أهلا بالعيد


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

العيد مظهر من مظاهر الدين وشعيرة من شعائره المعظمة التي تنطوي على حكم عظيمة ومعاني جليلة، وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها.

ولقد شرع الله لنا في نهاية شهرنا الكريم عبادات تزيدنا منه قرباً وتزيد من إيماننا قوة، وفي سجل أعمالنا حسنات، فقد شرع لنا زكاة الفطر وهي من أهم مظاهر احتفالنا بالعيد فهي طهرة للصائم من اللغو والرفث، وإسعاد للفقير، وإحياء لروح التعاون والتراحم بين المسلمين، وتزكية وطهر من الشح، ففي يوم عيد الفطر تلتقي قوة الغنى وضعف الفقير على محبة ورحمة وعدالة من وحي السماء عنوانها الزكاة والإحسان والتوسعة.

 

كبٍ,روا:

شرع الله - سبحانه وتعالى - لنا التكبير عند إكمال العدة من غروب شمس رمضان إلى صلاة العيد قال - تعالى -:(ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون. ويسن للرجال الجهر بالتكبير في المساجد والأسواق والبيوت إعلاناً بتعظيم الله وإظهاراً لعبادته وشكره، أما النساء فإنهن مأمورات بالتستر وخفض الصوت، وما أجمل حال الناس وهم يكبرون الله تعظيماً وإجلالاً في كل مكان عند انتهاء شهر صومهم، فهو من أجمل مظاهر الاحتفالات حين يملؤون الأفق تكبيراً وتحميداً وتهليلاً يرجون رحمة الله ويخافون عذابه.

كما شرع الله - سبحانه - لعباده أهم مظهر من مظاهر الاحتفال بالعيد وهي صلاة العيد وهي من تمام ذكر الله - عز وجل -، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بها أمته رجالاً ونساءً وأمره مطاع لقوله - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم) وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء أن يخرجن إلى صلاة العيد مع أن البيوت خير لهن فيما عدا هذه الصلاة.

ومن السنة أن يأكل المسلم قبل خروجه لصلاة عيد الفطر تمرات وتراً ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك لقول أنس بن مالك - رضي الله عنه -: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يغدو يوم العيد حتى يأكل تمرات ويأكلهن وتراً\" رواه البخاري وأحمد وفي ذلك امتثال لأمر الله بالإفطار كما امتثل أمره بالصيام.

ومن عبادات المسلمين أن يخرجوا لصلاة العيد مشياً لا ركوباً إلا من عذر كعجز وبُعد لقول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - (من السنة أن يخرج إلى العيد ماشياً) رواه الترمذي. وقال: حديث حسن.

 

تزينوا:

ويسن للرجل أن يتجمل ويلبس أحسن ثيابه بعد الاغتسال فقد صح في الموطأ وغيره أن عبد الله بن عمر - رضي الله عنه - كان يغتسل يوم العيد قبل أن يغدو إلى المصلى، وصح عن سعيد بن جبير أنه قال: (سنة العيد ثلاث: المشي والاغتسال والأكل قبل الخروج). وعن جابر - رضي الله عنه - قال: (كان للنبي جبة يلبسها في العيد ويوم الجمعة) فينبغي للرجل أن يلبس أجمل ما عنده من الثياب عند الخروج للعيد. أما النساء فيبتعدن عن الزينة إذا خرجن لأنهن منهيات عن إظهار الزينة للرجال الأجانب. وكذلك يحرم على من أرادت الخروج يوم العيد أن تمس الطيب أو تتعرض للرجال بالفتنة فإنها ما خرجت إلا لعبادة وطاعة.

ومن مظاهر احتفالات المسلمين أيضاً إظهار الفرح بهذا اليوم وهو فرح بنعمة الله عليهم بإدراك رمضان وعمل ما يسر فيه من الصلاة والصيام والقيام والقراءة والصدقة، وغير ذلك من الطاعات، فإن ذلك خير من الدنيا وما فيها (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) فإن صيام رمضان وقيامه إيماناً واحتساباً من أسباب مغفرة الذنوب والتخلص من الآثام، فالمؤمن يفرح بإكمال الصوم والقيام لأنه يتخلص به من الآثام، أما ضعيف الإيمان يفرح بإكماله لتخلصه من الصيام الذي كان ثقيلاً عليه ضائقاً به صدره والفرق بين الفريقين عظيم.

 

فرحة بلا مخالفات:

وتتجلى في العيد الأفراح الإيمانية المنضبطة بضوابط الشرع، المحفوفة بسياج الأدب، ففي العيد يكون المزاح الوقور والدعابة اللطيفة والنكتة البريئة والبسمة الحانية والنزهة المباحة والقصص البديع، دون تجاوز لما حرم الله من اللهو واللغو المحرم. وقد مرّ أحد الصالحين بقوم يلهون ويلغون يوم العيد فقال لهم: إن كنتم أحسنتم في رمضان فليس هذا شكر الإحسان، وإن كنتم أسأتم فما هكذا يفعل من أساء مع الرحمن.

ولذلك يجب أن نعلم أن يوم العيد هو يوم الجوائز فمن صام وقام إيماناً واحتساباً فبشره بالجائزة الكبرى والفوز العظيم والثواب الجسيم، ومن خسر في صيامه وتهاون في أمر ربه وتعدّى حدوده فيا ندمه ويا حسرته.

 

ويعود الناس من صلاة العيد وهما فريقان:

فريق مأجور مشكور يقول الله - تعالى -: \"انصرفوا مغفوراً لكم فقد أرضيتموني ورضيت عنكم\" وفريق خاسر خائب يعود بالخيبة والخسران والأسف والحرمان.

ومن آداب العيد التهنئة التي يتبادلها الناس فيما بينهم أياً كان نطقها مثل قول بعضهم لبعض، تقبل الله منا ومنكم، وما أشبه ذلك من عبارات التهنئة المباحة.

وعليه فإن انقضى شهر رمضان فإن عمل المؤمن لا ينقضي قبل الموت، قال الله - عز وجل -: (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) فالصيام مشروع في كل العام، والقيام مشروع في كل ليلة من ليالي السنة وغيرها من الطاعات كالذكر وقراءة القرآن.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply