القدس تشهد مجمع الأقوام *** وكأنه حلم من الأحلام
أرض مباركة يدنِّس تربَها *** نسل القرود وثلة الإجرام
جاءت وفود الغرب تسحب ذيلها *** وأتت ملوك العرب والأروام
بالأمس باعوها بأبخس قيمة *** وجنوا ثمار البيع بالإعدام
جمعوا غثاءً كي يبيعوا أرضهم *** حتى رعاة النوق والأغنام
جلبوا الرعاع وكل بائع ذمة *** صنعوا عمالقة من الأقزام
خمس من السنوات تشهد صفقة *** آلت نهايتها إلى الحاخام
وتسلموا بالنقص أول دفعة *** وتعهدوا بقطيعة الأرحام
وتجمعوا لحضور حفل حافل *** أمضوا عليه وثيقة استسلام
وإذا تنكر للبلاد ملوكها *** فهمو أضر لها من الأخصام
جاءوا الأذلة والخنا بوجوههم *** وعلا الجباه مظاهر الإرغام
لا بأس أن تحتل أرض جدودهم *** وبأن تشاد سفارة الأعجام
فالخطب أكبر أن يثار لأجله *** ما قد يعكر سيرهم بسلام
هذا الذي جاب العواصم والدنى *** متأنقاً في ملبس وطعام
يفضي الجفون على جرائم قومه *** ويرى عيوب سواه كالأعلام
وإذا المذابح والجرائم حقه *** وإذا حقوق الناس كالأوهام
حصد الجوائز حيث حلّ أو انتهى *** يصغي الجميع إذا انبرى لكلام
سقط الدعي كما تهاوى قبله ***من قد أتاه الحكم بالإعدام
برصاصة قد جمعت في طيها *** حقد الشعوب وسَورَة الآلام
في القدس لعنات يطامِنُ وقَعُها *** من عزة الأنصاب والأزلام
إرحل عن الدنيا بسيرى حاقد *** يهوى كما تهوى لظى الإجرام
بأس شديد بينكم وتنازع *** لن تستروه بشرعة ونظام
وبقاؤكم في القدس تحت ترابها *** سيكون، لا عيشاً بظل سلام
حرب على الإسلام خضت غمارها *** يحدوك خِزيُ الواحد العلام
كملت لك الدنيا وطاب نسيمها *** والنقص كل النقص في الإتمام
وقطعت وعداً في خطاب حافل *** متبجحاً بتحقق الأحلام
إن الحقيقة أسدلت بستارها *** ومضت وعودُ الزيف والأحلام
هذي الجنازة في حقيقة أمرها *** تبكي السلام على يد الظلام
سيروا ملوكَ العرب في ذل إلى *** حيث الهوان نهايةُ الأقزام