 

ورأوا دمعَ الوَجدِ يَسيلُ من العينين..

 

كحباتٍ, بلوريه..

 

سمعوا القلبَ يُرتل أحزاناً ما مرت بفؤاد الخنساءِ..

 

ولا المأساة الإغريقيه..

 

عرفوه وقالوا هذا شيخُ الغرباءِ..

 

يعود لأرضِ طفولته..

 

يحدوه الشوقُ.. وأحلام الحبِّ الأزليه..

 

* * *

 

عادَ.. وما عادت تعرفُه الأرضُ

 

وما عادت تعرفُهُ الواحاتُ ولا النخلاتُ..

 

ولا الأطيارُ البحريه..

 

ما عاد يجيدُ حروف اللغةِ

 

ولا الأوزان الشعريه..

 

دَمدَمَ.. تَمتمَ..

 

لم تفهمهُ سوى الغيماتِ الصيفيه..

 

وحماماتٍ, تسجعُ فوقَ الدوحِ..

 

وترقبُ عودة شمس الحريه

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply