بـانت سعاد فقلبي اليومَ معلولُ **** لـم يشفهِ بعدها بَـردى ولا النيلُ
كـانت سعاد تسليني هدايتُهـا **** فـي وحشةِ الدهرِ تحشوهُ الأباطيلُ
وإنّ بـردتَها نـورٌ ومرحمـةٌ **** رَوحُ الـرسولِ عليها اليوم قنديلُ
يا بـردةً قد كفانا القالُ والقيـلُ **** لقـد سئمنـا وهـدتنا الأقاويـلُ
فـي كلِّ فاجعةٍ, مَوّالُـنا دئـبٌ **** حتـى بشـِمنا وملّتنا المواويـلُ
نقـول شِعراً ونثراً كي يقوِّمنا **** على البيانِ مصاقيـعٌ بـها ليـلُ
تَهرّأَ القولُ واشتطت جـوانبُهُ **** علـى المحافِلُ تشـقيه التآويـلُ
تهرأَ القـولُ إعلاماً وملحمـةً **** ومُـزِّقَ الفكرُ أغوتهُ الأناجيـلُ
حيران تنعشه طـوراً إلى أملٍ, **** وتـارة بـالأسـى يبتزّهُ الغـولُ
فكيفَ يحـيا بدنيانا لنـا أمـَلٌ **** وقـد تساوى بها الجُربوعُ والفيلُ
وكيـف نرقى بعلمٍ, باتَ يحكمُهُ **** جهـلُ الجهولِ وضُلاّلٌ معاليـلُ
والصدق أُبعِدَ عـن ميدانِهِ رَهَباً **** وتـوَّجَ الكذبَ بين الناس إكليـلُ
أنكرتُ ذاتي وتاريـخي ومعتقدي **** فقـد عرا الكُلَّ تَغييرٌ وتبديـلُ
أنكرتُ حتى قصيداتي ومااجترحت **** مـن البيانِ توشّـِيهِ التفاعـيلُ
أنكرتُ حتى شـجيراتي وأزهرَها **** وخـاطِرتي فقلبي اليومَ متبولُ
وذاك أني وجـدتُ الكلَّ مـنقـبةً **** يُنـيم عزمي بها زمرٌ وتطبيلُ
بانـت سـعاد بأخـلاق وصالحةٍ, **** وغَـيرةٍ, نخوةٍ, والحزمُ مفتـولُ
بانت سـعادُ بـهابيـلٍ, ومنـهجِـهِ **** وحَلَّ من بَعدُ بالسـوءاتِ قابيلُ
هابـيلُ نحـن قـتلنـاهُ ومنهَجَـهُ **** بصخرِ قابيلَ تـعلوهُ التهاليـلُ
ماذا أقـولُ سـعادٌ باتَ يقـلقنـي **** صِدقُ المقالِ، أداةُ القتلِ سِجّيـلُ
إن قـلتُ حقّاً أحاطـوه بمـأثـرةٍ, **** ويَشنُقُ الحَـقَّ تدجيلٌ وتمثيـلُ
الداءُ فينا نفاقـاً مُزمنـاً وهـوىً **** لولاهُ باركنـا باليُمـنِ ميكيـلُ
والصّدقُ فيـنا رداءٌ نـرتديـهِ إذا **** شئنا المزادَ وثوبُ الأمنِ مسدولُ
والحـربُ فيـنا دكـاكيـنٌ لِمتّجِـرٍ, **** والربـح فيها مفاجيـعٌ مقاتيـلُ
والكـلٌّ معتصـمٌ فيهـا ومنتصـرٌ **** وواقـعُ الحالِ مهـزومٌ ومرذولُ
والكـلٌّ فيها صلاحُ الدينِ عسـكرُهُ **** عن اليهـودِ حسـامٌ منه مغلـولُ
لو كـان معتـصمـاً حقـاً لأرّقَـهُ **** من الأيامى صُراخـاتٌ وتهويـلُ
لو كان حقاً صلاحَ الدين ما غمضت **** عيناهُ نومـاً وقـدسُ اللهِ مكبـولُ
خمسينَ عامـاً نعـاني من فجيعتنـا **** والظلمُ يسمنُ والمظلومُ مهـزولُ
خمسونَ عامـاً يُغـذّي كلّ مؤتمـرٍ, **** من العـروبةِ والإسـلامِ تمثيـلُ
خمسونَ عاماً وإسـرائيلُ تَسـلخنـا **** لا الجلدُ حَسَّ ولا بُصرى ولا النيلُ
خمسونَ عامـاً بها نجتـرٌّ أنظمـةً **** توراتُـهم روحُها والقـلبُ إنجيـلُ
فما حفظنـا بهـا شِـبراُ لمِوطِننـا **** وما اتحدنا وحبلُ الشـملِ مفـلولُ
خمسونَ عاماً ونحـن في تزايـدنـا **** لم نربحِ البيـعَ والدكـانُ إسـريلُ
خمسون عاماً مضت في حَلِّ عُقدتِنا **** وعقّـدَ العقـدةَ اليـومً المخاذيـلُ
خمسون عاماً وقدسُ المسـلمينَ غَدا **** يعلوهُ رجسٌ مداهُ العَرضُ والطولُ
خمسون عاماً عروشٌ هيمنت وهَوَت **** والانقلاباتُ فيهـا الشـاةُ والغولُ
خمسون عاماً لو الأقـوالُ صادقـة **** ألقـى اليهـودَ بقعرٍ, النارِ عزريلُ
خمسون عاماً لو الأفعـالُ ناطـقـةٌ **** لأظفرَ العُربُ في الهيجاءِ جبريـلُ
مليـونُ مشـكلةٍ, حُلَّت بهـا رَغَبـاً **** ومشـكلُ القدسِ تغذوهُ الأباطيـلُ
لم نُصدِقِ القـولَ أفعـالاً ومعتقـداً **** فالصِدقُ منبترٌ والكذبُ موصـولُ
والصِـدقُ آخـرُ منهـاجٍ, نُحكّمُـهُ **** فيمـا نقـول وما تأتي الأفاعيـلُ
تغيّرَ العالـمُ المغلـوبُ واختلفـت **** على الكراسي مخـانيثٌ مهازيـلُ
وقد غزتنـا مبـاد ليس فطـرتُنـا **** تعيشُ فيها وفيها الحَـقٌّ معـزولُ
فلا اشـتـراكيةٌ حـلّت مشـاكلِنـا **** ولا نظـامٌ لرأسِ المالِ مسـؤولُ
ولا عـروبـةُ أوطـانٍ, مجــزّأةٍ, **** يحمي حِماها بظهر البحرِ أسطولُ
لم نلقَ نصراً بها أو نلقَ صالحـةً **** وقد علانا بهـا بـؤسٌ وتنكيـلُ
من يطلبِ النصرَ مفصولاً بِصارمهِ **** عن شِرعةِ اللهِ مخـذولٌ ومخبـولُ
يا ملتقى البردةِ المأمولِ معشـرُهُ **** قم فانتصِر مسلماً فالنصرُ مأمولُ
قاتِل بشعركَ إن مسَّ الحسامَ أذىً **** واسحق بِنثركَ ما تُخفي الأضاليلُ
فالكلمةُ الحقٌّ سيفٌ يسـتظلٌّ بـهِ **** مؤيّدٌ من سـيوفِ الله مسـلـولُ
والكلمةُ الحقٌّ نورٌ يُسـتضاءُ بهِ **** في غَيهَبِ الدهرِ، والإظلامُ مسدولُ
والكلمةُ الحقٌّ نهجٌ للرسولِ تُرَى **** وقـد جلتهـا أحـاديثٌ وتنزيـلُ
والكلمةُ الحقٌّ ميزانُ الذينَ خَلَوا **** مِنَ النبييـنَ في الآنـامِ قنـديـلُ
فالكونُ أجمعُهُ من كلمةٍ, خُلقَـت **** آيـاتُـهُ الغُـرّ تُبديهـا التآويـلُ
فلملمِ القولَ واجعل منه راجمـةً **** يُجـتَثٌّ فيهـا طفـامٌ أو تنـابيـلُ
لم يبقَ منّا سـلاحٌ غيرُ كلمتِنـا **** نصولُ فيها وفيها يُهتـدى الجيـلُ
سـلاحي القولُ لمّا لم يكن بيدي **** سيفٌ أصولُ بهِ في الحربِ مصقولُ
والسيـفُ ماتَ بأيدي المالكينَ لهُ **** إلاّ على صحبِهم فالسـيفُ مخبـولُ
دعـوا المبادي التـي ألقت مراتِعَنا **** في شِدقِ غولٍ, وما تهوى المراذيلُ
تلك المبـادي التـي غاصت بأمتِنا **** فـي كلِّ مسـتنقعٍ, أشـبارُهُ ميلُ
عودي سعادُ. أعيدي بـردةً حَمَلت **** نهجَ الرسـولِ فقلبي فيهِ مشـغولُ
قومي انهضينا كفى عجزاً وجعجعةً **** إنَّ القيامـةَ قامـت والدٌّنـا غولُ
فهـل ألاقي سـعادُ الدينَ ينقذنـي **** وإنّ عِـرضَكِ مرفـوعٌ ومغسولُ
دعي أقاويلَ قد ضِعنـا بها زمنـاً **** فلـيـسَ يُصلحُنـا تلكَ الأقـاويلُ
دعي السياسات لـم تُسأل بفجعتِـنا **** واستلهمي الشّرعَ إنَّ الشرعَ مسؤولُ
هذا مصابي سُعادٌ اسـتجيشُ بـهِ **** فهل شـفاني هـذاكَ القالُ والقيـلُ
فليعلمِ الكـونُ والتاريـخُ أجمعُـهُ **** وليعـلم الحيٌّ والأمـواتُ والجيـلُ
أنَّ الخليقةَ لـن تـلقى سـعادتَهـا **** إلا وقرآنُنا فـي الخَلـقِ موصـولُ