تاج العبر

5.5k
1 دقائق
27 شوال 1428 (08-11-2007)
100%
بسم الله الرحمن الرحيم

يا صَحبُ لا ينقَضِي مما أرَى العَجَبُ *** مَا عادَ يُطربُني لهوٌ ولا لَعِبُ

ما كانَتِ الغِيدُ في قلبي ممكَّنةً *** أو يُذهِبُ اللُّبَّ منّي خَافقٌ وَجِبُ

ينامُ همّي على صدري فتُوقِظُهُ *** منّي التباريحُ والأحشاءُ تلتَهبُ

وأرسلُ الطَّرفَ سبَّاحاً بعبرتِهِ *** فتنثَني خَجَلاً ممّا ترى السٌّحُبُ

والليلُ داجٍ, وأنفاسُ الرياضِ لها *** همسُ الصَّفاءِ وبدرُ التِّمِّ يُرتَقَبُ

وسُمرةُ الليلِ أهواهَا وتعشقُني *** فيستفِيقُ على ألحانِهَا الطَّرَبُ

هذا الدٌّجى قد تَبَدَّى وسطَ مفرِقِهِ *** وشمُ الضِّياءِ فما تجتَالُهُ الشٌّهُبُ

وسَابحٌ أدهَمٌ تُزجَى قَلائِصُهُ *** فأرتوِي أَلَقَاً إن خِلتُهُ يَثِبُ

من فوقِ صَهوَتِهِ آمَالُ صَاحِبه *** وليس يعدِلُها من نَشوةٍ, أَرَبُ

يا من لدَهرٍ, به الآلامُ قد خَجِلَت *** من الدٌّمُوعِ التي كالغَيثِ تَنسَكِبُ

نَوحُ الثّكالى وبَوحُ البَائسينَ ومَا *** خَطَّ اليراعُ وما قد قالتِ الخُطَبُ

وإنَّ قومي لهم شأنٌ وسَابقةٌ *** واليومَ يهربُ من لقيَاهُمُ الهَرَبُ

عَدَا المنُونُ عليهم فاصطَفَى دُرَرَاً *** من الكِرَامِ بغير الموتِ ما رَغِبُوا

فما رأينَا من الأيامِ بعدَهُمُ *** إلا التلَوٌّنَ والأقدارُ تُرتَقَبُ

ما المجدُ إلا صَليلُ السَّيفِ يردُفُهُ *** قلبٌ شُجاعٌ له الأعداءُ تضطَرِبُ

و عَالِمٌ ينشرُ الإسلامَ في جَلَدٍ, *** يبثٌّ عِلمَاً حَوَتهُ النَّفسُ والكُتُبُ

و عَابِدٌ تُرسِلُ الأسحَارُ دَمعَتَهُ *** حتى اشتكت ما تلاقي شَجوَهُ الهُدُبُ

و من جَوَادٍ, له في دَهرِهِ رُتَبٌ *** من المحَاسِنِ أعيَت قومَهُ الرٌّتَبُ

والّليثُ يحسبُهُ الأغرارُ في سِنَةٍ, *** وإذ تبَدَّى إليهِم أنَّهُ غَضِبُ

والصَّقرُ يُحبَسُ والأطيَارُ شَاديةٌ *** والنّجمُ يُهجَى وتسمُو فوقَهُ التٌّرُبُ

والشَّمسُ تحجَبُ في غِربَالِ أنسِجَةٍ, *** من الضَلالِ وأقمَارُ الدٌّجَى غَرَبُوا

إنّي رأيتُ سُيوفَ الهِندِ مُغمَدَةً *** في دَهرِنا واستفَاقَ الصَّخرُ والخَشَبُ

من كانَ في دَهرِهِ يبدي تَبرٌّمَهُ *** فسوفَ تدرِكُهُ في سَعيِهَا النٌّوَبُ

يا من له جنَّةُ الأخرى وضَرَّتها *** امنُن على خَافِقٍ, قد هَدَّهُ التَّعَبُ

واستُر بعفوٍ, وَجُودٍ, منكَ زَلَّتَهُ *** واغفِر جِنَايَتَهُ إذ خانه السَّبَبُ


أضف تعليق