تفاريح...!


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 "ربنا يفرّح قلبك"، أحمل الدعاء وأطير سابحًا في البهجة، حالمًا بدخول بساتين"الجُمان"، واحتلال سهول"النعناع"في سفح جبل"الزيتون".. عالم كامل من الفرحة الطاغية ترسمه كلمات مسّت القلب، فيغدو مسرورًا، ويجيء بغير الوجه الذي ذهب به.

تلك الفرحة التي نتسولها فتعز علينا!، ونتركها تتسرب من بين يدينا كالماء الذي يقبض عليه المغفلون، وكلما دقت بابًا وجاءت تسعى، نظنها سرابًا ونتريث فنرتاب.. فتبلى!

لهذه الفرحة المهدرة - مخصوص- جعل الله لنا"العيد"، نستجلب فيه الرحمة، ونتذكر أن لقلوبنا حق الفرح مع من تحب، وأن لصدورنا واجب السرور برؤية الأحباب والتواصل مع الأصحاب، وأن القرب صلة، والصلة رحمة، والرحمة أمان، والأمان يقين يمهد طريق الجنة.. تلك الفرحة الكبرى للواصلين، المواصلين السير حتى نهاية الطريق.

ونحن صغار كنا نخرج لصلاة العيد، فلا تدهشنا تلك البالونات التي يحصل عليها الأطفال مع الحلوى، بقدر ما تدهشنا تلك الأمواج الهادرة المكبرة واللون الأبيض للملابس يغسل سواد الطرقات فنراها لأول مرة منذ زمن عروسًا في يوم الزفاف، فنتعلم فرحة العيد بتلك الصحبة التي تجتمع على قلب رجل واحد لتكبر الله، وتدعوه في البكور أن ينزل أمانيها من سجل السماء إلى طرقات الأرض.

ولما كبرنا، وحملت قلوبنا مالا تطيق، أصبحنا نتلمس"التفاريح"، ونبحث عن يوم عيد يذكرنا أن لنا بهجة مؤجلة، وفرحة قد تتحقق إن ذهب الغيم إلى حيث يسقط المطر!، فانهمر بدعواتنا ماءً زلالاً يذهب الغشاوة، ويكشف الضر، ويجلي البصيرة فنعرف الحق ونلزمه، وندرك جمال الحياة في بسمة الصباح، وكلمة - صدقة - صادقة تقولها لكل صديق وحبيب وقريب وصاحب فضل:"كل سنة وأنت طيب"، أمنية العيد وطاقته المفتوحة لأبواب السماء، لعلنا بالفعل وبالقول وبمن حولنا نكون كل سنة طيبين، فيذهب الله غشاوة العيون!

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply