بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله: ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح أنه قال: "ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله - عز وجل - فيها من هذه الأيام ـ يعني العشرة الأولى من ذي الحجة ـ قيل له: يا رسول الله ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء". ما هي الحكمة من تعظيم هذه الأيام وتخصيص النبي - صلى الله عليه وسلم - أن العمل الصالح فيها أحب إلى الله - عز وجل - من سائر الأعمال في سائر الأيام حتى الجهاد؟ ولكم جزيل الشكر
الجواب:
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
هذه الأيام، الأيام العشرة من ذي الحجة هي من أفضل الأيام عند الله تبارك و- تعالى - كما روى الشيخان عن ابن عباس، الحديث الذي ذكرته هذا "ما من أيام أحب إلى الله - تعالى - العمل الصالح فيهن من هذه الأيام يعني: الأيام العشرة". لماذا فضلها الله تبارك و- تعالى -؟
أولا: التفضيل والتخصيص والاجتباء شأن إلهي، من شأنه - سبحانه وتعالى- أن يفضل بعض الأيام على بعض وبعض الشهور على بعض وبعض الساعات في الليل والنهار على بعض، كما يفضل بعض الأماكن على بعض. لماذا فضل المسجد الحرام على المساجد الأخرى، فضل المساجد الثلاثة المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى على سائر المساجد في العالم، ولا تشد الرحال إلا إلى هذه المساجد الثلاثة، وجعل الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة في ما عداه من المساجد إلا في المسجد النبوي والصلاة فيه بألف صلاة والمسجد الأقصى الصلاة فيه بخمسمائة صلاة، لماذا فضل مكة والمدينة على سائر البقاع، هذا من تفضيل الأماكن، وهناك تفضيل الأشخاص لماذا فضل النبيين على سائر البشر، وفضل النبيين بعضهم على بعض (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات) [البقرة: 253] الله من شأنه أن يفضل ويختار ويختص كما قال - تعالى - (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة) فهو يختار من الأشخاص ويختار من الأماكن ويختار من الأيام ما شاء - عز وجل - لأسرار يعلمها هو - سبحانه وتعالى-، أحيانا يبين لنا سر هذا الاختيار، لماذا فضل شهر رمضان على غيره؟ قال: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان) [البقرة: 185] لماذا فضل ليلة القدر على غيرها؟ قال لأنه أنزل فيها القرآن، وقال: (إنا أنزلناه في ليلة القدر) القدر.
ثانيا: لأن هذه الأيام من ذي الحجة هو شهر فضله الله - تعالى - لأمرين: لأن شهر ذي الحجة هو من الأشهر الحُرُم، والأشهر الحُرُم مفضلة عند الله - سبحانه وتعالى- على سائر الأشهر، كما قال - تعالى -: (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حُرُم) وهي: ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، فهذا الأشهر الحُرُم مفضلة عند الله قال - سبحانه وتعالى-: (ذلك الدين القيم، فلا تظلموا فيهن أنفسكم) وظلم النفس محرم في سائر الشهور ولكن في هذه الأشهر أشد حرمة، فالعشرة الأيام الأولى من شهر ذي الحجة مفضلة لأنه من الشهر الحرام شهر ذي الحجة.
ثالثاً: ولأن شهر ذي الحجة بالذات اجتمع فيه أمران أنه من أشهر الحج ومن الأشهر الحُرُم، يقول الله - سبحانه وتعالى-: (الحج أشهر معلومات) هي شوال وذو القعدة وذو الحجة. شوال من أشهر الحج وليس من الأشهر الحُرُم ولكن ذو الحجة اجتمع فيه الأمران هو وذو القعدة فهما من الأشهر الحُرُم وأشهر الحج.
رابعاً: لأن هذه الأيام يقع فيها كثير من أعمال الحج، يوم التروية في الثامن من ذي الحجة ويوم عرفة في التاسع من ذي الحجة، ويوم الحج الأكبر وهو اليوم العاشر يوم العيد، يوم النحر، هو يوم العاشر من ذي الحجة وأفضل أيام السنة في هذه العشرة وهو يوم عرفة فليلة القدر هي أفضل ليالي السنة على الإطلاق، ويوم عرفة، هو أفضل أيام السنة على الإطلاق، كما أن ليالي العشرة من رمضان أفضل الليالي، فأيام العشرة من ذي الحجة فيها أفضل الأيام، فهذه بعض فضائل هذه الأيام العظيمة التي صح في الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التنويه بها والحث على طاعة الله فيها فيستحب فيها الصيام والصدقة والذكر والدعاء والتسبيح والتهليل والتكبير.
والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد والحمدلله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد